القيادة بفعالية : الحلبوسي أنموذجا

القيادة بفعالية : الحلبوسي أنموذجا

د. احمد الميالي

 

ابرزت زيارة رئيس مجلس النواب محمد الحلوبسي الى الموصل ومتابعة مطالب ابناءها الدور الذي يجب ان يلعبه القادة السياسيون في الاستجابة لأصعب التحديات الاجتماعية والسياسية، هذه الاستجابة تعبر عن العلاقة الصحيحة بين القائد السياسي والشعب، فدور القائد السياسي لاينحصر بالشعارات والخطابات اوالتحدث بلسان حال الشعب، بل يجب ان يتعدى دوره في تشكيل الناس والتأثير عليهم وإرشادهم وتلبية ومتابعة احتياجاتهم.
عند متابعة اداء محمد الحلبوسي منذ ان كان محافظا للانبار وصولا الى ترأسه لمجلس النواب العراقي، يمكن التيقن انه يمتلك صفات القيادة ويحمل في تصوراته وتوجهاته معالم مشروع سياسي له مستقبل واعد ، وقد يكون شبابه احد اهم اسباب النجاح ، ومن الاسباب الاخرى هو ان الساحة السياسية السنية طيلة السنوات السابقة افرزت قادة صراع ونزاع وليس قادة بناء وانجاز، وماحصل في الموصل وصلاح الدين والانبار من ارهاب وهدر وفساد وتراجع جزء من اسبابه في الغالب عدم وجود قيادات بناء تحمل في طياتها مشروع مصالحة واصلاح واعمار ، مما اوقع هذه المناطق في ازمات بنيوية متلاحقة.
لم تستطع القيادات التقليدية طرح حلول جذرية اوبدائل لمجموعة الأزمات المستدامة وكل ماطرح هو اما ادارة هذه الازمات بشكل مؤقت او ترحليها دون الاستناد الى مقاربات او خطط استراتيجية مدروسة بمديات متوسطة وطويلة الامد، وغالبا ماتتغلب الرؤية الذاتية والفئوية وسيادة المصالح الحزبية في ممارسات هذه القيادة ازاء الازمات، كما تعمل بشكل مستمر في
التأثير على الواقع الاجتماعي وسحبه باتجاه مظلتها الحزبية والطائفية عبر تعزيز واستغلال غلبة الهويات الفرعية الضيقة على حساب الهوية الوطنية العراقية الجامعة، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على مسألة البناء والاعمار وحل الازمات.
عملت القيادات التقليدية على استغلال سياقات البيئة العراقية المبنية على العواطف والانفعالات ولهذا كانت النتيجة كذلك : قيادات انفعالية عاطفية وليست عقلانية، اذ تأسس هذه القيادة علاقاتها مع البيئة الاجتماعية وفق علاقة تابع تعمل على تغييبه عن الوعي السياسي والاجتماعي ومتبوع متعطش للسلطة يعمل على استدامة هذا التغييب واللعب على اوتاره والايحاء بأنه الخيار الوحيد والافضل، وعملت تلك القيادات المتبوعة بعملية تنميط وتجهيل متعمد للقاعدة الشعبية التابعة لها والمراهنة على ابقاءها غير قادرة على التمييز بين ما هو خطأ وما هو صواب، لتعتقد هذه القاعدة ان مصلحتها هو ما في مصلحة تلك القيادة والعكس صحيح.
حتى القيادات التي تتمتع بالكارزيما في الحقيقة هي ليست قيادة كارزيمية في سياقات علم الاجتماع السياسي انما هي قيادة أبوية مفرطة، تريد تأبيد هذه الابوية لا استثمار الهيبة والنفوذ والكارزيما لتحقيق مصالح عمومية تسهم في بناء الدولة والمجتمع .
ان ضعف وهشاشة القيادة في العراق عموما وفي المناطق السنية وبقاءها في اطر استدامة الازمات والصراعات، وتعطيل عملية البناء والاعمار، واستدعاء التدخلات والتاثيرات الخارجية والعمل على ان يكون العراق فريسة سهلة للتقاطعات الخارجية اعطى مؤشرات للبحث عن قيادات سياسية بديلة وطنية مضادة لهذه التوجهات والنزعات التي تعتاش على الصراع وتفتقد لعقلية البناء.
ولهذا نجد ان القيادات السنية التقليدية تقف بالضد من اي قيادة وطنية شابة تريد ان تطرح مشروع وطني عراقي يتضمن بعدا سياسيا ايجابيا وعقلية بناء واعمار لا عقلية صراع ونزاع وهذا مايتعرض له الحلبوسي، مع ذلك فالمؤشرات الاجتماعية والشعبية والنخبوية تعزز القناعة بان الحلبوسي سيكون رقم حقيقي في السياسة العراقية وسينجح في نيل ثقة ناخبي المكون السني وسينجح في الوقوف بوجه مشاريع القوى المضادة و المعارضة له ولمشروعه وقيادته السياسية المتفاعلة والمتجاوبة مع مطالب ابناء المدن المحررة.

(Visited 12 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *