د.احمد عدنان الميالي
يعد النظام السياسي المستودع والممر الاساس لعملية اصلاح وبناء الدولة، فكلما كان هذا النظام مصمماً بشكل يعكس استيعابه للدولة ومؤسساتها ومواطنيها، ككل وليس معبرا عن الخصوصيات الفردية والذاتية للجماعات والافراد، كلما كانت عملية البناء محفزة وفاعلة، اذ تتاثر كل المجالات والابعاد الاخرى المذكورة بطبيعة النظام السياسي، كالنمو الاقتصادي والاستجابة للمطالب والشفافية في الاداء.
لايمكن ان تسير عملية بناء الدولة الفاعلة في العراق بشكل صحيح الا اذا سارت بشكل متوازي مع عملية تصحيح اختلالات وعقبات النظام السياسي حتى تستكمل مسارات التحول الديمقراطي بالمجالات كافة، لان صمود واستدامة مسارات البناء الاخرى ستكون موضع شك وتزداد فرص فشلها.
ولهذا على القوى والقيادات السياسية ايلاء مسألة اصلاح النظام السياسي وفق السياقات الدستورية والقانونية بما ينسجم مع الواقع العراقي ومتطلباته اولى الاولويات والاستحقاقات التي يجب ان تركز عليها هذه القوى، اما باستحداث نظام سياسي جديد يتفق عليه، يتجاوز اخفاقات النظام البرلماني الحالي، او تعديل هذا النظام وتقويمه ومعالجة الاستعصاءات الماثلة في تطبيقاته الدستورية والسياسية بما يعمل على موائمته للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، ويختزل كل التناقضات والتقاطعات والحساسيات والانسدادات والتفسيرات الخاطئة لطبعية هذا النظام، ويقتضي في هذا الحال اجراء تعديلات دستورية جوهرية.
وتتطلب عملية تصحيح الاختلالات وهو السيناريو الاقرب للواقع ، من خلال مراجعة الدستور العراقي، فالدستور هو الورقة الاهم التي تحدد كل شيء في الدولة وتقود عملية البناء والاستقرار والاستدامة فيما بعد، فالدستور هو القانون الاعلى الذي يحدد القواعد الاساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة وينظم السلطات العامة فيها،
قدر تعلق الامر في العراق يجب ان يتم العمل اما على اجراء تعديلات جوهرية لكل الثغرات التي اختبرتها الممارسة السياسية مع تكييفات قانونية قادرة على مواكبة التحولات الاجتماعية والسياسية التي مر بها العراق بعد ١٩ عام من تغيير النظام السابق، وحسم العديد من المواد العالقة والقابلة للتأويل ومنها المادة 76 المتعلقة بتفسير الكتلة النيابية الأكثر عددا لجعلها منسجمة مع النظام الانتخابي الذي تم إقراره، والذي افضى إلى اعتماد آلية النظام الفردي لأعلى الأصوات ذو الدوائر المتعددة في المحافظة الواحدة لحسم إشكالات تشكيل الحكومة وقبلها تكليف رئيسها، وأيضا حسم المادة 65 من الدستور المتعلقة بمجلس الاتحاد ليكون النظام برلماني فعلا، لا نيابي فقط، والنظر بمسألة الفيدرالية ومجالس المحافظات وقضية العلاقة بين الإقليم والسلطة الاتحادية والمحافظات وإعادة رسم هذه العلاقة بما ينسجم والواقع السياسي الحالي، ومنها المادة 140 والمواد 111 إلى 115، وكذلك إعادة النظر بالمادة 81 والمادة 61 و 64 المتعلقة بتوضيح آليات استقالة الحكومة، وسحب الثقة منها ودور رئيس الجمهورية والمدد الدستورية وماهية بدائل عدم الالتزام بتلك المدد وماذا يحصل، وأيضا تثبيت وضع حكومة تصريف الأعمال وتكييف وضعها الدستوري والقانوني، والأهم من ذلك كله رفع الفيتو الوارد في المادة 142 الخاصة بتعديل الدستور ورهنه بإرادة ثلثي ناخبي ثلاث محافظات وجعل التعديلات الدستورية بأغلبية النصف زائد واحد لجميع ناخبي محافظات العراق ليتحول الدستور العراق من دستور جامد إلى دستور مرن حيوي بالإمكان تعديله حسب المعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
هذه التعديلات ضرورية لسحب بساط عجز الطبقة السياسية الحالية عن تطبيق الدستور كما هو، فهي تستغل الثغرات فيه من جهة، وتنتهكه من جهة أخرى، ولم تقدم تنازلات أو حلول ، وفي حال الوصول الى حالة العجز في تعديل الدستور بسبب الفيتو الجغرافي او فيتو الثلث المعطل الذي يحتاج الى معالجة فيما يخص النصاب اللازم لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اضافة الى نصاب الثلثين اينما ورد في الدستور خاصة نصاب تشريع قانون المحكمة الاتحادية ومجلس الاتحاد، فبالامكان الاتفاق السياسي على انجاز ملحق اضافي للدستور يتضمن مجموعة من القواعد الدستورية وفقا لقواعد تعديل الدستور النافذ بموجب المادة ١٤٢ منه تراعي ماجاء في المادة ١٢٦، يعالج كل الارتباكات والغموض للمواد القابلة للتأويل ويعمل على اجتراح مرحلة سياسية جديدة تتضمن احتواء مطالب واحتياجات الشعب العراقي من حيث شكل النظام السياسي ومخرجاته بشكل كامل وعرض هذا الملحق على الاستفتاء، والعمل على تطبيق هذه التعديلات الواردة في هذا الملحق.
اصلاح النظام السياسي وتعديل الدستور / احمد الميالي
(Visited 7 times, 1 visits today)