البحث عن إجابة في زحمة العتمة… عبد الستار الجميلي

البحث عن إجابة في زحمة العتمة… عبد الستار الجميلي

                                                       أ.د عبد الستار الجميلي

    وصلت الأزمة الى الذروة وحصل الصدام المسلح كما كان التوقع أو التخطيط.. والضحايا بالمئات بين شهيد وجريح بلا معنى وبلا مبرر.. والعنوان بدون أي تجميل للصورة: الصراع على السلطة والغنيمة، بالقوة والغلبة. في إطار نظام ديمقراطي مفترض، شهد خمسة مواسم إنتخابية لم يخلوا أي واحد منها من أزمة وتشظي وإنقسام وخلاف على من يتولى هذا المنصب أو ذاك..

    لكنّ الثابت في هذه الأزمات المتتالية: الإصرار على المحاصصة الطائفية والعرقية والكتل العائلية والقرابية.. وتحييد الشعب تماما عن معادلة السلطة والثروة، إلا من خلال أقل من نصف يوم في كل موسم ليعبر الشعب شكلياً عن إرادة هي مسلوبة أصلا أو مصلوبة بحبلي مرحلتين: رماد الديكتاتورية وحطام الطائفية والعنصرية.

    ومع الأزمة تعمقت أزمة النظام بأشد ضراوة، أزمة شرعية هي بالأصل مجروحة بالإحتلال ومفككة بالمحاصصة الطائفية والعرقية.. وأزمة إنتماء وولاء بين هوية جامعة بحقائق الجغرافيا والتاريخ والإجتماع، وهويات متخيلة مصنوعة بالوهم أو الخديعة أو التشوهات الجنينية في التاريخ، وفارغة من أي جذر معرفي أو شرعي أو منطقي.. وأزمة حكم فشل في إدارة الدولة والأزمات وإدارة العلاقات الداخلية والخارجية.. وأزمة وعي بفكرة الدولة ومنطقها وضروراتها وهيبتها المرتبطة بإحتكار مصادر القوة والسلاح وفرض القانون.. وأزمة إستبداد(( ديمقراطي)) مبني على القوة والغلبة والكراهية والإقصاء ومحاصصة المكونات الوهمية المغلقة، ويفتقر إلى أبسط قواعد العدالة السياسية والإجتماعية وإحترام ارادة الشعب صاحب السيادة والسلطة معا.. وأزمة فساد مقنن ميدانه ومحله المال العام المستباح بمنطق مجهولية المالك وسيكولوجية الحرمان.. وأزمة تبعية للخارج محكومة  بالقابلية للإحتلال والإستعباد معا،مخبوءة تحت عباءة حفظ الطائفة أو العرق أو دبابات المنقذ..

    فما العمل؟ وكيف؟

    الحلول الموسمية وبيوع الوعود والآمال الزائفة لم تعد تنطلعلى أحد، فلابد من الذي لابد منه..؟

    إستحقاقات التغيير مستكملة لشروطها الموضوعية: عدالة توزيعية ممزقة بين فقر مدقع وغنى فاحش.. وإستبداد شغله الشاغل مصادرة الإرادة والأمل معا.. وفساد كما السرطان ينتشر في أدق التفاصيل وفي العمود الفقري للدولة.. وقرار وطني مصادَر لحساب أجندات دولية وإقليمية.. وشلل في مفاصل الإدارة والخدمات.. وإنهيار في منظومة القيم أبرز تجلياتها أنّ50% من شباب العراق يتعاطون المخدرات وفق الإحصاءات الرسمية.. وأزمات سياسية وأمنية وإقتصادية وصحية مستمرة تستهلك الثروات والطاقات وقبلهما الحياة..

    وزمن يستنزف العمر ويكسر الأحلام.. وغربة داخل الوطن تخنقها غصة المواويل التي ضاعفت الحزن العراقي الساكن في أعماق الروح حزنا جديدا أكثر إيلاما..

    ودماء زكية وغالية تُسفك بين فينة وأخرى على مذبح السلطة والغنيمة والغلبة..

    لكنما الشروط الذاتية تعاني من تحقق مؤجل على وقع التمزق والشتات والإنقسام والأنوية المفرطة في نسيج عناكبها حول الذات المتضخمة المفارقة للواقع والموضوع معا، وبالتالي ضياع البوصلة الوطنية المصابة بعطل التزاحم على من يكون الأول في سلم الصعود إلى أمجاد زائفة، فيما الشعب تتزايد معاناته مع كلّ يوم يمر على صعوبات لقمة العيش ومخاوف الأمن والقلق الذي يبدد الآمال.. والوطن يئن تحت سنابك عقوق ابنائه ومتوحشي الإرهاب وخناجر الطامعين من كلّ حدب وصوب..

    فمن هي القوة القادرة على إقتحام سدود وتراكمات وأنفاقالإستبداد والفساد والتبعية لكتل بغداد وأربيل؟

    ذلك هو سؤال تراجيديا العراق المستمرة؟؟؟؟

1

(Visited 42 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *