د.طورهان المفتي
بعد دخول القوات الاميركية الى افغانستان في ٢٠٠١ ضمن خطة مكافحة الاطراف الداعمة للارهاب وخاصة بعد ما حصل عدة عمليات ارهابية هناك كانت اكثرها ضررا وقوة ما حصل في يوم ١١ سبتمبر من سنة ٢٠٠١ من هجمات ادت الى انهيار برج التجارة العالمي وتفجيرات في البنتاغون حيث كانت الضحايا لهذه العمليات الارهابية الالاف بين قتيل وجريح ،وعلى هذا الاساس قامت الولايات المتحدة بالتركيز والترويج بما سميت ب(دول محور الشر) وعلى راسها افغانستان والتي كانت تحت ( حكومة طالبان ) الغير معترفة بها دوليا ،لتنطلق اميركا بمحاربة تنظيمات القاعدة هناك ولتدخل حركة طالبان بخط المواجهة ولتكون هناك معارك ضارية واسقاط (حكومة طالبان )في افغانستان وتاسيس نظام سياسي جديد هناك وليستمر التواجد الغربي والاميركي على وجه الخصوص هناك لاكثر من عشرين سنة .
بعد استمرار القتال بالضد من طالبان وحلفاءهم قامت الولايات المتحدة في سنة ٢٠١٠ بادراج حركة طالبان كاحدى المنظمات الارهابية حالها حال القاعدة ومنظمات اخرى وذلك لغرض التضييق وانهاء هذه الحركة والحد من تاثيراتها في افغانستان وباكستان .
يبدو ان الوضع هناك لم تات بنتيجة واضحة في ملف انهاء حركة طالبان و الحد من تعاظم سلطتهم المخفية هناك ،عليه قامت الولايات المتحدة في بداية سنة ٢٠٢١ بتوقيع اتفاقية الجلاء مع طالبان (المدرجة كمنظمة ارهابية لدى الولايات المتحدة) وعلى اثر هذه الاتفاقية بدات اميركا بالانسحاب بدون قيد او شرط من هناك ومن المؤمل الانسحاب الكلي في غضون فترة زمنية قليلة قادمة.
ألآن افغانستان كدولة في قبضة طالبان ، فماذا حصل ولماذا سلمت اميركا افغانستان الى طالبان مرة اخرى ؟وماذا عن الضحايا هناك نتيجة حرب ضروس لعشرين سنة ؟ماذا عن الادراج كحركة ارهابية؟ ماذا عن مبدأ محاربة ( الاسلام المتطرف) ؟ ماذا عن تحول العالم الى عالم اكثر اماناً واستقراراً بعد انهيار ما سميت بدول محور الشر ؟( وهذه الصفة اطلقتها اميركا على دول مثل افغانستان تحت سلطة طالبان ،العراق تحت سلطة البعث ، ودول اخرى مثل ايران ،فنزويلا ، كوريا …. الخ).
هناك عدة احتمالات لما حصل ويحصل في افغانستان:-
الاحتمال الاول
ان الولايات المتحدة وصلت الى قناعة في كوّن الغالبية من شعب افغانستان لم يكونوا بالضد من معتقدات طالبان بالتالي لا يمكن لاميركا محاربة شعب بكاملة وفي ارضه والى متى ؟
الاحتمال الثاني
اعادة خلط الاوراق في المنطقة وفتح بؤرة اضطراب كانت تقريباً مغلقة هناك وخلق احتقان اسلامي-اسلامي في وسط اسيا مما سوف يثبط الدول التي تسعى للنهوض هناك .
الاحتمال الثالث
تثبيط روسيا عالمياً من خلال عودة انشغال روسيا بالحركات المتطرفة في اسيا والتي من الممكن ان تتخذ من بعض جغرافية المنطقة سواء في روسيا او خارجها اساساً لها للانطلاق وضرب المصالح الروسية اينما حلت وارتحلت هناك .
الاحتمال الرابع
فتح جبهة قلق لايران بعد ان لم تات الصراع المعلن في العراق بنتيجة واضحة بصالح اميركا وكذلك الدور الايراني في سوريا والتي تناغم الدور الروسي هناك ،ولا ننسى ايضا التوجه الاميركي باتجاه لبنان .( من وجهة نظرنا سوف لن تنتج اي اشكالية فعلية لطالبان مع ايران حيث يتمتع طالبان بحضور جيد في قطر مما يعني تهدئة الاوضاع مع ايران )
ان السرد اعلاه من احتمالات هي في الحقيقة مجموعة من الاهداف التي سوف تنتح من خلال الانسحاب الاميركي من افغانستان مما يعني ان جميع تلك الاحتمالات سوف تعمل بصورة متوازية ،وامام هكذا مكتسبات فان الولايات المتحدة تغاضت عن كثير من الاهداف المعلنة والاجراءات المتخذة بالضد من طالبان . ذلك ان نتيجة ما سيحصل بعد الانتهاء من الانسحاب الكلي هي حالة تعافي اميركا من مشكلة افغانستان ولايهم ما سوف يحصل في المنطقة وقد تنشغل اميركا فقط بالوضع العراقي وذلك بعد ان تتم تقيم مخرجات الانسحاب الكلي من افغانستان .
انا ماحصل في افغانستان لهو خير مثال على اهمية ان يضع القادة مصلحة بلدانهم فوق كل اعتبار فلا وجود لعدو دائم او صديق دائم فالمصالح تتحكم في جميع هذه المسميات كذلك لاتوجد عند المصالح خطوط حمراء فالجميع مقدسون والجميع منبوذون بنفس الوقت والجميع ايضاً ممكن التعامل معهم حسب ما موجود على الارض والجميع ممكن التخلي عنهم حسب المعطيات التي من شانها ان تساهم في ارجحة المصالح الدولية . فهذه دعوة صادقة لجميع القائمين على الامر بضرورة ترجيح القرارات والمصالح الوطنية وعدم التشبث بمشاريع قد تنتهي بطرفة عين . كما نرى حتمية اجراء الانتخابات المبكرة والعمل الجماعي منذ الان نحو وضع منهاج حكومي تاسس لحكومة جديدة بعد الانتخابات المبكرة تكون قادرة على التعامل ضمن هذه المتغيرات وان لا تكون جزء من المشكلة مما سوف تعيق استقرار البلاد .