شمال شرق:
*عارف العضيلة
رجل الغموض .. رجل الرعب .. السلطان الأحمر رجل عبدالناصر الأقوى .. رجل الأسرار–مؤسس دولة الرعب في سوريا .. مؤسس الإستخبارات السورية.
أول سوري تصل يده القوية إلى لبنان ..
بإختصار هذا هو عبدالحميد السراج .. أبن حماة السورية وأحد أهم وأقوى الضباطالعرب .. وواحداً من أهم الشخصيات السياسية العربية في العصر الحديث .. وقد لا يوجدرجل تمتع بالسرية والغموض أكثر منه.
ولأنه رجل ظل .. ومبتعد تماماً عن الظهور حتى وهو في أوج قوته ونفوذه كأنه ينفر منالإعلام .. وبعد إبتعاده عن المناصب الرسمية أبتعد وأختفى تماماً. لدرجة أنه نسي تماماًولم يذكر إلا حين إعلان نبأ وفاته.
عبدالحميد السراج بسبب غموضه الشديد .. من الممكن أن يتهم بكل شيء وأي شيء إلابصدق عروبته وإنتمائه العروبي وإخلاصه الشديد للأمة العربية ومصالحها العليا.
حين أندلع العدوان الثلاثي على مصر .. نفذ السراج عملية قوية قصد منها النيل والإضرارببريطانيا .. حيث تولى التخطيط والتنفيذ لتفجير أنبوب النفط الرابط بين العراق مروراًبسوريا وإنتهاءاً بالبحر الأبيض المتوسط حيث تشحن البواخر البريطانية بالنفط وتنقلهإلى أوروبا .. فكانت هذه العملية ذات أثر كبير ومؤثر في سير العمليات القتالية التيتقودها بريطانيا مع حلفائها الفرنسيين والإسرائيليين ضد مصر.
أعلى المناصب التي تولاها كانت منصب نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة .. الذيبقى به لفترة بسيطة قبل أن يتقدم بإستقالة للرئيس عبدالناصر ثم يقرر الإختفاءوالإبتعاد عن الأضواء تماماً.
عاش السراج في فترة زمنية مهمة للغاية في عمر العرب .. وكان طرفاً هاماً ورئيساً فيصناعة جزء من أحداث تلكم المرحلة الشديدة الحساسية. بزغ نجمة كأحد الضباط الأكفاءليكلف بمهمة تأسيس المكتب الثاني (عرفت لاحقاً بالإستخبارات السورية) ونجح فيالمهمة بإقتدار.
لم تعجبه ولم تجذبه أفكار البعثيين العرب لكنه أعجب وأغرم بالناصرية وبجمالعبدالناصر.
ساهم في بداية مشروع الوحدة بين مصر وسوريا. وكان السراج أحد صناعة الأقوياء وأدىأدوراً هامة للغاية في هذا السبيل ..
تكللت بالنجاح وبإعلان الوحدة .. ولأنه الرجل القوي والأمين فقد عينه جمال عبدالناصروزيراً للداخلية في الأقليم الشمالي .. إضافة إلى أنه منح تقريباً صلاحيات الرئيس فيهذا الإقليم ..
حرص الرئيس عبدالناصر كثيراً على أن يكون السراج بجواره في خطبه وجولاته الهامة. وبهذا يتم تبليغ رسالة مفادها أن عبدالحميد السراج أحد أهم وأقوى الأعوان لجمالعبدالناصر ..
بعد إستقالته من منصب نائب الرئيس ومغادرته إلى سوريا حدث إنقلاب 1961م فيسوريا .. وتم القبض عليه وأودع في معتقل المزة ومورست ضده عمليات تعذيب ممتهج ..
لم يرضى الرئيس عبدالناصر بهذا وأمر كبار قادته تنفيذ عملية إستخباراتية لإنقاذالسراج من معتقله. أشرف عليها وتابعها عبدالناصر بنفسه.
وفعلاً نفذت الإستخبارات المصرية عملية نوعية ومهمة تكللت بالنجاح .. وأستقبلعبدالناصر رجله القوي عبدالحميد السراج في قصر الرئاسة وسط حضور كاميراتالإعلام ..
فأصدر عبدالناصر أمره الرئاسي بإعتبار عبدالحميد السراج مواطناً مصرياً من درجةخاصة وعينه رئيساً للمؤسسة العامة للتأمينات والمعاشات.
ثم أختفى تماماً عن الأنظار .. ولا يعرف هل كان المنصب الذي منح له شرفي ولا كم أستمربه؟!. ولا يعرف ظروف حياته ومعيشته وخاصة؟!. بعد وفاة الرئيس عبدالناصر.
أختفى تماماً ونهائياً عن المشهد .. حتى تم إعلان وفاته في أواخر العام 2013م.
مات عبدالحميد السراج غامضاً كما كان في سنوات مجده غامضاً. ومات وأختفت بموتهالكثير من الأسرار في مرحلة مهمة من تاريخ العالم والمنطقة ..
الأكيد أنه ظل وفياً لعروبته ووفياً لجمال عبدالناصر حتى بعد وفاته.
ومن يدري؟ فقد يكون السراج خلال عزلته الطويلة قد كتب شيء عن المرحلة التي عاشهاوالتي كان هو أحد أبطالها ..
قد يظهر أحد من أفراد أسرته يعلن ذلك .. وبالفعل فهذه أمنية نتمنى أن تحقق ..
لأن صدر عبدالحميد السراج هو بمثابة صندوق كبير من الأسرار شديدة السرية.