عبد الحميد الصائح
موقف الذين يؤيدون (دولة وهمية) اسمها مأخوذ من سرديات الأديان والروايات ، لايثير الغضب فقط بل يثير السخرية أيضاً.
فالأرض كما قرّرها الله سبحانه تتبع للأعراق لاتتبع للعقائد، مزيجها بالجينات والدماء وليست بالأفكار . ولذلك تتشكل ملامح سكان أية أرض في هذا الكون من بيئتها- اشكالهم – طباعهم – حتى تفاصيل وجوههم ولغتهم ولهجاتهم.
بناء على ذلك اختلف أهل الصين عن اهل اليمن وأهل أوربا عن أهل العراق وفلسطين والمانيا ورومانيا والمكسيك وكوريا واي شعب آخر على أرضٍ هي بيئته ولباسه. أما العقائد فهي افكار وانتماءات متغيرة يمكن لجميع البشر اختيارها ولاعلاقة لها بالأرض ، فالأوطان مسلّمات وليست ميعاداً من أحد كما يسوّقون سرديات الدين الملفّقة .
افرض أنّ سكان العراق أصبحوا كلُهم مسلمين أو كلهم مسيحيين أو يهوداً ، هذا لايعني أنّ العراق أصبح دولة لمسلمي العالم أو مسيحييه أو يهوده . العراق للعراقيين وفلسطين للفلسطينيين ومصر للمصريين مهما كانت عقائدهم وحتى كندا او استراليا اللتان تشجعان البشر على الهجرة لأراضيها،هما للكنديين والاستراليين ..وهكذا ..الأرض والأوطان للأعراق وليست للعقائد ، ولايوجد منطق قانوني او الهي يقول:إن هذا الصيني او الكوري موطنه فلسطين بذريعة اتّباعه لدينٍ معين .
في المقابل أيضا المهاجرون الذين يكتسبون جنسيات أخرى لن تكون اقاماتهم أو جنسياتهم الثانية اوطانا لهم.
أي كائن في الوجود طيراً كان أم رجلاً له وطن واحد ، وحين يهاجر من وطنه الأصلي الى آخر لن يصبح بأي حال من الأحوال وطنه لاقانوناً ولا عرفا. ولهذا سُمّي العيشُ في بلدٍ آخر بالتوطين أو الإستيطان، أي أنك تنتقل من وطنك الأصلي الى وطن آخر لن يكون وطنك حتى لو اكتسبت جنسيته .
الذي يحمل الجنسية (المكتسبة) البريطانية أو الأمريكية مثلا هو مواطن بحكم التوطين وهذا ينطبق على الطيور والكلاب والقطط والافاعي والنباتات والاسماك وجميع الكائنات الحية ، حيث يقال ، وطنها (استراليا أو النرويج أو اليمن مثلا) وجلبت الى هنا قبل كذا عام . في بعض البلدان لايحق لحامل جنسيتها المكتسبة المولود خارج البلاد أن يصبح رئيساً للوزراء حتى وان كان من أبوين مواطنَين. ،لانه اكتسبها بالتوطين والدولة ليست وطنه الأصلي .
هذا المبدأ حين يطبق على اسرائيل يكون الموضوع واضحا ، لايوجد وطن في الوجود أسس استنادا الى وعد ديني ، الخلاف ليس مع دين الوطن بل مع وطن ديني مختلف عليه حتى من طائفة واسعة من ديانته ذاتها تلك التي تنكر هذا الاستحقاق تبعا لنصوص وتعاليم دينية كما يرونها.
الذين يربطون إحترامنا لليهودية كدين وخيار عقائدي شخصي بالقبول بدولة اسرائيل تحت هذه الذريعة، وافتعال ثنائيات ومعسكرات غير موضوعية – الشيعة مقابل اليهود – ايران مقابل اسرائيل – التنمية مقابل السلام – حل الدولتين!! انما هم سذّج أومناورون أو مسؤولون مقابل ثمن غامض أو أصحاب آراء سائبة تجري مع هوى المطامع والمطامح . فتلك ثنائيات خائبة، لا الاعتراض على سياسة ايران يعني القبول بسياسة (اسرائيل) ولا اليهود اعداء الانسانية كما يصور السلفيون المتخلفون ثم يستبدلون عداءهم لهم بالشيعة ، ولا السنة العراقيون الكرام يبحثون عن حضن دافيء فيختارون دفء السلام مع الدولة المسخ ، سخافات لا تستحق التحليل والتاويل، سوى أنّ هذا الأمر من صفقات الى ادخال اسم ابراهيم النبي في الموضوع الى المؤتمرات المشبوهة لهوامش المجتمع اصبح سوقاً مشبوهة يتداول اسهمها منحرفون وسياسيون فاشلون عاطلون بلا كرامة ولا جدوى مما يقومون به .فمهما كانت القوة التي تقف وراء ذلك بالسلاح أو المال أوشراء الضمائر لتدجين هذه الخرافة وتطبيعها واعتبارها أمراً واقعا.فانها لن تجعل هذا الأمر الواقع حقيقة يوما ما . الدولة الصحيحة التي تضم الجميع بمختلف قومياتهم وأديانهم على أرضهم التاريخية هو الحل المثالي لنزاعٍ وجودي كهذا، واذا كان بعض الانظمة العربية ومعهم من الرجال والنساء الذين لاقيمة لهم قد فرطوا بالقضية الفلسطينية وخلطوا أوراقها بافتعال مشاكل واضطرابات في بلدان عربية أخرى ، فان الحقائق تبقى ونحنُ وهُمْ زائلون.