السلاح المنفلت: تقويض لبناء الدولة في العراق /  د. احمد الميالي

السلاح المنفلت: تقويض لبناء الدولة في العراق / د. احمد الميالي

د. احمد الميالي
احد اهم التحديات التي تواجه العراق الان هو تحدي انتشار السلاح خارج اطار الدولة ، وهذا مااشار اليه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في زيارته الاخيرة الى فرنسا وحديثه عن تحديات الانتخابات المبكرة ، موضحا ان السلاح المنفلت اهم تحدي ليس فقط للانتخابات فحسب بل تحدي يستهدف امن العراق واستقراره ويعمل على اضعاف هياكل بناء الدولة وتراجع اداء وفاعلية المؤسسات.
وبالفعل يعمل انتشار السلاح خارج اطار الدولة ليس فقط الى انعدام الامن في البلاد بل استفحال التاثيرات السلبية التي تدفع العراقيين الى الارتداد الى الجماعات الاثنية والدينية للحصول على الدعم والاحتماء من هاجس الخوف ، ويعمل ايضا على تكوين مجال ومخيال سلبي لجميع الطوائف العراقية وتعميق الخلافات بينها وزرع الفتنة وشق النسيج الاجتماعي بين مكونات الشعب العراقي. ولازالت هذه التأثيرات وهذه الهواجس موجودة وتعمل على اي تقويض اي فرصة لخلق مجتمع عراقي موحد بهوية وطنية عراقية جامعة بدل الاحتماء بالهويات الفرعية المتنوعة.
ان انتشار السلاح ساعد على ظهور الجماعات الارهابية المسلحة بدءً من القاعدة وصولا الى تنظيم ، داعش واستثمرت هذه التنظيمات هذا المبرر للتحشيد والتمرد ضد النظام السياسي والدولة برمتها وليس ضد تلك الجماعات المسلحة فحسب. وحصل ماحصل من انهيارات امنية وتصاعد الاستياء الشعبي نتيجة ذلك ، ورغم كل ذلك صمدت العديد من المناطق والعشائر المحلية وقاتلت الى جانب الحكومة ضد التنظميات الارهابية في الانبار وصلاح الدين وديالى رغم انها عانت من نقص المعدات والدعم .
بالمقابل لايمكن ان ترسخ رسائل الاطمئنان للجميع وعدم تكرار المشاهد السابقة في ظل انتشار السلاح وازدياد تشكيل الجماعات المسلحة خارج اطار القانون والدولة ، اذ ستزيد مخاطر تدهور الوضع الطائفي واستعداء مكوناتي عشائري محلي . لايمكن ان ينكر احد ان بعض الجماعات المسلحة اندمجت بالدولة وكان لها بعد وطني في تكوينها من مزيج متعدد الطوائف اسهم في تحرير المدن المحتلة من داعش لكن من الواضح ان هذه المواقف وهذا التوجه لم يترسخ ويتفعل لدى جميع الجهات والجماعات المسلحة بسياقها الامني او الحزبي او الاجتماعي العشائري وفي مناطق العراق كافة.
ولمواجهة هذا الواقع لابد من اتباع مقاربة الحوار بدل السلاح ولغة التعايش بدل الاقتتال ولغة السلام بدل الخوف . فعندما ينتشر السلاح خارج اطار القانون والدولة سيغيب الحوار ويتعزز الانعزال وتتصاعد التصورات السلبية والنمطية وتتفاقم مشاعر الشك والعداء والعنف الطائفي، وبالتالي تضعف الدولة ويخفق بناء مؤسساتها .
مايمر به العراق الان من استفحال هذه الظاهرة اشارة مقلقة للحاضر والمستقبل فهنالك مخاوف ليس فقط من اعاقة بناء الدولة ومؤسساتها وتوفير الاعمار والتنمية وانعدام الامن بل من عودة الصراعات والتوترات الطائفية والعرقية والعشائرية بشكل متزايد وبشكل مزمن، واضعاف دعم المجتمعات المحلية للدولة والاحتماء بالجماعات الفرعية والثانوية لتكون المظلة الاساسية لبقاءها ووجودها، بديلا عن الدولة.
الفرصة الوحيدة لتجاوز هذه السيناريو هو ابقاء السلاح بيد الدولة وانهاء وجود الجماعات المسلحة اياً كانت مرجعيتها وهويتها ، وهذا ان حصل سيكون اهم مداخل بقاء الدولة واستدامتها واستقرارها.

(Visited 13 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *