نصير الشيخ
شاعر عراقي
ــ اربعون عاما..ومازال دفق كلماتها ينبض في أعماق الذاكرة،يتكشف شيئا فشيئا..
اربعون عاما..شكلت أبجدية الحب في أسمى معانيه،وما تبعه حـــــروب وكوارث..
فلماذا يضئ هذا النبض إذن..؟ ولماذا لايبقى مجرد ذكرى آفلة تموت على عتبة النسيان؟
هل آن أن أسأل بعد كل هذي الأعـــــــــوام..؟
من يضئ المسرجة هذه..زيتها ماء الذكرى النابع من كلماتها..؟
تغضن وجهي،بعد هذا العمر،والكلمات هي هي في ابتسامتها الدائمة..
تكتب لي بخطها الطفولي الجميل،إحساسها المشبع بالصدق والاشتياق،وهي تعيش تجربة حبها الأولى..فكانت الرسائل هذه أثرا لجمالية الحب في أبهى صوره…
تكتب لي…
((أنت الزهرة الوحيدة التي قطفتها من بين الأزهار،والتي علمتني معنى الحياة.. إن حبك شمعة أضاءت وأنا في مقتبل العمر،ولأني فتاة لاتأخذني الرغبة بعيدا،
ذلك لدي ما أقوله..من السهل الحصول على رجل ولكن من الصعب الحصول
على حبيب. ثمة خوف يتملكني بفقدك ذات يوم،لأن ثمة مثلا يقول{الأزهار الجميلة لاتبقى طويلاْ)) ..
ستكون رسائلك أعز مالدي لأنها جرس يدق في كنيسة روحي،الملأى جدرانها من ظلال كلماتك…وأن حبك شمعة أضاءت وأنا في مقتبل العمر،ولأني فتاة لا تأخذني الرغبة،ذلك لأن لدي ماأقوله..من السهل الحصول على رجل ولكن من الصعب الحصول على حبيب..
أني أذبل شيئا فشيئا،وأحس أن جمالي بدأ ينضب..لقد تلاشت أمنياتي وأصبحت بعيدة..قبلتك لي صارت محض أمنية،ويدك الناعمة لاترفع عني نقاب الزفاف،لن أحس الساعة بأناملك وهي تمسد شعري..أعرف انك حزين،بل اكثرمن هذا معذب…!
…هل ما زال الزمن فيه من الخيال الكثير..
وهل حبنا هو هذا الخيال الذي أقترب من كونه حلم بعيــــــــد…
كيف ننال الخلود…سؤال لم نجد إجابة له كل هذي السنين.
هي كتبت ((إني راحلة لامحالة،ولي طلب أخير لديك..عندما ارحل أرجو أن تذكرني فقط كقصيدة خطتها يدكْ..ولا تجرح عينيك ببكاء كثير،وان تضع باقة ورد ذابلة على قبري،فأنها تمثل حبنا الذي ذبل على مر السنين..كن سعيدا بما ستكتب الأقدار لك)) .
— هل كنا نعيش تجربة رائعة،أم إن أحلامنا أخذتنا صوب الهاوية..
كيف لنا أن نفرق بين الحقيقة والخيال..ففي الحب قد تضيع المقادير…؟
هي تكتب…((هي هكذا أيها الرجل الأوحد،ماالحياة الادوامة تطوي الكثير الكثير،
تمنحنا الشيء القليل،وتأخذ من أجمل مانريد…
أقول لك وللأخير وهذا ماخطته أناملي شعرا إليك..
كل شئ إلى زوالْ..فالزهرة اليانعة المتفتحة مصيرها الذبولْ
والجداول والماء الزلال مصيره الجفاف..والشموع مصيرها الانطفاء،إلا حبك
في قلبي.
وأقول لك أيها الرجل الأوحد..الرسالة هي سطور حية ناطقة،تعبر عنا عما مضى،وعما سيقبل من حياتنا الحافلة بالمسرات والألآم عل حد سواء..قلوب أحبت
فتحطمت همساتها على صخور الذكريات.
الرسائلْ..هي جسور محبتك لي،وهي التذكار الخالد في دفتر أيامي.
الرسائل..هي من تجدد الحب فيما بيينا،فارتعاشه القلم هي سفير حبي إليك
وهي التي تكشف عمق إحساسي تجاهكْ..رسائلك لي تأخذ شكل النبض الذي أتحسسه
عبر كلماتك..فتزيدني بهاءا كأمراة،وتجعل مني أقوى صلابة للدفاع عن طيفكْ…!)).
ــ لماذا يتجدد الحب في تشرين دائما..؟
هل كان مصادفة أن نلتقي مع الخريف سويا،هوببرده اللذيذ ونحن بعنفوان أشواقنا
وزهو رسائلنا.
هي كتبت((حقا لقد عشت معك..بل مع رسائلك أجمل اللحظات وأسعدها…شئ لاينسى رسائلك التي تصل لي في موعدها السرمدي كل مساء ممزوجة ببرد
شتاء..وأمطار في الروح…
أقول لك لقد أدمنت حروفك،وظلال وجهك تمسح خد الأوراق،لتختار نومتها
على وسادتيْ..أي عذاب هذا..بل أي عذاب جميل هذا..؟
ستكون هذه آخر رسالة لك مني..أرجوان تحتفظ بها حتى لو……….
وعليك أن تبدأ من جديد،أيها الرجل والمحب والحبيبْ.
أيها الشاعر الذي دونته الأيام قصيدة على شرفات حياتي..وكانت له الليالي
صليبا يتجدد،لتبدأ الكلمات رحلتها من جديد على يديه..ْ
سوف لن أنساك..هذه كلمتي الشهيدة على مر الأزمنة…
وصيتي إليك..أن تحرق جميع الرسائل التي بيينا،فالنارتطهيروخلود جديد)) ..
…هكذا عشت معك..وان لي أن اغادرهذا البلد…!))……………