امير الخطيب
يخدعنا الكثير ممن نقابلهم بالكلمات المعسولة ، وحين تصدقه و تقصده عند الحاجه …لن تجده، تكتشف ، انه تخلى عنك بأبسط مما تتصور.
و.. ” ما أكثر الاخوان حين تعدهم .. ولكنهم في النائبات قليلُ”
الدرس الذي يجب ان يتعلمه رئيس أوكرانيا زيلينسكي الذي كان في الأصل ممثلاً كوميدياً، هو ان حسابات الحياة الواقعية مختلفة تماما عن التمثيل و الدراما والقصص و الروايات.. زيلينسكي اليوم اصبح بطلا تراجيديا وحيد كما في مسرحية ” اغنية التم” للكاتب الروسي من اصل أوكراني تشيخوف، يشعر بالوحدة و بالخذلان من كل الناس في هذا العالم، ربما هو الان جالس في مكتبه، ينظر إلى السقف وفي الخلفيه هناك موثر لموسيقى حزينة، يطلق الآهات و يدخنّ بشراهة، يلوم نفسه و يتذكر كل ما فعلوا به الآخرين، يتصور ان هناك الكثير ممن يريد مساعدته يتصور ان شعبه سينجده، لكن للأسف لا احد ينتبه اليه او يعبره باي شيء او يتعاطف معه، بل سيذهب التعاطف كله مع اولائك الناس المفزوعين و المتضررين الذين ذاقوا ويلات الحرب، سيذهب ذالك التعاطف مع الأمهات الثكالى و الصبايا اللائي انتظرن رفاقهن و لم يعودوا، سيذهب لمقاتلي جيشه الذي تسبب هو شخصيا و بحماقته وثقته الغير محسوبه في خطابات الغرب وتفاهاته ، الغرب الذي يعرف حق المعرفه ان انهزام روسيا شيء من القصص و الخيال لانهم يدركوا ان الحاجه إلى روسيا هي اكبر من الحاجه إلى أوكرانيا و هم على علم اليقين بقوة روسيا.
العالم الذي نعيش قاس و لا يقوى على العيش فيه إلا الضباع، و زيلينسكي الممثل الوديع، صاحب النكته و الشفاف، الذي وقع في الفخ و الذي لايفقه في السياسه و دهاليزها، هذا العالم الذي يجب ان يحسب له الف حساب، لهذا تجد فيه الكثير ممن يعجب ببوتين رغم كل شئ، لإنه لم يخاف ولم يتراجع ونفذ تهديداته رغم عواقبها الجسيمة المحتملة، أما فرسان طواحين الهواء اولائك، يمكن ان يكتب عنهم رواية على شاكلة “دون كيشوت” ، الذي حاول تقليد فرسان العصور الوسطى فركب حمار هزيلاً ومسك سيفاً خشبياً.
ارثي هذا النوع من البشر، لانه دخل السيرك ليسير على حبل بارتفاع شاهق و هو لم يتدرب على المشي بعد، رثائي لزيلينسكي المسكين الذي لابد ان يجر اذيال الخيبه، فأما ان يقتل بيد شعبه او يهرب، و لكن إلى اين؟