سينما الاغتراب… كيف نستفيد منها داخل العراق؟

سينما الاغتراب… كيف نستفيد منها داخل العراق؟

قحطان جاسم جواد

 

سينما (الاغتراب) (المنفى ) (الخارج )قدمت افلام رائعة. حيث استفادت من التقنية الغربية في هذا المجال. فكيف تتم الاستفادة من هذه التجارب في الداخل العراقي؟هذه الاسئلة تدور في ذهني منذ زمن طويل ولااجابة عنها.لذا حاولت ان نثير الاسئلة وتحريك الساكن من خلال تحقيقات ثقافية سينمائية ربما تجيب عن مايدور في خلد السينمائيين العراقيين.
يتحدثون عن الغربة ولايزورون العراق
الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم له رأيه الخاص في الموضوع لخصه بقوله:-
اذا كان السؤال عن الاشتغال السينمائي على موضوعة الاغتراب او المنفى او الخارج، فالموضوع الذي يختاره كادر العمل يفترض انه يتلائم مع توجهه ضمن هدف اخراج لفلم مهم،ومعظم السينمائيين الذي هاجروا يجدون في هذه المواضيع مادة جاهزة لإيصال ما يشعرون به في الاقل، لكن القلة القليلة منهم نجحت في ذلك،لان العين السينمائية المتفحصة، تفرق ما بين الاتكاء على الموضوع،واستدرارالعواطف، وبين ان يكون ثمة طرح جديد يغري المشاهد بمتابعته والانتصار اوالانحياز له،فالكثير يتحدث عن الغربة والمنفى،لكنه الى الأن لا يتجرأ ان يزور بلده ويساهم في نهضته،اوان تكون مواضيع افلامه عن الذي يجري في الداخل،وهذا تناقض كبير،حتى ان بعض السينمائيين الشباب بدأ اعجابه يتراجع عن السابق باسماء سينمائية معينة،وهذا لا يعمم على الجميع، فالبعض جاء وعمل افلامه عن الداخل وكانت افلاما مهمة،مثل تجربة المخرج هادي ماهود،وتجربة المخرج قاسم عبد الذي افتتح كلية للسينما في بغداد،كذلك ممن أخرجوا افلاما ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة.واذا كان السؤال حول التقنية السينمائية فالتقنية متوفرة لمن لديه المال،فأنهم لم ينجزوا شيئا مهما يضاهي الافلام السينمائية المهمة.
واذا كان السؤال حول التقنية السينمائية، فالتقنية متوفرة لمن لديه المال، ولكن هذا لا يعني الاستفادة منها بمجرد الحصول عليها، بل تحتاج الى من يجيد الاستغال عليها، واعتقد ان الكثير من الشباب يجيد ذلك. اما الإستفادة من التقنية او بصمة مخرج ما، فاعتقد للأن لم تتوفر هكذا تقنية أو اسلوبية مميزة لمخرج ما، حتى يتأثر بها او يستفاد من السينمائيون في الداخل.

استثمار الورش الفنية
الدكتور محمد عمر ايوب قال :-
من خلال سحب التجربة الى الداخل ومعرفة الممكنات الابداعية، التي انجزت التجربة بشرط ،تكون بنظام الورش الفنية التي ممكن فيها استثمار الانسان والتقنية بفعل ملموس ايجابي يحقق النقلة النوعية ضمن صياغات نظام الجودة،بما يعني سحب التجربة باستقدام مخرج العمل والكادر الى بغداد.

الحل في استثمار القطاع الخاص

وقال الدكتور ثائر عبدعلي:-
في البدء انا لا اتفق مع العنوان الشائع سينما الاغتراب او المنفى او سينما الداخل والخارج. وارى بان الفن السينمائي فن كوني تواصلي من خلال لغة كونية كلماتها عناصر اللغة السينمائية، وتتميز تلك اللغة بهوية البلد المنتج للغة التواصل، وابرازه كعنصرعلى عنصر اخر، واسلوب طرح تلك اللغة وفق رؤية اخراجية محددة.. اما بخصوص السينمائي العراقي الذي اجتهد كثيرا في الحصول على فرصة اخراج او انتاج فلم سينمائي خارج البلد، وتميزت تجاربهم وتوجت بالعديد من الجوائز والتقييم النقدي المحكم.. ارى من خلال تلك التجارب صناعة امل كبير بنهضة الواقع السينمائي في الداخل، من خلال نقل تلك التجارب والمعرفة الى الوسط السينمائي العراقي، وخلق حالة ايجابية من خلال التلاقح الثقافي والفني والتقني. مما يبلور بيئة سليمة ومناخا صحيا سينمائيا يتطور تدريجياً نحو التميز، بتحقيق اشتراطات الفلم السينمائي العالمي..لكن التطور سيكون بطيئا جداً بسبب عدم وجود البنى التحتية السينمائية في داخل العراق، وعدم وجود الدعم اللوجستي والمعنوي من قبل الحكومة العراقية، وادارات المؤسسات الثقافية المعنية بذلك ، وذلك يعود الى عدم ايمان اصحاب القرار بجدوى الفن والثقافة والهوية المدنية داخل البلد.. الامل الوحيد هو باصحاب المال الخاص والمستثمرين المؤمنين بالاستثمار الثقافي والفني .. بان يقوموا باستقطاب تلك الطاقات الشبابية السينمائية، واستيراد تلك الاجهزة المتطورة ومواكبتها عالميا ،كذلك السعي نحو خلق سوقا تنافسية تسويقية للمنجز الفني السينمائي العراقي ،لتتحقق الاستدامة الانتاجية في هذا المجال . ان ذلك ايضا سيكون صعبا جدا، اذا يبوب ضمن ستراتيجية علمية دقيقة، وبمساعدات ودعم وموافقة الحكومة ايضا لهذا المشروع الوطني الثقافي الستراتيجي. وذلك ربما يكون مستحيلا بسبب وضع العراق الداخلي الراهن. أخيراً ارى بان تلك التجارب السينمائية العراقية المتميزة سواء كانت في الداخل ام في الخارج ستبقى لمدة طويلة من الزمن، تدور في فضاء المحاولات والاجتهادات الفردية الذاتية للفرد السينمائي المجتهد والمؤمن بجدوى الفن والثقافة والحياة المدنية المواكبة للعصر الحديث.

هوى بغداد ينعش تجاربنا
قال المخرج العراقي المغترب قتيبة الجنابي :-في خصوص العراق والعراقيين (المنفى) أحس نحن أمتداد للموجود بالعراق، وكل الافلام التي أتت من تجارب المنفى القسرية هي أفلام عراقية بأمتياز. وهنالك قائمة طويلة عمرها ٤٠ سنة من المحاولات أغلب السينمائيين عينهم كانت صوب العراق (وأنا احدهم) ،لم أبتعد كثيراً عن هوى بغداد وعبق شوارعها رغم وجودي الجغرافي القسري في مكان بعيد . وكذلك التجارب السينمائية للاخرين كانت قريبة من العراق ..والتقنيات الحالية أصبحت مفتوحة للجميع وبدون حدود.

عراقيو الخارج استفادوا من فسحة الحرية
وقال المخرج والروائي اسعد الهلالي :-لم يصنع السينمائيون العراقيون في الخارج ظاهرة سينمائية ولم يتمكنوا من الانصهار في بوتقة الفعل السينمائي الغربي الا في حالات نادرة، لكني اتفق مع حقيقة انهم استفادوا من الحرية الفكرية والفنية للكوادر الغربية ليجتازوا المحدودية التي فرضها واقعنا الاجتماعي والثقافي والفني في العراق، استطاع بعض السينمائيين انجاز تجاربهم في المغترب، واثبتوا انهم ارتقوا نوعيا عما كانوه في العراق، لكن الإنتاج السينمائي مرتبط بآلية يصعب على الكثير من العراقيين اختراقها، الشركات، والأنظمة المرتبطة بمجالي الإنتاج والتسويق.
ولو طرحت تجربتي الشخصية فأرى اني خلال سنوات اقامتي في أوربا، أنجزت بعض الأفلام اعتمادا على جهودي الشخصية. ولم يكن من السهل اقناع المنتجين الاوربيين بدعم مشروعاتي، لأنهم يريدون منجزا يداعب شباك التذاكر ويحصل على المال، أما المنظمات الثقافية الداعمة للإنتاج السينمائي، فلديها أجنداتها التي قد لا تتناغم مع طبيعة الموضوعات التي تناولتها أفلامي، وهذا يعني اني أمام أمرين، أما أن أقدم أفلام ترضيهم، وستكون فاقدة للآصرة مع واقع بلدي وانسانه، أو القبول بحقيقة الاعتماد على جهودي الذاتية لإنجاز ما أريده من أفلام، خاصة أن جهات الإنتاج العراقية بما فيها القنوات التلفزيونية بالغة السلبية في التعامل مع المنجز العراقي في بلد الاغتراب.. ربما ان أردنا الحصول على ظاهرة سينمائية مختلفة في العراق علينا أن نتيح المجال للسينمائيين المقيمين في المغتربات تقديم تجاربهم التي لا أشك في انها ستكون مختلفة.

(Visited 4 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *