تحديات وفرص الديمقراطية في العراق … احمد الميالي

تحديات وفرص الديمقراطية في العراق … احمد الميالي

د.احمد الميالي
تواجهه الانظمة السياسية المتحولة من الواحدية الى التعددية تحديات احلال الديمقراطية ، اذ لايمكن الحديث عن ديمقراطية بدون تعددية والعكس صحيح تماما، ولايعني وجود تعدد وتنوع سياسي واثني وقومي : ان النظام السياسي ديمقراطي، لكن يسهم هذا التنوع والتعدد على احلال الديمقراطية اذا ما تم استيعابه واحتواءه
فلكل ديمقراطية جديدة وانتقالية تحديات وفرص ، واهم هذه التحديات : مخاطر الارجاع، اي استقواء الانظمة الاستبدادية المسقطة وتوابعها وافكارها من جديد، وحصول تصادم بين القيم الديمقراطية والقيم الابوية المطلقة مما يؤدي الى انحراف الديمقراطية نتيجة هذا التصادم.
اما التحدي الاخر للديمقراطية يرتبط بالقيادات وبالقوى السياسية التي تصل لمواقع القرار عبر الاليات الديمقراطية ولكنها لا تؤمن بها اذ تراهن في البقاء على الخطاب المشتت والمتأزم والاضطراب لتحقيق المكاسب السياسية والشعبية.
على اساس ذلك فان الديمقراطية في العراق مابعد العام ٢٠٠٣ واجهت هذه التحديات التي تعيق ترسيخها، واهمها عدم قبول غير الديمقراطيين بالديمقراطية سلوكا وعقلا فثقافة الخضوع مقدمة على ثقافة المساهمة مما ادى الى تنوع متنافر متنابذ جعل من عقلية الحسم بدلا من عقلية التسوية والتشاور.
كما ان هنالك تحديات عديدة للديمقراطية العراقية كالفساد ومحدودية الخبرة السياسية لبعض القائمين بالشأن السياسي، اضافة الى تجربة العملية السياسية التي اعتمدت على الاليات التوافقية الخاطئة التي انتجب ازمات عديدة وتوترات وتعارضات وتداخل في السلطات وتغليب المصالح الفرعية على المصلحة العامة.
اضافة الى التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي، وهذه من اهم التحديات الضاغطة على اي عملية انتقال وتحول ديمقراطي.
مع ذلك لازالت امام الديمقراطية العراقية فرص
لمواجهة تحدياتها واستئصال امراضها عبر الاتي :
١- صياغة مشروع وطني عراقي موحد يحمل دلالات حقيقية وواقعية لابمعناه الفوقي والسطحي المبني على اساس الشعارات والمشاريع الكلامية البلاغية والاناشيد الحماسية، بل عبر البحث عن مشروع واقعي للوحدة الوطنية يطمئن اليه الجميع يقوم على اساس احترام طموحات الجميع بكل تمظهراتهم وترسيخها في النظام السياسي.
٢- يتطلب من الاحزاب والقوى السياسية الفاعلة تحديث الكوادر والقيادات والممارسات التنظيمية والاعتماد على الشباب والكفاءات لتنفيذ هذا المشروع الوطني الوحدوي لتجسير الهوة الفكرية عمليا بين السياسة والمجتمع ويقربها مع مبادئ العمل الديمقراطي. فعلى هذه القوى ان تعترف ان اشكالية البناء الوطني لسيت مذهبية وقومية واجتماعية بل هي اشكالية سياسية، والشواهد التاريخية في العراق تقبل التعددية في اطار الوحدة دون ضواغط اذ لايمكن تجاوز الوضع الراهن من دون العودة الى اعادة بناء المرجعيات الاجتماعية وتفعيل منظومة القيم المشتركة سياسيا.
٣- مبارزة الفساد عبر وضع سياسات عامة وتصميم حقيقي واطار قانوني وحقوقي لمواجهة الفساد، ولابد ان يبدأ من اعلى الهرم السياسي بان يتطهر ويترفع عن الفساد فحين ذاك القاعدة ستتعلم الدرس فافضل مشروع للمصالحة ليس بين القوى السياسية او بين الفاعليين المحليين بل مصالحة عليا للطبقة الحاكمة مع القاعدة الاجتماعية عبر مبارزة الفساد وترسيخ اطر الانتقال الديمقراطي.
٤- تحول الفرقاء السياسيين الى شركاء حقيقيين موحدين بسلوكياتهم وخطاباتهم ولا بد من القبض على جمرة الوحدة الوطنية ولابد من النظر الى الاخر : الداخل والخارج بعين عراقية لاغير.
٥- مواجهة العنف والسلاح المنفلت والجماعات المتطرفة والاتحاد ضدها مرتكز مهم يمكن الانطلاق منه للتحول الديمقراطي.
٦- عملية التحول الديمقراطي في العراق تحتاج سياسات اجتماعية وسياسية واقتصادية وامنية فاعلة، وهذا يتطلب الاعتراف بوحدة الدولة وصيانة التعددية فيها بكل تفرعاتها، تحتاج الدولة الى قوانين التشكل الوطني من جديد، وارساء المؤسسات والعمليات الديمقراطية الى جانب المشاركة والتعددية والتعامل مع كل المجموعات السياسية التي تؤمن بالاعتدال والحوار.
٧- لابد ان يكون للفرد دور عبر المشاركة والضغط والنقد البناء فدور الفرد ضمن المجتمع يؤدي الى دمقرطة النظام السياسي.
٨- التعامل مع مشاريع الحوار الوطني ومواثيق الشرف والشراكة والتوافقات والاتفاقيات السياسية والتسويات الوطنية كمقدمات ضرورية لبناء الدولة لا ان يتم التعامل معها كنتجية انتخابية مؤقتة لتشكيل حكومة وتحالفات سياسية مرحلية..
٩ – مغادرة سياسات التشفي والتطير فيما بين القوى السياسية والتماس التفاعل بدل الانفعال ومغادرة الشراكة بالامتيازات الى الشراكة بالواجبات والمسؤليات..
١٠ – مغادرة سباق المظلوميات والتباكي على الماضي والبدء ببناء اطار حقوقي يحقق معالجات لمواجهة المظالم والقبول بقواعد العمل الديمقراطي .

ورغم كل المؤاخذات في ديمقراطية العراق بعد ٢٠٠٣، لكن تجارب الانتقال الديمقراطي مرت اسوأ بما مر به العراق، والعراق يمتلك مقومات بدأت الان تتبلور ، فهنالك تصاعد في الوعي السياسي للشعب العراقي، وهنالك ثقافة احتجاج ضد الفساد والفاسدين، وهنالك دور للشباب بدأ يتزايد، كما ان القيادات الموجودة الان في الرئاسات الثلاث اضافة الى القضاء معتدلة ولها مقبولية ومشروعية، تعطي املاً في بناء دولة عراقية ديمقراطية تتجاوز اخفاقات المراحل السابقة.

(Visited 143 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *