عارف العضيلة
أبو نضال “صبري خليل البنا” واحداً من أكثر الشخصيات الدموية والإرهابية في القرن العشرين. يصف نفسه بأنه “محور الشر” والروح الشريرة التي تتجول في الظلال وتسبب الكوابيس ..
وأعتبر نفسه أنه من أكبر رموز النضال الفلسطيني وأنفصل عن منظمة فتح الفلسطينية وأسس منظمة فتح – المجلس الثوري .. تنقل بين عدة دول. ونفذ العمليات الإرهابية في 20 دولة وفي جميع قارات الأرض.
وفي قراءة سريعة للتاريخ نلحظ وبوضوح أن أبو نضال ومنظمته الأكثر دموية وعنف. وغالبية عملياته الإرهابية نفذت ضد العرب المساندون الأهم للقضية الفلسطينية ووصل عنف ودموية أبو نضال إلى الفلسطينيين أنفسهم وإلى فتح ذاتها التي توصف يومها بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وبلغت هذه العمليات ذروتها في منتصف يناير 1991م حين نفذ عملية إغتيال ثلاثة من أكبر قياديي فتح. ومن أبرز رموز النضال الفلسطيني (أبو أياد – أبو الهول – أبو محمد العمري).
دموية أبو نضال وصلت أيضاً إلى أقرب المقربين إليه إلى رجاله وأعضاء منظمته فقد مارس أبشع صور العنف والديكتاتورية وأسوء إنتهاكات حقوق الإنسان ضدهم ويقدر مقربون أن أبو نضال قام بتصفية ما يقارب نص أعضاء منظمته. هذا عدا عوائلهم وأصدقائهم وعدا المئات من من سجنهم ومارس التعذيب ضدهم.
ومن المتفق عليه إن أبو نضال ومنظمته قد أساؤا كثيراً للقضية الفلسطينية وعدالتها وأحرج القيادة والشعب الفلسطيني.
أبو نضال شخصيته وتحركاته مجهولة تماماً .. وكما ذكر هو عن نفسه بأنه لن يشاهد إلا وهو ينقل إلى قبره .. وهذا ما حدث فعلاً .. فلم تشاهد صوره الحقيقة عبر وسائل الإعلام إلا وهو جثة خامدة.
وبإستعراض المعروف عنه فإنه بدأ حياته العملية موظفاً في شركة أرامكوا السعودية .. قبل أن يبعد من السعودية بسبب سلوكه الغير منضبط والغير مقبول ..
ثم ينتسب إلى منظمة التحرير الفلسطينية ويعين سفيراً لها في السودان ومن ثم العراق .. وأخيراً أنفصل وأسس فتح الخط الصحيح أو فتح المجلس الثوري. وظل متنقلاً بين العراق وسوريا ولبنان وليبيا.
يذكر عدداً من أقرب المقربين منه في شهاداتهم العلنية للتاريخ أنه كان (بندقية مأجورة) لعدداً من الإستخبارات العالمية والعربية بما فيها إسرائيل. ويستدلون بذلك أنه نفذ عدداً من العمليات التي تصب لصالح إسرائيل والإنتقام من المقاومة الفلسطينية ..
ويذكر المقربون الإختراق الإسرائيلي الذي حدث مع أبو نضال وخاصة في السودان .. ويذكرون العلاقة الاجتماعية التي أرتبطت بها عائلته بعدداً من أكبر رجالات وقادة إسرائيل.
والأغرب في سيرة ومسيرة أبو نضال أنه نفذ عملياته الإرهابية في عدة دول وبنجاح غريب دون أن يرصد ودون أن يجد أي مقاومة أمنية .. ولم يسبق لأي جهاز أمني رسمي أنه أعلن أن أحبط عملية إرهابية لأبي نضال ..
فهذه القوة الغريبة التي يتمتع بها تضع أمامه مئات علامات الإستفهام .. والألاف من علامات التعجب.
وهذا يجعلنا أمام إحتمال (أن أبو نضال رجل العمليات الدموية المأجورة من عدة أجهزة إستخبارية حول العالم) ..
وحقيقة لا نستطيع لا نفي ولا تأكيد هذا .. لكن الأحداث التاريخية والعمليات التي أعلن أبو نضال مسؤوليته عنها وشهادات عدداً من المقربين منه. ما كشف عنه مؤخراً عن إتفاق غير مكتوب بين الإستخبارات الفرنسية ومنظمة أبو نضال .. يجعلنا نرجح وبقوة هذا الإحتمال .. والأكيد أن قيادات الصف الأول الفلسطينية يتقدمهم الرئيس ياسر عرفات قد ضاقوا ذرعاً من تصرفات أبو نضال وخاصة عملياته ضد العرب.. الحاضنون الأوائل والأهم لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وحتماً كشف قادة النضال الفلسطيني الشريف جوانب من أسباب غضبهم على أبو نضال وبقي الجزء الأكثر سرياً .. مما جعل أبو عمار بصفته رئيس منظمة فتح إلى إعلان طرد أبو نضال بشكل صريح ومعلن.
بعد نهاية حرب الخليج الثانية 1991م حيث تبدلت اللعبة السياسية بالمنطقة وتغيرت جغرافيا السياسية وظهرت مؤتمرات السلام العربية – الإسرائيلية ..
بعد كل هذا خفت نجم أبو نضال وأنحسرت عملياته بل وأنعدمت .. وأبتعد أعوانه عنه .. ليستقر به الحال متخفياً في مصر لسنوات قليلة ثم ينتقل إلى العراق .. ويختفي ويختفي أيضاً كل شيء يذكر بأبو نضال ونضاله سيء الذكر .. حتى أواسط العام 2002م حين تم الإعلان في بغداد عن إنتحار أبو نضال بعد أن توجهت إليه فرقة أمنية للقبض عليه بسبب دخوله للعراق بطريقة غير شرعية عبر الحدود الإيرانية وبجواز سفر يمني مزور. هذا طبعاً بحسب البيان العراقي الرسمي ..
وبعد عقدين من الزمان على رحيل أكثر الرجال المسيئين للنضال الفلسطيني. وما زال ملفه غامضاً وسرياً للغاية. قد تكشف الأيام بعضاً منها. وقد يستمر أجزاء من هذا الملف سرياً.