البروفيسور العراقي عبدالجبار عبد الله اسرار الفيزياء الذرية ورياضيات الجو

البروفيسور العراقي عبدالجبار عبد الله اسرار الفيزياء الذرية ورياضيات الجو

د. علي موسى الموسوي / النرويج
قصاصاته الحبرية المُعتقة، ابحرت بيّ نحو ساعة الزمن الفاخرة، وحملتني بجناحيّ الماضي الذي كان يشبه مزماراً بشرياً نفخت فيه الروح ليتشكل على هيأة كتاب، فبين رفوف هذه المكتبة القديمة التي تجولت بداخلها فتعبقت بكلِ هذا العطر، أستنشقت رائحة العالم العراقي الفذّ عبد الجبار عبد الله (عالم الفيزياء والفلك) وكأن رفوفه كانت تحكي قصص وذكريات الغائبِ عنها بنيابة الحضور حينما يفتح لهم بهدوء نافذة روحه، جعلتني أتمايل معها كما الموج وأرست بي سفنها المؤرشفة نحو حقبةِ “التأريخ” هذه الرواية التي كُتبت بروح أنسانية وجودية، ونُسجت بلغة مرهفة من حرير، كانت فاتنة بما يكفي لتدفعنا نحو قرائتها بشغف، فهي التي رافقته وتركت عليه أثرا ملموسا منذ طفولته بوصفها الكامل كحياة موازية، وأيضا كان يتوسد تلك الرفوف دفاتر ذكريات مركونة بحاجة لمن يمسح الغبار عن جبينها، وأيضا تغفو بين هذا وذاك لوحات وتحف تعكس ملامح الثقافة والحضارة في العراق وبعض الصور القديمة الباهتة الألوان واليتيمة المعالم التي اجتاحتها بلا رحمة رياح الشوق وأستولت على ماتبقى منها لدرجة وجدت نفسي محشوراً بين تلك الرفوف القديمة، احاول بصعوبة ان ارتب ذاكرتي وذاتي معها كلما راودني الشعور النادر ان السطور تتنفس وتتحدث وتصرخ ثم تصمت وتتأمل كل هذا الخراب الجميل.
عبد الجبار عبد الله(1911 – 1969) عالم فيزياء عالمي وفلكي عراقي عالمي، وثاني رئيس لـجامعة بغداد، ولد في قلعة صالح بمحافظة ميسان (العمارة) لعائلة عراقية من الطائفة المندائية وتوفى خارج العراق وهو في الثامنة والخمسين من عمره، أكمل دراسته الابتدائيةوالمتوسطة في العمارة ثم انتقل الى بغداد ليواصل دراسته في الاعدادية المركزية عامي (1928 – 1930)ثم انتقل إلى بيروت والولايات المتحدة الأمريكية لاكمال دراسته الجامعية وحصل هناك على شهادة D.Ss في الفيزياء من معهد MIT وهي شهادة علمية لا تمنح الا للعلماء العظماء، عاد الى العراق وشغل منصب رئيس هيئة الطاقة الذرية العراقية عام 1958 ثم اصبح رئيسا لجامعة بغداد مابين عام 1959الى عام 1963 حيث أقيل من منصبه وأعتقل، ثم غادر العراق إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد مضايقات له وإتهامه بالانتماء إلى تيارات يسارية وهو ما كان محظوراً آنذاك.
وبالنظر الى مستوى عبد الجبار عبدالله العلمي المتفوق تعاقدت معه الجامعة الامريكية التي تخرج فيها ليكون احد تدريسيها في قسم الارصاد الجوي للسنوات 1946 حتى 1949 وبمرتبة استاذ مساعد، ثم اشترك مع العالم الالماني (فون براون) في اكتشاف اسرار القنبلة الذرية في منتصف اربعينات القرن الماضي و تطوير علم وهندسة الصواريخ، وما يؤكد ذلك اختياره مع خمسة من المتميزين خلال مدة الدراسة العليا في الولايات المتحدة للعمل في مكان سري للغاية لمدة سنة ونصف السنة اثناء الحرب العالمية الثانية وكان نتيجة ذلك ان الرئيس الامريكي (هاري ترومان) قلده بـ (مفتاح العلم) الذي كان يمنح لكبار العلماء المتميزين في عطاءاتهم العلمية.
احتل العالم الكبير عبدالجبار عبدالله مكانته الطبيعية بين مشاهير العلماء في العالم، ودخل اسمه في اكبر المعاجم العلمية العالمية، كرس كل حياته وطاقاته الابداعية ومؤهلاته الاكاديمية وسمعته العلمية العالية النادرة في سبيل رقي شعبه ورفع اسم وطنه الذي نبذه وأجبره ان يرحل بعيدا عنه، كان يملك كل ادوات تخاطب الشعوب لغوياً حيث يجيد إضافة إلى العربية والآرامية اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية، له العديد من النظريات العلمية وخصوصاً في مجال الأنواء الجوية حيث ينسب له الفضل الكبير في العديد من الأعمال الخاصة بفرع الأعاصير والزوابع من فيزياء الجو، علماً ان انجازاته العلمية والثقافية كبيرة في حقل اختصاصه حيث جمع بين فيزياء الجو والرياضيات العالية جدا.
نشر اكثر من ثلاثين بحثاً عالمياً في المجلات العلمية الكبرى المرموقة في امريكا واوروبا باللغة الانكليزية وله العديد من المؤلفات في مجال الفيزياء والعلوم باللغة العربية، توفي عبد الجبار عبد الله في اليوم التاسع من تموز عام 1969 في الولايات المتحدة الامريكية، وتم نقل جثمانه الى العراق وفي 13 تموز جرى له تشيع مهيب الى مثواه الاخير في مقبرة عائلته في ابي غريب بناء على وصيته.
نعاه صديقه وقريبة الشاعر العراقي الراحل عبد الرزاق عبد الواحد بقصيدة قال فيها:
قالوا وأنت تموتُ كـانت مقلتاك تُرفـرفانِ
كحمامتين غريقتينِ عن العمـارة تبحثــانِ
وبقيتَ حتى أخرِ الأنفاسِ تلهج في حـــنانِ
لو نسمةٌ هبت بقلعـةِ صالـحٍ لك بالأمــان!
لو نهرُها ناداك أخرَ مرةِ والشّـاطئانِ
لو طوقاكَ فنمت في حُضنيهما والفجـرُ دانٍ
فترى إلى شمسِ العراقِ ومقلتاك تحــدرانِ
مشوبة هي في المياهِ وأنتَ مشوبُ المحـاني.

التعاطي مع الازمات ومواجهتها في ظل الاعلام الهادف
د. خديجة حسن علي القصير
لايخفى علينا ان عالمنا مليء بالازمات التي تواجه المجتمعات المختلفة، وقد تكون هذه الازمات تحدث بصفة دورية او بصفة عشوائية، ومهما كانت طبيعة هذه الازمات فهي تسبب خسائر واضرار كثيرة للفرد والمجتمع سواء من الناحية الاجتماعية او السياسية او الاقتصادية او الادارية بحسب الازمة وتأثيراتها، وقد تؤدي الى خسائر مادية واحيانا بشرية تصيب مختلف المنشأت والممتلكات والثروات البشرية والطبيعية وهذه تؤثر بدورها في مسار التنمية بصورة مباشرة وغير مباشرة على الثروة البشرية للمجتمع وماتمثلة من ركيزة اساسية من ركائز الحركة التنموية.
ودائما ماتعبر الازمات عن موقف وحالة وعملية وقضية يواجهها متخذ القرار في أحد الكيانات الإدارية (دولة، مؤسسة، مشروع، اسرة) تتلاحق فيها الأحداث بالحوادث وتتداخل وتتشابك معها الاسباب بالنتائج، وتختلط الأمور وتتعقد ويفقد معها متخذ القرار قدرته على الرؤية والتبصر.
يبرز البحث دور الاعلام الهادف في مواجهة الازمات التي تواجة العالم اليوم حيث يمثل خط الصد الاول والوسيلة التي تزيد من وعي الفرد وتنبه على ما يدور حوله من مظاهر مختلفة وتم في بحثنا هذا اختيار نموذج للاعلام الهادف تمثل في مجلة رياض الزهراء عليها السلام وكيف كان لها الدور الواضح والمؤثر في مواجهة الازمات والنكبات التي تواجة مجتمعنا وماقدمته للاسرة والفرد في هذا المجال
تعد الأزمة (Crisis) مفهوما” قديما” اصطلاحا” واستخداما وتعني في اللغة العربية: الشدة والقحط ، وأزم عن الشئ أي أمسك عنه ، والأزمة الحمية ، والمأزم هو المضيق (الرازي ، 1979،15)، وهي مشتقة من الكلمة اليونانية (Krisis) والتي تعني لحظة القرار، كما تشير الى معنى التغيير المفاجئ وفي الغالب نحو الاسوأ. وفي الحضارة الإغريقية القديمة فان الازمات هي مواقف تحتاج الى صناعة القرار، والازمات تشكل نقط تحول تاريخية حيث تكون الخيارات والقرارات الانسانية قادرة على احداث تغييرات اساسية وجوهرية في المستقبل.
(البعلبكي،1980،105)
أما تأريخيا فيرتبط مصطلح الأزمة بالطب لكونها لحظة تحول مصيرية بين الحياة والموت تحمل تغييرا جوهريا ومفاجئا وتستدعي قرارا حاسما يؤثر في مجرى الأحداث ، ويكون عنصر الوقت أساسيا في فاعلية القرار. لذا تسبب الأمراض التي تؤثر في القلب أزمة قلبية ، في حين لا يطلق مصطلح أزمة على أمراض اشد خطورة.
أما إصطلاحاً فتعرف بعدة تعاريف نورد منها:لحظة حرجة وحاسمة تتعلق بمصير الكيان الاداري الذي يصاب بها، ومشكلة تمثل صعوبة حادة امام متخذ القرار تجعله في حيرة بالغة فيصبح اي قرار يتخذ داخل دائرة من عدم التأكد وقصور المعرفة واختلاط الاسباب بالنتائج والتداعي المتلاحق الذي يزيد درجة المجهول في تطورات ماقد ينجم عن الازمة (جاد الله، 2010، 6)، في حين يعرفها (Mitroff & Pauchant 1992) بأنها: حالة تمزق تؤثر على النظام كله وتهدد افتراضاته الأساسية ومعتقداته الداخلية وجوهر وجوده. وأخيراً عرفت منى شريف (1998) الأزمة بأنها: موقف ينتج عن تغيرات بيئية مولدة للأزمات ويخرج عن إطار العمل المعتاد
ويتضمن قدرا من الخطورة والتهديد وضيق الوقت والمفاجأه إن لم يكن فى الحدوث فهو فى التوقيت ، ويتطلب استخدام أساليب إدارية مبتكرة وسرعة ودقه من رد الفعل ويفرز آثارا مستقبلية تحمل فى طياتها فرصا للتحسين والتعلم (رفاعي، جبريل، 20)
أما إداريا فتعرف الأزمة بأنها: موقف يواجه متخذ القرار يفقد فيه القدرة على السيطرة عليه أوعلى اتجاهاته المستقبلية ، تتلاحق فيه الأحداث وتتشابك الأسباب بالنتائج” (الخضيري ، 1993، 53) .
تصنف الازمات وفق اراء الباحثين كالاتي:
1. ازمات سطحية وتحدث الازمات السطحية بشكل فجائي لا تشكل خطورة وتنتهي من خلال التعامل مع اسبابها العميقة، وقد تكون الازمات عميقة الاثر ذات طبيعة شديدة القسوة وبناء على مقدار التغلغل وعمق الازمة سيكون تأثيرها كبيراً على المنظمة التي تحدث فيها الازمة. وقد تتحول الازمة السطحية الى ازمة عميقة اذ لم يتم التعامل معها بشكل سليم.
2. ازمات مفاجئة تحدث بشكل عنيف وفجائي وتخرج المسببات المؤدية لها عن الطابع المألوف او المعتاد.
3. الازمة الزاحفة وهي ازمة تنمو ببطئ ولكنها محسوسة ولايستطيع متخذ القرار وقف زحفها نحو قمة الازمة وانفجارها، يصاحب هذه الازمة تهديدا يتحسسه الافراد العاملون بموقع الازمة ولعدم وجود قواسم مشتركة بين العاملين والادارة تحدث الازمة.
4. الازمة المتراكمة، وهي الازمة التي يمكن توقع حدوثها، وان عملية تشكيلها وتفاعل اسبابها تأخذ وقت طويل قبل ان تنفجر وتنمو وتتطور مع الزمن ومن
ثم تكون هناك فرص كثيرة لدى الادارة لمنع حدوث الازمة والتقليل من اثارها قبل ان تصل الى مرحلة واسعة. ولا توجد حلول جذرية لمثل هذه الازمات (اللامي ، ص1).
5. ازمة يمكن التنبؤ بها، تحدث نتيجة اسباب داخلية اذ تكون المنظمة من خلال انظمتها الرقابية مهيئة او قادرة على التعامل مع الازمة، ويمكن التخلص منها بوجود البديل المناسب.
6. الازمة التي لايمكن التنبؤ بها، تحدث بسبب التغييرات المفاجئة للبيئة الخارجية وان سبب حصول هذا النوع من الازمات ضعف المنظمة على مراقبة وتفحص البيئة الخارجية وبشكل فاعل.
7. الازمات الروتينية، تحدث بشكل دوري، وازمات ناتجة عن تعديل القوانين والانظمة وكذلك الخسائر الدورية.
8. الازمة الاستراتيجية، التدهور والتآكل في قدرة وامكانيات المنظمة ويتضح هذا التدهور او التهديد عندما تكون المنظمة غير قادرة على احتواء مايحدث من متغيرات في البيئة المحيطة وتتخذ اجراءات لمعرفة الاسباب ومعرفة مواردها(اللامي ، ص1).
نستنتج مما تقدم:-
– تتمثل الازمات بكونها مواقف غير اعتيادية وغير متوقعة شديدة الخطورة والسرعة ذات أحداث متلاحقة، تتداعى فيه النتائج وتختلط أسبابها، وتهدد قدرة الفرد أو المنظمة أو المجتمع على البقاء. وتمثل محنة ووقتا” عصيبا” لصعوبة اتخاذ قرار غير مألوف في ظل حالة من غياب المعلومات وعدم التأكد والمستقبل الغامض وهذا مايثير ريبة الفرد وقلقه .
– لاتعد الازمات تهديد بمفهومه العام اذا ما وجدت فرصة لإستيعابها والحد منها
– الاعلام كان ولازال وسيلة هادفة بل هو اسلوب الصد لااول لمواجهة العديد من المواقف والازمات التي تصيب المجتمعات ان كان هدفه السعي لكشف تلك الاحداث وتنبيه المجتمعات لها ونقل الخبر الصحيح وعرض الوسائل والادوات التي تساعده للحد من تلك الازمات والكوارث وصدها.
المصادر:
1- محمود جاد الله، دار الازمات، دار اسامة للنشر والتوزيع، 2010.
2- ممدوح رفاعي، ماجدة جبريل، ادارة الازمات، مراجعة محمد درويش،جامعة عين شمس، القاهرة.
3- أحمد هادي طالب، الأُسس النظرية العامة لإدارة الأزمات، كلية الإدارة والاقتصاد/ جامعة بابل
4- غسان قاسم داود اللامي، خالد عبدالله إبراهيم العيساوي، إدارة الأزمات، بلا.ت، بحث منشور عبر الشبكة العنكبوتية.
5- الرازي ، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصحاح، دار الكتاب العربي، بيروت ، لبنان، 1979.
6- البعلبكي ، منير المورد القريب، دار العلم للملايين، لبنان،1980.
7- الخضيري ، محسن أحمد، ادارة الأزمات : منهج اقتصادي اداري لحل الأزمات على مستوى الأقتصاد القومي والوحدة الأقتصادية، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1993 .

 

ديمقراطية العبيد
(العراق إنموذجا)
بقلم /محمد الكلابي
يقال ان الطيور التي تولد في الاقفاص. لا تعرف الطيران ، تماما كما العبيد الذين تربوا في الاقنان لا يفهمون الحرية ،  ففي العراق لدينا عبيد من نوع مختلف تفوق بعضهم على العبد الروماني الشهير سبارتاكوس الذي هرب مع رفاقه  للتخلص من العبودية .
لكن هؤلاء  ارتضوا لانفسهم الخنوع والخضوع لسيدهم .
وما يثير الرغبة في داخلي هو فهم الطبيعة النفسية والمنطق الغريب الذي  يتميز به  هؤلاء العبيد في تقديم فروض  العبادة الذليلة  لأصنامهم .
ليس هناك سبباً  منطقياً يجعلهم يسجدون لأصنام ٍصنعوها  بانفسهم سوى دوافع الجهل  والاحساس بدونيتهم امام اسيادهم .
وتتنوع الاصنام  بين القومي والديني. والمذهبي وفي كل الحالات تجد عبيداً  لديهم نزعات غريبة  غير التملق والنفاق، بل الاستعداد بالتضحيه من  أجل رموزهم .
ليس غريباً على العبيد الذي ادمنوا على الاستكانة ، ان يبرروا افعال  اصنامهم ، وهم  يعلمون بأن قادتهم  ليس سوى سُراق وقتَلة ، يشهد التاريخ  لافعالهم   التي عصفت بالعراق وما تزال تعصف، وتشهد لسرقاتهم بطون الفقراء الخاوية ، وخزائن
الوطن المنهوبة.
افعال هؤلاء العبيد تجعلنا امام حالة صماء. لا يمكن تحليلها و من الصعب الحديث عن التغيير الجذري لها  لان المسألة معقده .
فقد حوَّل هؤلاء الديمقراطية الى مسخ  او دمية يلهبون بها كما تشاء اسيادهم.
لقد انتهكوا قواعد الديمقراطية والحرية وكرامة الانسان .
فالديمقراطية عملية لها  ابعادها ومرتكزاتها  ، كما لها منظروها،وشروط نجاحها  ، لذا لن تنجح  في مجتمعات العبيد والجهلة ، فهي ليست  اصوات تتجمع في صناديق الاقتراع ، ولا هي بطاقة بايومترية  تحمل قوة منع العبيد من التصويت. بل هي ممارسة. اجتماعية  وسلوك حضاري . فهي ليست وسيلة للوصول الى السلطة فحسب بل هي  نظام حكم متكامل .
الحق فيها للاجدر وليس للاقوى ، والحق فيها لم يقدم لشعبه الكرامة والحرية والعيش الكريم ،  ومن الجريمة ان نجعلها وسيلة لانتخاب الفاسدين  على اساس  القومية والمذهب والدين .
حينما نقول ان المكان للاجدر نعني لمن يستحق على اساس الكفاءة والميزات.
كما ان الديمقراطية ليست  دكتاتورية وحكم الاغلبية لاضطهاد الاقلية بل هي اغلبية فرض القانون والالتزام بالدستور من اجل المجتمع والوطن معاً .
نعلم تماماً ان الديمقراطية  لا تنزل من السماء بل تنبت في الارض ومن الارض .
كما نعلم ان ليس هناك مدينة فاضلة سوى في مخيلة افلاطون والفارابي  ومن سار على ايمانهم بمدينة يحكمها الفلاسفة  ، لا ظلم فيها  ولا قسوة ، تسودها العقلانية المتخيلة .
نحن نسعوا الى ديمقراطية الاحرار ، ديمقراطية  احترام القانون  وديمقراطية احتكار القوة بيد الدولة ، ديمقراطية انصاف الضعيف واخذ الحق من القوي عبر قانون ضريبي ، ديموقراطية الحقوق الاساسية للبشر . في التعليم. والسكن والصحة والغذاء
وليست  ديموقراطية  الانحراف والفوضى مثلما وصفها نيتشه.
او كما يعتقد البعض منا  بانها الفوضى والاستهتار .
الديمقراطية هي حكم الشعب المقيد بسلطة القانون تحت قبة البرلمان ضمن تعددية حزبية على اساس  الوطنية المحضة .  فهي اختيار الاحرار وليس رضوخ العبيد .

انماط القيادة السياسية: القيادة التفاعلية انموذجا
د. احمد الميالي
في الماضي القريب اقترنت القيادة السياسية بالسلطة القانونية في اصدار الاوامر للغير واجبارهم على الطاعة وتنفيذ الاوامر حيث كان المركز القانوني والسلطوي للشخص في التنظيم الاداري هو الذي يحدد كونه قائدا، لكن القيادة في الوقت الحاضر، تعددت انماطها واضحت تعني التأثير اراء الاخرين والتفاعل معهم ، بشكل يجعلهم يؤيدون تصوراته ويقتنعون بتوجهاته وسداد رأيه وقوة حجته وسلامة منطقع وليس لانه اعلى منهم مرتبة او اقوى مركزا.
مع ذلك لازالت انماط القيادة التقليدية المحافظة المستندة الى مصادر الهيمنة والتحكم والنمط التسلطي حاضرة رغم انها بدات تفقد بريقها، وبدأت الانظار تتجه نحو القيادة الديمقراطية والاستشارية والتفاعلية، والاخيرة تعد اهم نماذج وانماط القيادة السياسية، وتعني ان القيادة حركية ديناميكية مع المنظومة الاجتماعية والقاعدة الشعبية، اذ انتشار القيم والافكار والمؤسسات الديمقراطية اخذت فكرة القيادة الموروثة تتلاشى ليحل محلها فكرة ان القيادة موجودة في كل طبقات المجتمع، كما ان القيادة لم تعد مجرد قائد يتربع سدة الحكم والسلطة، بل هي علاقة تفاعلية بين عدة عناصر وفاعلين من اجل تحقيق الاهداف والغايات في ظل قيم مشتركة. هذه العلاقات التفاعلية المتبادلة والمتكاملة تجعل من القيادة ظاهرة اجتماعية بل مؤسسة لها كيان معنوي وقيم وتنظيمات واجراءات قد يتم ترجمتها الى كيان مادي بما يزيد من قدرتها على اداء الادوار المنوطة بها، وقدرة هذه القيادة على اكتساب القيمة والاستقرار يقاس بقدرتها على التكيف مع المتغيرات البيئية الداخلية والخارجية، ومحك القيادة الناجحة هو تحويل المثل العليا الى فكرة ومؤسسة لكي يستمر الاصلاح والاداء الانجازي الفاعل، الا ان جماعية الظاهرة التفاعلية لاتنفي حقيقة ان القائد هو الفاعل الرئيسي المؤثر في مجمل التفاعلات التي تتم وتحصل في المجتمع او الممارسة السياسية المتبادلة، ويتوقف ذلك على مدى ديمومة التأثير والتفاعل الحاصل بينهما.
في العراق تبرز الحاجة الى القيادات التواصلية والتفاعلية مع المجتمع والتي تفهم سلوكياته واهتماماته ميدانيا ونفسيا، وتمثل شخصية وسلوك رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي التفاعلي والميداني في الاوساط الاجتماعية والمحلية والنشاط المجتمعي والحراك السياسي بابعاده الداخلية والخارجية نموذجا واضحا لنمط القيادة السياسية التفاعلية.
هذا التوجه والتواصل والتفاعل الحركي الديناميكي لمثل هكذا قيادة يجب ان يُدعم ويُعزز ، لانه يعكس حالة ايجابية مهمة في اعادة الاعتبار للسياسة واحترامها في الواقع الاجتماعي في العراق.

(Visited 105 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *