أسطورة الاستثناء الامريكي -فتاح الكعبي

أسطورة الاستثناء الامريكي -فتاح الكعبي

                فتاح الكعبي                            

تعتبر الممارسات المترسبة  من الشروط المسبقة للسياسة الأمريكية ونتيجة لها بنفس الوقت في مجالالخطاب الامريكي عامة والسياسة الخارجية خاصة ، فهي تضفي الشرعية على مجال معين لفعل ماوتنزعها عن مجالات اخرى . وهكذا يبدو فهم السياسة الخارجية الامريكية مستحيلا دون هذه المباديءوالمعايير والمؤسسات الراسخة . ان واحدا من عناصر الممارسات المترسبة والتي غالبا ما ترتبط به هوالاساطير والتي تكون فكرتها مهمة في صوغ التفرد في اية امة وهي تهدف ايضا الى إنتاج مظهر الحضورالنقي وليست مجرد تمثيل بسيط للواقع وهكذا تولدت النزعة الاستثنائية الأمريكية متجذرة في اصولامة جرى تصورها على انها بلاد الرب وتطورت من هوية كولونيالية إلى هوية وطنية ، كما واستندت هذهالاستثنائية ايضا إلى ان امريكا هي البلد الأفضل والاقوى وهي البلد الفاضل في العالم وان النظامالامريكي يتفوق على كل النظم الأخرى. هذه المسألة أصبحت مسألة مركزية في النزعة الاستثنائية وهوما تعتبره أمريكا مطلبها بقبول مسؤوليتها ووصايتها بالترويج العالمي للديموقراطية  والقيم الليبراليةوهو ما تراه مبررا لحاجتها المستمرة إلى التوسع كقوة اقتصادية وعسكرية وإنشاء مؤسسات دوليةوتبشير عالمي بنظام الليبرالية الجديدة كصمام امان للحفاظ على النظام الراسمالي، وهكذا تعملاسطورة الاستثناء على صياغة هوية الولايات المتحدة ومكانتها في العالم وهي رؤية غالبا ما يكتنفهاالغموض .وتاطير فكرة الهوية تكون حاسمة في هذا السياق اذ لايمكن تمظهر هذه الهوية الا من خلالرسم حد فاصل بين الداخل الاسطوري والخارج السلبي المستبعد من الاسطورة حيث يرتبط ارتباطا وثيقابالازمة ،وهذا الامر  يعطي تعبيرات عن هويات مهددة ، وهنا نرى تفشي خطاب السياسة الخارجيةالامريكية بتقديم ( اخر ) على انه اجنبي او مخرب أو قذر ، وكان ذلك واضحا من خلال مجريات الحربالباردة بين المعسكر الامريكي الراسمالي والمعسكر السوفياتي الاشتراكي مثل ازمة الصواريخ الروسيةفي كوبا التي اعتبرتها الولايات المتحدة بانها تهديدا لهوية امريكا وحرية الشعب الامريكي وحرية الغربعموما . ان اسطورة الاستثناء الامريكي تنطوي ايضا على احالات دينية تضفي عليها صدقية اضافية مثل(قدر الولايات المتحدة المتجلي ) الذي يفهم على انه المهمة المقدسة التي منحها الرب  لامريكا لتحسنحالة البشرية جمعاء . وقد انتج هذا (القدر المتجلي) وثيقة بالنزعة التوسعية ومتجاوزا ادعاء الاستثنائيةوتفوقها وهو ما كتبه (جون ونثروب) (على المستوطنين الامريكيين ان يكونوا كمدينة على تلةإليهاترنوا عيون الناس جميعا ) ويذهب (القدر المتجلي) ابعد من ذلك ليقول ان ( لدى الامريكيين مهمةدينية تقتضي منهم النزول من تلتهم ونشر قيمهم ) . ومثال اخر على توظيف المصطلح الديني في تفردالهوية الامريكية هو ما قاله الرئيس الامريكي ابراهام لنكولن في خطابه الشهير في غيتسبرغ بأن الولاياتالمتحدة هي ( اخر وافضل امل على وجه الارض ) .                          السؤال الذي يطرح الان هو ما مدىالاستثناء الاسطوري في الخطاب الامريكي خارج الولايات المتحدة وما هي ردات الفعل عليه وهل يمكنلهذه الأساطير ان تنتهي إلى اللابديل؟

(Visited 69 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *