الملح و الحب في تونس / دارين السماوي  .. كاتبة تونسية

الملح و الحب في تونس / دارين السماوي .. كاتبة تونسية

دارين السماوي / كاتبة. تونسية

قد تتساءل يا صديقي عن ماهية علاقة الملح بالحب في تونس و كيف أنه إذا اعتدل الملح في بلادي زاد الحب. و قبل أن أتعب رأسك بالبحث عن العلاقة بينهما و كيف أنّ كلاهما إذا إعتدل كان طعمه أحلى و أجمل سوف أريحك و أجيبك، العلاقة ببساطة في كلمتين لا ثالث لهما و هما “حق الملح” و حق الملح يا صديقي هي عادة تونسية بحتة متأصلة منذ عصور في مجتمعنا و تهدف هذه العادة إلى تكريم المرأة في عيد الفطر إعترافا لها بالمجهود الذي بذلته طوال شهر رمضان المبارك و ترمز تسمية حق الملح (ثمن الملح) إلى اضطرار الزوجة لتذوق الطعام و هي صائمة دون أن تبتلعه حتى تتأكد من اعتدال ملوحته و حتى يأكله زوجها و أولادها و يستمتعون بطعمه اللذيذ و ملحه المعتدل. و يتمثل حق الملح في هدية يقدمها الزوج لزوجته صبيحة عيد الفطر المبارك و عادة ما تكون هذه الهدية قطعة ذهبية أو فضية حسب مقدرة الزوج و تقدم الهدية في طقوس جميلة خاصة بها حيث تستقبل الزوجة زوجها بعد عودته من صلاة العيد و هي في أبهى زينتها و تقوده إلى مجلس رتّب له خصيصا لتقدم له القهوة و الحلويات كضيف عزيز مبجل و بعد أن يشرب الزوج قهوته يعيد الفنجان و قد وضع داخله قطعة ذهبية، هذا إن كان مقتدرا و إلاّ فقطعة فضية تفي بالغرض و يجلس الزوج و زوجته يتبادلان أطراف الحديث بمودة و رحمة و محبة في لحظات يرفرف فيها الحب و الاهتمام و العرفان بالجميل عليهما ليزيد تعلقهما ببعض و ليكبر قدر كلّ منهما في عين الآخر. “حق الملح” عادة جميلة تميزت بها تونس عن بقية البلدان و مارسها الآباء و الأجداد على مرّ العصور والان يحاول كل من التونسيون و التونسيات حفظ هذه العادة الجميلة من الاندثار في ظلّ ظروف معيشية أصبح فيها الذهب بالنسبة لبعض العائلات بمثابة الحلم الجميل الذي لا يمكن أن يتجسد دائما على أرض الواقع و قبل أن تخبأ يا صديقي الصحيفة حتى لا تقرأ زوجتك الجميلة هذا المقال و تطالبك بحق الملح أقول لك أنّ حق الملح لا يجب أن يكون بالضرورة ذهبا أو فضة بل يمكن أن يتجسد في نظرة حنان من عينيك تبعث بها لزوجتك رسالة تقول فيها بأنك تحبها أو كلمة رقيقة تعزف بها على أوتار مشاعرها أو لمسة حانية تنسيها كل المتاعب و الإنكسارات، ليس بالضرورة أبدا أن تعطيها حق الملح يكفي يا صديقي أن تبقي على العشرة و “العيش و الملح” . كما أنّي أريد أن أهمس في أذن كل إمرأة تقرأ المقال و أقول لها قبل أن تتطالبي زوجك يا صديقتي بحق الملح أو ما شابهه، أعطه حقه في الاهتمام و الإحترام و أقفلي أبواب النكد و الغيرة و المطالب المجحفة، إجعلي أيامه حلوة عذبة و اعطه أنتِ”حق السكر” ليعطيك هو “حق الملح” .

(Visited 20 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *