الفنان د. علاء بشير والمساومة القاسية / علاء الخطيب

الفنان د. علاء بشير والمساومة القاسية / علاء الخطيب

علاء الخطيب – لندن

يبهرك وانت تتحدث اليه ، يغوص في اعماق التاريخ  والفلسفة والتجربة الإنسانية ليُنشأ رؤية مختلفة  ، يتعامل مع المألوف بطريقة غير مالوفة، يرفض إلا ان يكون هو ، لا يُشبه سوى نفسه، الابداع إفراز طبيعي لروحه العاشقة للحياة  والجمال ، المتمردة على القسوة والظلم.

انه الفنان الكبير والطبيب  الجراح الماهر الدكتور علاء بشير .

في معرضه الشخصي الأخير في لندن والذي حمل عنوان ” المساومة القاسية Hard bargain ” كما حمل كم هائل من الاسئلة ، من خلال لوحاته الست الكبيرة الحجم  « 2×4»  كانت اللوحات محاكاة للعقل الباطن تجلت عبر لغة تعبيرية متأملة، تؤكد على المعادلة المتوازنة بين العقلانية و قوة اللاوعي عند الإنسان.

لقد طرح الفنان علاء بشير  رؤية فلسفية عميقة في لوحته “رحلة حياة ” التي اختصرت دروة حياة الإنسان من الرحم المظلم إلى القبر المظلم ، بين لحظة الاضاءة ولحظة الانطفاء، و بين الولوج والخروج ، يغوص علاء بشير في الوجود الأنطولوجي  للإنسان ، وفي المساومة القاسية التي تفرض على البشر ،والتي تجبره على أشياء ليست من اختياره .

يعتبر الفنان علاء بشير  علاقة الإنسان بالفن شبيهة بعلاقة الحياة والموت والليل والنهار و علاقة  المرأة الرجل، والحب والكراهية ، والمعنى و اللامعنى .

وفي لوحة أدم وحواء ،تصوير للمساواة القاسية بين الرجل والمرأة والي أطلق عليه مصطلح ” التنازل” او الاجبار في قبول الواقع ، التنازل عن الأحلام الكبيرة من اجل الطرف الاخر ، ربما لم يكن التنازل  بمحض ارادته لكن الواقع هو من افقده الاختيار .

وفي لوحة البرزخ ، تتضح الرؤى الفلسفية  للعالم الافتراضي، للحياة بعد الموت ، تتحدث اللوحة عن القلق الذي يكتنف البشر في مرحلة يعجز عن تفسيرها.

وفي لوحاته ” انتقال Trasition”  يعكس صور التناقض الحاد بين المعقول واللامعقول بين الإنسان والغراب الذي علم الإنسان كيف يواري جسد أخيه،  وكان الشاهد على اول جريمة في تاريخ البشرية،  الغراب الذي تفوق على الإنسان في عقله ، اذ عجز الثاني عن الحل.

لم تنته المتعة البصرية في معرض ” المساومة القاسية ” عد حدود اللوحات وموضوعاتها الممتعة، بل وصلت إلى جذور الفن السريالي ، الذي قال عنه الجراح الكبير والفنان المبدع علاء بشير انه ينتمي إلى إلى حضارتنا القديمة إلى  ارض الرافدين قبل ان يعرفه “سلفادور دالي” بآلاف السنين ، ففي العراق القديم كان الثور المجنح ذو رأس إنسان ، و كان الاشوريون يرسمون لوحات صياد الأسود ، وغيرها وكلها أعمال سريالية ، في غاية الابداع .

لكن مشكلتنا عدم قدرتنا على إيصال ما لدينا  بالشكل الصحيح ، وعلينا تقييم  الثقل الحضاري لبلاد ما بين النهرين .

ويرفض  علاء بشير ان نهمش حضارتنا وفننا وجذورنا تمتد عبر قرون وقرون ، وعلينا ان  ندرس تجاربنا السابقة ،   ويقول العراقيون يسيرون على ارض ممتلئة بالكنوز ، وعليهم ان يفهموا واقعهم .

وان يستخرجوا كنوزهم ، وعليهم ان يتقفوا عن استنساخ تجارب الاخرين.

ويستطرد في كلامه ويقول:  هناك فرق   كبير بين الفنان والرسام ، الرسام هو شخص تقني يتقن ادوات مهنته ويمكن يرسم وجوه وأشخاص بكل حرفية اما المبدع هو منتج لموضوع اللوحة أو النصب ، وكما يقول الفيلسوف الألماني ” هيجل “  التقني

هو من يتقن الحرفة او ما يسمى بـ ” الحرفي ” لكن الفن رسالة والفنان هو الرسول حامل هذه الرسالة ، وهنا يستذكر مقولة  صديقه الشاعر والكاتب  «عبد الرحمن طهمازي» الذي يعتبره احد المثقفين المميزين  القلائل الذين هضموا الحياة بمعناها الحقيقي ، يقول  الدكتور بشير  سألته عن من يرى من المثقفين اليوم ، فيحبه طهمازي ويقول : اليوم لا ارى أحد يستحق  ان نطلق عليه كلمة ” مثقف “  لأنني  من كنت اعتقدهم مثقفين اكتشفت  ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي ، انهم جامعي معلومات ويقول يتداولها ، وهم بعيدون عن الثقافة ، فالثقافة شيء والاطلاع على المعلومات شبء آخر .

يخلص الدكتور علاء إلى ان  معرضه «المساومة القاسية»  هو  محاولة للتعبير عن هذه المساومة في رحلة الحياة    

(Visited 3 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *