الهيرو بوتن ( الملاك – القاتل ) /.حيدر صبي

الهيرو بوتن ( الملاك – القاتل ) /.حيدر صبي

حيدر صبي

من الرائع جدا ان تجد هناك من يدافع عن قناعاته وافكاره وما يحمل مناديلوجيا ، فهي من حقه طالما لم يتصدَّ له احد لتفنيدها بحوار ملتزم مبرهنيؤول بنهايته ربما لتغييرها ،  هذا ان لم تتغير لديه ببداهة القناعة بقفز فكرةاخرى تنسخ فكرته الام التي طالما كان مؤمناً بها .

ديناميكية تغيير القناعات نجدها صحية اكثر مما تكون علّة مزمنة يحاولصاحبها العناد ، لا لصحتها بقوة ما تحمل من استدلالات وبراهين بل وحتىلا يظهر نفسه موضع الضعيف امام من صمّ آذانهم بترديدها عليهم فيمناسبة ودونها .

تحليل لشخصية بوتن السياسية .

بدءً ذي بديء انوه من اننا لانتوخى هنا من تغيير قناعات الاخوة القراء  حولشخصية بوتن ( الملاكالقاتل  ) لكنني فقط سأشير الى تحليل شخصيةالرجل السياسية من خلال دراسة اكاديمية اعدت من قبل فريق من الباحثينالامريكيين ، كذلك نسترسل التذكير وبشكل مقتضب لننوه الى عدد منالجرائم الذي حدثت في فترة حكمه ويبدو انها لن تنتهي  ( وفق المثال لاالحصر ) فحتما هناك الكثير من تلك الجرائم لم يسلط عليها الاعلام عناوينهلغموضها تارة واخرى لنجاحه في اخفائها حتى الساعة .  

نجد من الضرورة بمكان ذكر نبذة صغيرة عن حياة الرئيس بوتن وقبل اننمتطي صهوة شخصيته السياسية لتحليها ، فهو الزعيم السياسيالروسي، الذي اشتغل عميلا لجهاز المخابرات الروسية. تولى رئاسة بلادهولايتين متتاليتين، ثم منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس ديميتريمدفيديف، قبل أن يعود مرة ثالثة لسدة الرئاسة، ويفوز بولاية رابعة عام2018. أعاد لبلاده الكثير من قوتها الدولية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. ويعد ثاني أطول زعماء الكرملين بقاء في السلطة بعد جوزيف ستالين الذيظل في الحكم 29 عاما.

يقول عنه البروفيسور الشهير جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسيةوالعلاقات الدولية في جامعة شيكاغو ”  إن حسابات بوتين تحكمها نظرةثلاثية الأبعاد متكاملة ومترابطة، يبدأ أولها بفكرة توسع حلف شمالالأطلسيناتووامتداده شرقا في اتجاه حدود بلاده، وثانيها توسع وتمددالاتحاد الأوروبي، وآخرها التبشير بحتمية تحقيق الديمقراطية الليبرالية علىالنسق الغربي في كل دول القارة الأوروبية ” .

من هنا يعتقد بوتين يقينا بأن هدف إسقاط نظام الحكم المركزي القوي فيموسكو يبقى المحرك الأساسي لكل السياسات الغربية منذ انتهاء الحربالباردة في أوائل تسعينيات القرن الماضي وتلك تعد من ابرز قناعاته .

شخصيته السياسية

عالم النفس الأمريكيتيودور ميلونفي منهجيته التحليلية للشخصيةالسياسية ، كان قد عرّف الشخصية من انها  (( نمط معقد من الخصائصالنفسية المتجذرة بعمق التي تكون إلى حدٍّ كبير غير واعية ولا يمكن تغييرهابسهولة، وتُعبِّر عن نفسها تلقائيا في كل جانب من جوانب الأداء تقريبا )) ،

ومن خلال التعريف هذا استطاع  فريق من جامعة ( بطرس جون ) الامريكيةمن اعداد دراسة حول شخصية بوتن ابان ظهوره بصور عديدة رغب خلالهاان يكون ملهماً للناس ( عار ويركب الدب او الحصان ، صور له مع النمور ، ممارسة الجودة ، وصور اخرى تضعه بقرب احدى الرئاسات الامريكيةموضع الهيرو الذي لا يقهر  ) وغيرها من الفعاليات التي كانت ماكنتهالاعلامية تضخ بها للمتلقي الغربي قبل المواطنون الروس .

من بين أهم ما خلصت به تلك الدراسة في تحليلها لشخصية بوتنالسياسية، أي لسلوكه السياسي ، تأكيدها القول   ” هناك أكثر من عشرةعوامل يحصل فيها الشخص، بحكم سلوكه الظاهر للباحثين، على تقديريتراوح من الضعيف إلى المَرَضي، وفي الحالة المَرَضية تظهر اضطراباتالشخصية مثل النرجسية والحدية وغيرها، لم يحصل بوتين على أية درجةمَرَضية في تلك المعايير، لكنه سجَّل درجة عالية جدا في ثلاثة منها، وهيالسيطرة، والطموح، ويقظة الضمير (وهو تعبير يُشير إلى الحذر والاجتهادوالإتقان).

وتضيف الدراسة التي نشرها موقع الجزيرة نت : يميل صاحب السماتالشخصية التي تكتسب درجات عالية في نطاقالسيطرةمثل فلاديميربوتين إلى التعبير عن نفسه بسمة شخصية رئيسية هي الحزم، يود أن يظهردائما قوي الإرادة، وصريحا في تعبيره، وتنافسيا، وغير عاطفي، قد يصلذلك إلى التعجرف وإثارة الجدل في بعض الأحيان، ويميل هذا النوع منالشخصياتالمهتمة اهتماما زائدا بالقوة (والقوة فقط)- إلى التعنُّت والعنادوالسلوكيات القسرية في بعض الأحيان.يؤدي ذلك إلى سلوك يُعتقد أنه جزءرئيسي من شخصية فلاديمير بوتين، إذا مسَّ شيء ما ميوله ناحية القوةفسيكون صريحا ومفاجئا وغير صبور، مع نوبات من السلوكيات المتهورة أوالعدوانية. أصحاب هذا السمت كذلك حساسون، خاصة نحو التوبيخ أوالإهمال أو التقليل من شأنهم، وعند الضغط عليهم (خاصة في الأمورالشخصية) يمكن أن يصبحوا غاضبين ومن المرجَّح أن يستجيبوا استجابةانعكاسية انتقامية، ومن ثم يسهل استفزازهم للهجوم.

على الجانب الآخر، فإن ملمحالطموحمن شخصية بوتين يدفعه للظهورواثقا من نفسه دائما، ومؤهَّلا وعلى استعداد دائم للفعل، ويحاول خلال ذلكأن يفرض جوا من الهدوء، لكنه يميل (في الصورة المتطرفة منه) إلىالتصرف بطريقة مغرورة، أو قد يُظهِر الغطرسة أو اللا مبالاة أو الوقاحة أوالفوقية أو الافتقار إلى النزاهة أثناء التنافس. جميع أشكال هذا النمطتتمحور حول الذات إلى حدٍّ ما، وتفتقر إلى الكرم والمعاملة بالمثل اجتماعيا. بالإضافة إلى ذلك فإن أمثال بوتين عادة ما يبذلون قصارى جهدهم لدعمالقواعد والمعايير التقليدية، ويتبعون اللوائح بدقة، وعادة ما يكونون مسؤولينحقا، وموثوقين وحذرين ودقيقين ومنضبطين ومنظمين إلى درجات عليا، لكنذلك يميل في درجاته العليا إلى الجمود، حيث تتحكَّم بهم تلك السماتالجادة إلى درجة من العناد، فالعواطف مُقيَّدة بأسلوب حياة منظم للغاية، والملابس رسمية أو مُقيَّدة في اللون والأسلوب.

شهوانية القتل عند بوتن

من خلال تلك الدراسة يكون من السهل بمكان ومن اجل الحفاظ على قوتهكشخص لايحبذ الظهور بموضع الضعيف لذا لابدّ وان يظهر بشخصيةالديكتاتور المتسلط ليحقق هدفين :

الاول : ارضاء غرور شخصيته النرجسية .

الثاني : حفاظه على قيادة روسيا والعودة بها الى سابق عهدها كامبراطويةضمت دول الاتحاد السوفيتي السابق .

ومن اجل تحقيق ذينك الهدفين بات بوتن يحمل بطيات شخصيته مزية التمردوممارسة القهرية بأقصى حدودها ضد مناؤيه فانبرى نظامه بتصفيةالعشرات من المعارضين السياسيين ومن النشطاء الحقوقيين والمدنيينوالصحفيين ومن اجهزة مخابراته وممن اعتقد انهم جواسيس على النظاموبطرق غامضة وباستخدام وسائل شتى ،  من ابرزها القتل بالمواد السميةاو التصفية الجسدية بالاغتيلات برصاص ملثمين ، اكثر من اثنين منهاحدثت قرب الكرملين الروسي !  .

سلسلة فضيعة من الجرائم .

خلال فترة حكم بوتن نستطلع عدد من الجرائم المروعة  التي تدلل على تورطالرئيس الروسي بها من خلال قيام جهازه الدموي بتنفيذها والتي ما كانتستحصل  الاّ بتوجيه من قبله وبأساليب تشابهت احياناً باستخدام ذاتالاسلوب بالقتل واحيانا جاءت  باتباع اسلوب مغاير ، لكن يبقى اقتراف تلكالجرائم جاء وفق ما يعرف بالجرائم المتسلسلة ( الضحايا جميعهممعارضون ) وايضا انها حملت صبغة واحدة وبطريقة غامضة لكنها مدروسةبعناية والضحايا جميعهم من الروس .  

بداية لنتحدث عن المعارض الروسي الأبرز ( اليكسي نافالني ) كآخرضحيا النظام الروسي والذي شكل موجة صادمة من الرعب لبوتن  فق عُرفبانتقاده الشديد للسلطات الروسية، حتى بعد ان تمّ زجه بالسجن ، اذلايمكن تصور ان نافالني توفي الوفاة الطبيعية خصوصا وهو داخل زنزانتهالمظلمة بسجن الذئب القبي ، ثم لنا ان نتذكر قبلها  تعرضه للتسمم بغازأعصاب (نوفيتشوك) المطُوّر في برنامج سري سوفييتي ليتلقى العلاج فيمابعد  في مستشفى ببرلين، وقبل ان يعود  إلى روسيا فاعتقل وحكم عليه بـ9 ستوات سجنًا بتهماحتيالقال عنها نافالني، إنها مفبركة وبعيدة عنالواقع . وقبل مقتله باسابيع أصدرت محكمة روسية بحقه حكمًا إضافيًابالسجن لـ19 سنة بتهمةالتطرف“.

ثم نأتي على حادثة تسميم الجاسوس ( سكيربال ) وابنته ( يوليا ) بعنصرالنوڤيتشوك بمدينة ساليزبري بلندن بمارس آذار ، عام 2018 . على انهبذات العام ، توفيت دون سترجيس، 44 عاما، بعد تسممها بنفس العنصرالسام، الذي يستهدف الأعصاب، في مدينة أميسبوري القريبة منسالزبري.وكان شريكها تشارلي رولي، 45 عاماً، قد تسمم أيضاً في 30 يونيو/حزيران، وما زال في حالة حرجة في المستشفى / BBC .

نأتي ايضاً  على مصرع زعيم مجموعة فاغنر ( يڤيغيني بريغوچين ) الذياسقطت طائرته بعد ان اعلن التمرد على بوتن ليقتل مع تسعة اخرين بينهمالرجل الثاني بالمجموعة ( ديمتري اوتكين ) .

ايضا كان هناك مقتل الصحفي يوري شيكوخين ، بمجرد انه كتب مقالاحول الجرائم والفساد في العهد السوفياتي، اذ اجرى تحقيقًا صحفيًاحول تفجير المنازل في روسيا (حصلت التفجيرات في 1999)، لكنه أصيببمرض غامض في يوليو/تموز 2003، وتوفي فجأة قبيل مغادرته إلى الولاياتالمتحدة الأميركية. وأخفت السلطات الروسية ملفه الطبي ومنعت كشفه.

تصفية ( سيرغي يوكنشوف ) وهو عقيد سابق في الجيش السوفياتي، أسس حزبحركة روسيا الليبرالية“، وجمع أدلة حول تورط حكومة بوتين فيسلسلة تفجيرات استهدفت بيوتًا في روسيا، لكنه تعرض للاغتيالبالرصاص قرب بيته في موسكو في 2003.

مصرع  ( آنا بوليتيكوفسكايا ) وهي صحفية روسية اتهمت قادة الكريملنبتحويل البلاد إلى دولة بوليسية. كتبتكذلكعن التجاوزات في الشيشان.

قُتلت رميًا بالرصاص في مصعد المبنى الذي تقطن فيه في 2006، وأدين5 رجال في مقتلها، لكن القاضي اكتشف أن شخصًا لم تُكشف هُويته دفعمبلغ 150 ألف دولار للقضاء عليها .

مقتل ( الكسندر ليتفينينكو ) وهو عميل لدى الاستخبارات السوفياتيةكيجي بي“، انتقد الوكالة التي كان بوتين يديرها سابقًا، واتهم المخابراتالروسية بتدبير سلسلة من التفجيرات استهدفت بيوتًا في روسيا، وأودتبحياة المئات وتعرض لتسمم بمادة البولونيوم-210 في 2006 بعد أن شربكأسًا من الشاي في فندق بلندن. وكشف تحقيق بريطاني أنه تعرضللتسمم علي يد عميلين روسيين، لكن روسيا رفضت تسليمهما للسلطاتالبريطانية .

مقتل ( سيرغي ماغنتيسكي ) وهو محام روسي كان يعمل مع رجل أعمالأميركيبريطاني، وشرع في التحقيق في قضية كبيرة تتعلق بالاحتيالالضريبي.

اعتُقل ماغنيتسكي في 2009 بعد كشفه عن أدلة تكشف تورط مسؤولين فيجهاز الشرطة في قضية الاحتيال الضريبي، وضُرب في الحجز، ولم يُمكّنمن تلقي العلاج فتُوفي .

تصفية الناشط الحقوقي ( ستانيسلاف ماركيلوف ) الذي عرف بدفاعه عنالمدنيين الشيشانيين ضد الجيش الروسي، كما دافع عن صحفيين وجدواأنفسهم في متاعب قانونية بعد انتقادهم لبوتين.

في 2009، أطلق مجهول مقنّع النار عليه قرب الكريملن وأرداه قتيلًا، كماقتل الشخص نفسه الصحفية أناستاسيا بابوروفا، التي حاولت مساعدةالضحية. فيما اشارت السلطات الروسية باصابع  الاتهام إلى جماعة نازية، وحاكمت اثنين من أعضائها بتهمة قتل المحامي الروسي.

قتل الصحفية ( ناتاليا استيميروفا ) والتي عرفت بتحقيقاتها المتعلقةبالتجاوزات والاغتيالات في الشيشان.اختطفت قرب منزلها في 2009 ثمأطلق عليها الخاطفون الرصاص، وألقوا جثتها في غابة قريبة. ولم توجهالسلطات الروسية أي اتهامات بشأن الجريمة.

تصفية السياسي البارز ( بوريس نيمتسوف ) ويعتبر رائدا من من روادالإصلاحيين الشباب في روسيا ما بعد الشيوعية. تولى منصب نائب رئيسالوزراء في عهدة الرئيس الأسبق بوريس يلتسين في 1998، ودعم توليبوتين للسلطة قبل أن يعارضه علنًا. نظم مسيرات احتجاجية على نتائجالانتخابات البرلمانية في 2011، وكتب تقارير عدة عن الفساد. دعا لمسيرةمناهضة للتدخل الروسي في أوكرانيا في فبراير/شباط 2015، قبل أن يطلقعليه شخص النار قرب الكريملن ويرديه قتيلًا. ولم توجه التهمة لأحد حتىالآن .

هذا غير المئات من المعارضين الذين يقبعون الان في السجون الروسية منهمالناشط الروسي ( ايليا ياشين ) الذي اشتهر بانتقاده للنظام في موسكو، حكم عليه القضاء بالسجن بتهمة نشرأخبار كاذبةحول الجيش الروسي. وكان انتقد في مقطع مرئيبثّه مباشرة في يوتيوب– “قتل المدنيينفيبلدة بوتشا في أوكرانيا، وانتقد قبل ذلك الحرب الروسية على أوكرانيا.

حيدر صبي

كاتب وباحث في الشأن السياسي

العراق

* المصادر : موقع الجزيرة نت / موقع BBC العربية

(Visited 26 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *