د.احمد الميالي
عند متابعة الحراك السياسي المرتبط بالاستعداد للانتخابات البرلمانية القادمة للقوى السياسية، نرى ان معظم هذه القوى تستخدم اسلوب الدعاية الانتخابية القائم على اساس الشعارات والوعود النمطية المرتبطة بالزيارات الميدانية واستخدام وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي للنيل من المنافسين، وبعض هذه القوى لايملك مايقدمه لناخبيه في اطار الاستعداد للانتخابات ويعول البعض الاخر على القضايا والهواجس الطائفية والخوف من الاخر وتوظيف التاريخ والماضي لاستعادة موقعها في العملية السياسية، في حين بعض القوى السياسية تمتلك فعالية الاداء الانجازي الذي قدمته لقواعدها وجماهيرها وهي لاتحتاج الى اتباع سياقات الدعاية الانتخابية القائمة على استحضار الطائفية والماضوية والتسقيط السياسي، بل تقديم وتسويق نماذج من منجزاتها في البناء والاعمار والتواصل مع الجمهور والاستجابة لمطالبهم ليس ابان فترة قرب الانتخابات بل من خلال وجودها في المواقع السياسية والتشريعية والتنفيذية.
ويمثل تحالف (تقدم) الذي يقوده رئيس مجلس النواب (محمد الحلبوسي) هذا النمط من القوى السياسية التي تمتلك شرعية الانجاز على الواقع ولا تحتاج الى الدعاية الانتخابية المبكرة القائمة على لغة الوعود والشعارات، كما ان استعداد هذا التحالف للانتخابات يركز على اهمية الانتخابات نفسها ، واخرها ماتم التاكيد عليه في اجتماع تحالف (تقدم) لمناقشة الواقع الانتخابي في المرحلة المقبلة وضرورة توفير البيئة الآمنة لإجراء الانتخابات، وضمان شفافية ونزاهة الاقتراع، والتأكيد على دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في مراقبة العملية الانتخابية، من أجل نجاح الممارسة الديمقراطية واعادة ثقة الناخب بها وزيادة نسبة المشاركة.
محاولات الاتهام والنيل من هذه الحراك والاستعداد عبر ربطه بالدعاية الانتخابية المبكرة لايفسره الا اخفاق هذه القوى في تقديم مثل هذا النموذج من الاداء والاستعداد لناخبيها الذين فقدوا الثقة بها.
الاستجابة للمطالب وتقديم مايمكن تقديمه للناخبين اذا كان مستمرا طيلة الدورة البرلمانية ولحين قرب الانتخابات لا يعني دعاية انتخابية مبكرة ، انما استمرار لتدعيم هذا الاداء ولامانع قانوني او دستوري من التسويق لهذا الانجاز لان الواقع والناخب هو الذي يقرر فيما لو كان هذا التسويق مجرد شعارات تقع في نسق الدعاية الانتخابية ام استمرار للاداء الانجازي لتحالف (تقدم).
شخصيا اعتبر استباق الانتخابات بالدعاية المرتكزة على وجود ارضية حقيقية في الاستجابة لمطالب الشعب العراقي والتاكيد عليها والمطالبة بها وتحقيق مايمكن تحقيقه يشكل عنصر قوة وثقة على خوض الانتخابات والمنافسة فيها وكسب ثقة الناخبين، على عكس من يستبق الانتخابات بالدعاية المرتكزة على الشعارات والوعود والتسقيط والنيل من الاخرين واستدرار العواطف والانفعالات التي لم تعد الية فاعلة ومقتدرة على استقطاب اصوات الناخبين كما كان في السابق، لان المواطن العراقي اصبح يمتلك من الوعي السياسي الذي يجعله يبحث عن البناء والخدمات لا الوعود والشعارات.
الاستعداد للانتخابات : بين الاداء الانجازي والدعاية المبكرة
(Visited 18 times, 1 visits today)