الدكتاتورية الزائفة والمتعالية بين القياس والتطبيق

الدكتاتورية الزائفة والمتعالية بين القياس والتطبيق

كتب رياض الفرطوسي

واحدة من اهم التحديات التي تواجهعملية التغيير نحو الديمقراطية هو التخلفوالجهل وتعميم السطحية والسذاجةوتحويلها الى ممارسات سلوكية يوميةتحملوحشية وتنمر وخبث ووقيعة. هذه الظاهرة ليست ولادة جديدةلكنها تمثل استمرارالحالة سياسية قديمة. لكن بعد التغيير السياسي الذي حصل في العراقبعد 2003 وبدلان تتجه الدولة والنظام السياسيللقانون والبناء المؤسسي والتثقيف الديمقراطيتحولنا الى مجتمع غرائزي مهووس بالفوقية والتعاليوالغطرسة والقسوة والوقاحةوالتكشير عن الانياب. فبعد ان تم رفع الغطاء عن الدكتاتورية وتراكماتهاظهر للعيانالصورة الحقيقية التي كانت غاطسةبحكم الخوف من السلطة واذنابها. لذلك اصبح منالسهولة ان تتعرض للانتهاكوالاقصاء والزجر والتوبيخ والمحاربةخاصة عندما تكونبلا سند وبلا قوة وبلا تيار وبلا حزب. في مجتمع ثقافته قائمة على فرضية‘ ( الامامالمايشور يسمى ابو الخرك). وهذا المجتمع يؤمن ويقدس القوة والسيطرة والنفوذ. نسمعمن يتحدث عن افاق التغيير والمستقبل. وتفكيك الفساد ورموزه. لكننا في نفس الوقت فيوضع العاجزامام قوى مستبدة ومتنفذة ومتسلطة. مثلا من يستطيع ان يتحدث عن مايفعله ( المعالي)‘ في مؤسسته ( التي يعتبرها عقار شخصي وملك خاص). يستطيع ( المعالي ) ان يفعل ما يشاء وكيفما يريدبدءا من تعيين اولاده واصهاره وابناء عمومتهورفاقه واصدقائه ومعارفهويصبح هؤلاء حكاما بمناصب عليا بلا اي مؤهلات تذكرسوى النفخ والتباهي والاستعراض والوجاهة الفجة. ويمارسون اعمالهم بعقليات بائعالجملة والمخضرعلى موظفين معظمهم من عوائل فقيرة ومسحوقةانتهى بهم المطافوهم ( مثقفون وفنانون وشعراء ونقاد وكتاب). تحت سلطة شخصيات نرجسية تسبب لكضررا صحيا ونفسيااكثر مما تسببه السلطة الفاشية والدكتاتورية. وبعد هذا التاريخالسياسي العراقي‘ (الذي يشبه تاريخ الراقصة يتغير حسب الايقاع والنغم)‘ دفوفومفخخات وقتل وهدنة وانقلابات ودم وسحل. مرة نرقص على الطبل الغربي واخرى علىالشرقيومنذ اكثر من نصف قرن تم مصادرة الاحلاماحلام الخلاص والحرية والعيشالرغيد. لينتهي المطاف وتجد نفسك امام صورة جديدةومنقحة بعد القليل منالتعديلات لصورة المعاليوهو شخصية مهزومة تعود على هيئة بطل اسطوري. موكبكبير من السيارات والحمايات والاتباعتغلق له الشوارع والساحات. وعندما يدخل وكره( دائرته ) تشعر كأن الطيرعلى رؤوس الموظفين. وهي صورة من صور تقليد الجلاد اوالدكتاتور. والمعالي ايضا يعتبر نفسه ضحية من ضحايا الجلادلكنه يحاول تقليدالجلاد عبر نسخ بعض صفاته. يحمل القاب كثيرة فضلا عن لقب المعالي. مثل ( المجاهدالكبير او الفلته السياسية النادرة). والجميع مجبر ان يصفق له حتى لو تزحلقعلىوليمة مفطح واختنق من الشبع فسيطلق عليه لقب بطل. المعالي المدلل لا يخطأ بل نحناصحاب الخطاياولا يسهوا بل نحن سهات التاريخولا يغفل بل نحن مغفلواالايديولوجيا والمرحلة والاجتهاد. من حق المعالي ان يرفع وينصب في اللغةوفيالتعيينات وفي المناصب والمواقعويمارس سلطته ونفوذه بلا اي حسابلأن المؤسسةالقانونية والفكرية والثقافية غائبة. والحاضر الوحيد هو فقط. هو الملهمهو المنقذهوالحاضرهو المستقبل.

(Visited 16 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *