النخبة السياسية و الحتميات المقدرة/ د. رقيق عبد الله

النخبة السياسية و الحتميات المقدرة/ د. رقيق عبد الله

د.رقيق عبد الله
كاتب جزائري

ان النخبة السياسية في مجتمعاتنا العربية لم تطرح وجودها وفق موضوعها و غاياته، او عبر ما طرحه التراث النظري الفلسفي و الاجتماعي للنخبة السياسية من باريتو و روبارت ميشالز، كارل مانهايم و رايت ميلز الى رالف ميليباند و هابرماس. وانما اكتفت بممارسة الفعل النخبوي السياسي من خلال فعل تاريخي مخصوص فاقد للبنيوية و الهيكلة، واصبحت النخبة السياسية نتاجا لتحولات سياقية محددة بظروف مخصوصة يمكن أن تكون من خارج ما تفترضه الحتميات المقدرة تاريخيا.
ففرضت النخبة السياسية نفسها على أنها الصفوة، و الحقيقة انها لا تشير بالضرورة الى الرقي والتحضّر، بل تأخذ معنى المكانة والتأثير.
ان البنية الاجتماعية للمجتمعات العربية و التي لا يوجد فيها علو الفردانية بالتفرد، وإنما توجد فيها كيانات اجتماعية عضوية مترابطة لا تسمح بتفرد المواطن مقابل السلطة، لان اي تفرد وجوبا يقع ضمن التعاقد الاجتماعي أولا و الديمقراطية و ادواتها ثانية. ان المجتمع المدني و فاعلية الدولة و مؤسستها لم يتمكنوا من الانتصار على البنية القبلية وأدوات ضبطها، و التي تمنع وصول افرادها الى الاستقلالية و التفرد وفق تثبيت حالة الولاء المطلق الذي وجدت النخبة السياسية نفسها في حالة من التسييج الذي يعيق وجودها و كيانها الديمقراطي سواء كانت في المعارضة او في السلطة.
و نتاج ذاك الترابط العضوي
وجدت النخبة السياسية نفسها تتحول من نخبة سياسية الى نخبة حكومية وإدارية يفرضها التعيين او أخرى تسمى نخبة برلمانية نتاج تلك العملية الانتخابية و افرازاتها.
ان النخبة السياسية في مجتمعاتنا العربية عُرفت بما هي ليس و ليست بما هي، فالانتماء الحزبي للنخبة السياسية مثلا لم يخضع لثقافة التنشئة و الممارسة و إنما تبعا للمنفعة التي شاركت السلطة في إظهار حالة الرضى لما تعيشه النخبة السياسية عبر مسارها الفاقد للممارسة و الفاعلية.
فالنخبة السياسية في الحقيقة هي نتاج الفعل الديمقراطي الفاعل الذي يتعدى موضوعها المسار و التزكية الى خلق الرؤى و التجرأ على البناءات الاجتماعية و السياسية و الثقافية لصالح المواطن و ضمير الحقيقة الصوابية و الحكمة.

(Visited 5 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *