عمر الغدامسي
في فيلم فرنسي أعتقد ، تعرف البطل علي فتاة جميلة و بعد كأسي بيرة ، دعته الاخيرة الي بيتها و هو عبارة عن شقة ضيقة في تلك العمارات الاجتماعية الواقعة بالضواحي و التي تسمي HLM. في تلك الشقة تذكر بطل الفلم انه يحتاج لعلبة سجائر، استأذن صديقته لشراء العلبة .. سأعود بعد دقائق.
اشتري البطل علبة السجائر ، ثم قفل راجعا نحو شقة صديقته ، بقي يدور و يجول بين تلك العمارات المتشابهة و الشاهقة بشققها المغروسة داخلها كالأعشاش . عمارات متراصة و متلاصقة في استنساخ مقيت .جدرانها بنفس اللون و واجهاتها بنفس الكيتشالرخيص ، اعياه البحث و لم يجد ما يدله الي تلك العمارة التي توجد فيها شقة صديقته . هكذا انتهت أحداث ذلك الفلم .
بين تلك الادغال من البشر و الاسمنت ، لم يكن من السهل انيلتقيها من جديد ، و لكن ذلك ما حدث فعلا، فالأقدار أكثر رحمة ،أحيانا ، من المعماريين و من بيروقراطيي السكن الاجتماعي .
التقيا صدفة .. وبقيا يحدقان في بعضهما للحظات ، هي صامتة و ملامحها توحي بالخيبة ، حاولت تجاهله و كان ما حدث بينهما مجرد حادث عابر و نسيته ، اما هو فانه لم يعرف من اين يبدأ لتفسير ما حدث .. لن تصدقه . جمع انفاسه و تكفل وجهه برسم كل علامات التأسف المرارة و ذلك ما فعلته ايضا يداه .
حسنا قال لها .. انا حقا خرجت من اجل علبة سجائر و لكنني حينما اخذت طريق العودة الي شقتك حصل شئ مفزع و غريب
همهمت برأسها ببرود مرددة بتهكم ..اه ، حصل شئ مفزع و غريب .. ماهو ؟ هل اعترض طريقك ديناصور او نسيت الشقة مثلا ؟
كلامها يقول بانها لن تصدقه ، فكر للحظات ثم قال لها : لا طبعا ليس هذا او ذاك ، لقد كدت ان افقد حياتي و انا في طريق العودة عندما اعترض طريقي مجموعة من الشباب و سلبوني كل ما املك . و بعدها لم افق الا و انا في المستشفي لاتلقي بعض الاسعافات ثم في قسم الشرطة .
–اه ، شعرت بالخجل و الخيبة ، قلت لنفسي هي فتاة جميلة و رائعة و لو عدت اليها فلن تصدق حكايتي
نظرت اليه مبتسمة .. اصدقك طبعا ، أنا اسكن في تلك الضواحي و اعرف مخاطرها .. أنا سعيدة بالالتقاء معك من جديد
– انا ايضا سعيد اشعر بان الاقدار تهتم بامرنا
– هذا ما اشعر به ايضا .. علها قصة حب ، سنري ما سيحدث ..لننتظر
– حسنا هل يمكنني دعوتك لشرب كأس ؟
– أتمني ذلك لكن علي العودة حالا الي العمل ، ما رايك لو نلتقي غدا . انه يوم عطلتي الأسبوعية
– طبعا حبيبتي .. يوم غد سيكون بعيدا و مع ذلك سأتحملالانتظار
– اتفقنا سأنتظرك في شقتي غدا صباحا .. قالتها ثم طبعت قبلة علي خده و اختفت في الزحام