*عارف العضيلة
“النظام الحاكم” في الشرق الأوسط .. لا يختلف مطلقاً في معطياته ومهامه وتأسيسه عنه في العالم أجمع. “النظام الحاكم” قد يتم تهميشه أو إلغاءه من الوجود .. بسبب ظروف ومتغيرات سياسية كبيرة ..
ورغم هذا يعيد تشكيل نفسه بحكم الأمر الواقع وهذه سنة كونية .. لا لأحد دور فيها .. حتى حاكم الدولة.
ذكرنا مسبقاً إن تشكيل النظام الحاكم. قد يكون بموجب نصاً مكتوباً. أو عرف يسود .. وفي كلا الحالتين له ذات الصلاحيات والإختصاصات. والنظام الحاكم متغير بحسب الحال والظروف والمعطيات فهو غير ثابت في أشخاصه وأعضاؤه .. يتغير ويتجدد وفق كل مصلحة.
ونستعرض هنا بعض للأنظمة الحاكمة في عدداً من الدول العربية ففي سوريا يكون حزب البعث العربي بمثابة النظام الحاكم في الجمهورية العربية السورية. لأنه أعلى السلطات وأكثرها نفوذاً ولأنه الحزب الحاكم.
وفي دولة الكويت يكون النظام الحاكم بحكم الأعراف السائدة هم ذرية الشيخ مبارك الكبير (مؤسس الكويت) من الذكور ومن من وصلت أعمارهم إلى الأربعين عاماً ..
النظام الحاكم في الكويت ظهر بشكل واضح وجلي في أزمة 2006م .. وظهرت إجتماعاتهم للعلن .. وكان لهم دورهم في تنصيب الشيخ صباح الأحمد حاكماً للكويت وبالتالي المساهمة في العبور بالدولة إلى بر الأمان. وإنتقال سلس للسلطة.
وفي العراق قبل 2003م كان مجلس قيادة الثورة هو بمثابة النظام الحاكم .. في الجمهورية. بحكم الأمر الواقع ..
وفي جمهورية مصر العربية فقد قضت الأعراف المتوارثة منذ ثورة يوليو 1952م. أن يكون المجلس العسكري هو بمثابة النظام الحاكم .. والمجلس العسكري يضم قادة أفرع كافة القوات العسكرية المصرية .. وكان للنظام الحاكم دوره الرئيسي والمؤثر في الأحداث التي شهدتها مصر عام 2011 – وأحداث 2013م .. وكان بمثابة صمام الأمان لمصر ولمحيطها العربي ..
وفي المملكة العربية السعودية أكبر الدول العربية وأكثرها تأثيرها فالوضع مختلف تماماً.
فالنظام الحاكم هناك مزيج بين التشريع المكتوب والأعراف المتوارثة كما مر النظام الحاكم في السعودية بعدة متغيرات وتطورات وفق معطيات كل مرحلة ..
فحين مرت بالمملكة في مرحلة التأسيس أحداث عام 1927م. أسست الجمعية العمومية والتي تكونت من شيوخ القبائل وأعيان الحواضر ورجال الدين. وكانت هي بمثابة أول نظام حاكم في السعودية في مرحلة قبل إعلان التوحيد.
وأدت هذه الجمعية دور النظام الحاكم بنجاح كبير. فكانت المساند للحاكم وأكدت شرعيته ووضعت مقترحات الحل للأزمة .. التي انتهت تماماً عام 1929م. بإنتصار الشرعية.
وفي عام 1953م أعاد النظام الحاكم في السعودية بحكم الأعراف تشكيل نفسه ليتكون من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الكبار ورؤساء فروع أسرة آل سعود الحاكمة ..
وفي مطلع الثمانينات أعاد ذات النظام تشكيل نفسه بحكم الأعراف المتوارثة .. وبحكم العقد والرابط الاجتماعي بين الشعب السعودي والقيادة السياسية العليا. هذه المرة كان جميع أبناء الملك المؤسس قد كبروا وبلغ جميعهم سن الرشد .. فعليه تكون النظام الحاكم من جميع أبناء الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود.
وحيث لا يوجد للأنظمة الحاكمة المشكلة وفق الأعراف إجتماعات رسميه وقرارات وتوصيات ..
لكن النظام الحاكم في السعودية يعقد إجتماعات تشاورية في قصر الصفاء بمكة المكرمة في العشر الأواخر من شهر رمضان في كل عام ..
الإجتماعات كانت في مجملها حبية لأبناء الملك عبدالعزيز مع الملك .. يتناقشون في قضايا الدولة المهمة جداً ويقدمون النصح والمشورة للملك ..
وفي تطور جديد يهدف إلى تحويل الأعراف إلى أنظمة مكتوبة قرر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز. تشريع مكتوب للنظام الحاكم فأصدر قانون (هيئة البيعة) واعطاه الصفة الدستورية. ليكون أحد أهم خمسة قوانين سعودية ..
هذا القانون حول النظام الحاكم السعودي من الأعراف إلى التشريع الدستوري المكتوب. ويتكون النظام الحاكم هذا من جميع أبناء الملك عبدالعزيز أو من يمثلهم من أبنائهم الذكور في حالة الوفاة أو المرض ..
فكان هذا الشكل نموذج متقدم جداً يتناسب وظروف السعودية والمنطقة العربية ويراعي الخصوصية السعودية .. ويبعدها عن أزمات الفراغ الدستوري.
هيئة البيعة أو النظام الحاكم في السعودية يمتلك صلاحيات في أوقات الازمات وخاصة في حالة وفاة الملك وولي العهد في أن معاً ويعطيه الحق في تشكيل مجلس حكم يتولى إدارة شؤون المملكة العربية السعودية إلى حين مبايعة ملكاً جديداً.
إضافة إلى دوره التقليدي في دعم الملك ومساندته وتقديم المشورة والنصح في جميع الأوقات وخاصة في الأزمات.
*كاتب سعودي – رئيس دار مصادر للدراسات والأبحاث الإعلامية