مستشفى (عراقي) سبع نجوم

مستشفى (عراقي) سبع نجوم

محمد الكلابي
عندما تُصاب بمرضٍ خطير أو كنت بحاجة لعملية جراحيّة طارئة فعليك أن تتوجه إلى المستشفى الأقرب لمنطقتك، عليك أن تأخذ عدّة الطوارئ، وصفاتك الطبيّة السابقة، سجلك الطبي الكامل يا عزيزي و مطفأة حرائق، علبة مطهّر بحجم لتر أو نصف لتر، بطانية و وسادة نظيفة، كلّ هذه الأغراض ستحتاجها لأنّك ستمكث في مستشفى عراقي ذي سبع نجوم محترقة.
بعد أن تقوم بعمل الفحوصات اللازمة قبل أن يقوم الطبيب بزيارتك للمرّة الاولى خلال الست ساعات التي قضيتها في ردهة الإنتظار ستتوجّه نحو غرفتك في الجناح الخاص لأنّك لا تُريد أن تتعرض لسوء الممارسة الطبيّة في الجناح العام لمستشفى حكومي عام!، تدخل الغرفة المخصصّة لك بعد أن ساعدتك إحدى الممرضات بسبب خمسة آلاف دينار ک  (بخشيش) إجباري حتى تجعلك تستقر في إنتظار بزوغ القمر الطبيب خلال الساعات القادمة، تقوم بتغيير ملاءة السرير ذي الصرير المزعج، تُخرج بطانيتك و وسادتك، تُغيّر ملابسك إلى ملابسٍ فضفاضة تليق بمريضٍ فعلي ثم تضع جسدك الثقيل على سريرك الجديد أو ربّما تابوتك.
يتأخر الطبيب كعادته لأنه مجاهد في السعي خلف المرضى من سوق إلى كافيتيريا بمرافقة طبيبة أخرى لأن المرضى ليسوا بحاجةٍ إلى طبيبٍ جائعٍ أو مُقصرٍ في تجهيز حاجيّات منزله فتتوجه أنت إلى المختبر لتحصل على نتيجة تحاليلك التي أخذها أحد الممرضين بسحب عينة من دمك بعد جعل ذراعك تختبر العلاج الصيني بالإبر لأول مرّة فتجد المختبر خالياً من أيّ محللٍ أو ممرض، تذهب للبحث عنهم فتجد إحداهنّ تجلس أمام أُخرى لتقوم “بحفّ” وجهها مع إقتراب عيد المسلمين العادلين المتقنين لأعمالهم ذوي الرزق الحلال إنسانيّةً و شرعاً فتمتنع عن إزعاجهم في وقت عملهم الرسمي لتذهب للبحث عن مدير هذا القسم الشجاع الذي أفنى عمره في خدمة الصالح العام لتجده يُغازل الممرضة التي أحضرتك إلى غرفتك في ركنٍ بعيدٍ عن ضوضاء المرضى الذين يبكون لآلامٍ غير حقيقيّة فتترك هذا الحبّ السامي يأخذ طريقه لأنّه من ضمن واجبات الكادر العام لهذه المستشفى العريقة فتعود إلى سريرك و تضع مطفأة الحرائق قرب رأسك لأنّك عراقي يا عزيزي، ستتعرض دائماً لحرقٍ أو قتل أو موتٍ بجرعةٍ خاطئةٍ داخل المستشفى التي بُنيّت لرعايتك، هذا نِتاج الثورات الخاطئة غير المدروسة، هذا نِتاج سياسة التسليح بالأموال على حساب الفقراء و الجوعى من سكّان هذا البلد الحمقى الذين لُعِنوا بالموت بعد قتلهم لحكومتهم بدمٍ بارد، بعد وضعهم لبصمة إبهام كافرة مغطاة بدمهم لإنتخاب حكومة تقتلهم علناً بدمٍ بارد، كلّنا سنموت بدمٍ بارد تحت رعاية الحكومة العراقيّة العادلة.

(Visited 23 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *