حسين الصدر
-1-
قيل في رجل صبغ لحيته وكان في جبهته آثار لكثرة السجود :
قالتْ وَقَدْ أبْصَرَتْ بلحيتهِ
صبغا وسجّادَةً بجبهَتِهِ
هذا الذي كنتُ قبلُ أعرفُه
يكذبُ في وجههِ وَلِحْيَتِهِ
-2-
وأهدى احدهم هدية لرئيس من الرؤساء وكتب :
يا ايها المولى الذي
عمّتَ أيادِيهِ الجليلهْ
اقبلْ هديةَ مَنْ يَرى
في حَقِّكَ الدنيا قليلهْ
-3 –
قال أميّة بن ابي الصلت في ابن جدعان :
اذا أثنى عليكَ المرءُ يوماً
كفاهُ مِنْ تَعَرُضِهِ الثناءُ
ومعنى ذلك :
انّ ابن جدعان كان يعلم ما يُراد بالثناء عليه من دون ذكرٍ لِحاجةِ الشاعر.
وهكذا هو اللبيب يلتقط الاشارة قبل العبارة .
-4-
قيل لأحد الحكماء :
ما نراك تغتاب أحداً ؟
فقال :
لستُ راضياً عن نفسي فكيف أتفرغُ لِذَمّ الناس وأنشد :
لنفسيَ أبكي لستُ أبكي لِغَيْرِها
لنفسيَ في نفسي عن الناس شاغِلُ
-5-
وقال الشاعر في هجاء أحد البخلاء :
أَنام على السطح أضيافَهُ
وبات يُريهم نجومَ السماءِ
وقد قطّع الجوعُ أمعاءَهُمْ
وإنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثوا بماءِ
-6-
خاطب أحد الصالحين رَبَّهُ فقال :
فليس لي في سواك حَظٌّ
فكيف ما شئتَ فامتحنيّ
فابتلى بعارض صحي ضجر منه فسمّى نفسه كذّابا .
-7-
ومدح أحد الشعراء قوماً فخيبوا ظنه فانطلق بهجوهم فقال :
أفنيتُ شطرَ الدهرِ في مَدْحِكُمْ
ظنّا بِكُمْ أنّكُمُ أهلُهُ
وعدتُ أُفنِيهِ هجاءً لكم
فضاعَ عُمري فيكُمُ كُلُّهُ
وهكذا يبوء المتجه الى المخلوقين أَمْثالِهِ بحاجاته ،وحاشا للخالق أن يرده اذا توّجه اليهمخلصاً صادقاً .
وهنا تكمن العظة .
-8-
ومنم مَنْ شبّه الماء بالماء فقال فيه ( ابن الوردي ) .
وشاعرٍ أوقَدَ الطبعُ الذكاء له
فكاد يُحرِقُه مِنْ فرطِ إذكاءِ
أقام يُجهد أياماً قريحتَه
وَشَبَّهَ الماءَ بَعْدَ الجُهد بالماءِ
-9-
ومن جميل ما قيل في الحريص :
يُفْنِي الحريصُ بِجَمْعِ المالِ مُدَّتَهُ
وللحوادثِ ما يُبقي وما يَدَعُ
كدودةِ القزّ ما تبنيه يُهلكها
وغيرُها بالذي تبنيه يَنْتَفِعُ
وهكذا يحرم نفسه ويكون جمّاعا للآخرين ..!!
-10-
النارُ آخرُ دينارٍ نطقتَ به
والهمُّ آخرُ هذا الدرهم الجاري
والمرءُ مازال مشغوفاً بِحُبّهما
معذّب بين ذاك الهمِّ والنارِ
السعيد مَنْ جعل المال وسيلة لدخول الجنة .
حسين الصدر
Husseinalsadr2011@yahoo.com