علاء الخطيب
منذ غياب رئيس البرلمان العراقي السيد محمد الحلبوسي عن المشهد ، لم يتمكن مجلس النواب من الاتفاق على بديل يشغل منصب الرئيس ، وزاد المشهد السياسي تعقيداً بغياب الرجل ، فيما راحت شعبيته تزداد في اوساط مكونه ، رغم اتحاد خصومه ، بقيَّ الحلبوسي رقماً صعباً بالمعادلة ، فهو السياسي الأذكى والأكثر جاذبيةً وبرغماتيةً ، وبنفس الوقت الذي بحث فيه السنة عن بديل مناسب ، راح الشيعة ينقسمون على انفسهم وتفرقوا شيعاً ، بعد ان تقدم البدلاء لشغل كرسي الرئاسة .
وربما ندم الزعماء الشيعة على خروج الحلبوسي من المشهد الحكومي ، فقد كان خطابه توافقياً ، يبتعد عن الإشارات الطائفية، وكان يمكن ان يتعاملوا معه فهو ليبرالي النزعة ، برغماتي السلوك ، يفهم السياسة على انها فن الواقع ، يمارس الواقعية السياسية في سلوكه ، لم يختلف مع الآخرين ، وهو يحاول ان يحصل على. اكبر قدر ممكن من مصالح قاعدته الجماهيرية بالحوار. الوسطي .
ففي فترة وجيزة استطاع الحلبوسي ان يكون الرجل الاول في المكون السني ، وصاحب القرار والكلمة الفصل ، وقد حاز حزبه الفتي على حصة الاسد من مقاعد السنة .
امتازت حركته بملامسة الشارع ، واتسعت شعبيته بسرعة كبيرة ، وتظافرت جهود منافسيه للإطاحة به .
فرح البعض بإطاحة الحلبوسي ومنهم محسوبون على الاطار التنسيقي ، واعتقدوا انهم تخلصوا من خصم بدأت شعبيته تزداد ، وربما يشكل خطر عليهم ، فهم يريدون السنة متفرقين بلا رأس ، ولا قيادة يجتمع عليها الأكثرية .
لكنهم وقعوا في ورطة كبيرة ، فهم من ناحية لا يستطعون توحيد كلمة الزعامات السنية على مرشح واحد ، وذلك بسبب تماسك حزب تقدم ، و عدد نوابه في البرلمان من جهة، وتفرق خصومه وتشتتهم من جهة ثانية .
فالكتل السياسية السنية المناوئة للحلبوسي ، ضعيفة ، وليس لها تأثير في الشارع ، خصوصاً وان الأنبار. وهي مصدر القرار السني و مركزه القوي لا تؤيد ولا تدعم خصوم الحلبوسي، ناهيك عن سيطرت حزم تقدم بشكل كبير في المحافظة .
لقد اثبت الحلبوسي بأنه سياسي محترف ، ويعرف كيف يدير اللعبة ، فقد استطاع ان يمد جسوره مع بعض الزعامات العشائرية المؤثرة ، كالشيخ علي الحاتم سليمان ، والشيخ حميد الشوكة وغيرهم .
وتغيرت البوصلة وجرت الرياح بما لا تشتهي خصوم الحلبوسي من الشيعة والسنة، وتعطل البرلمان وعجز البلد عن اختيار مرشح بديل ، فكل الأسماء التي تقدمت لشغل المنصب عليها علامات استفهام من هذا الطرف او ذاك ، وبقي الحال على ماهو عليه ، وخسر الشيعة شريكاً قابلاً للحوار ، كما خسر الشارع السني بخلافته وتبعثر قراره سياسياً مهماً وزعيماً وحَّد الشارع إلى حدٍ ما .
هل خسر الشيعة الحلبوسي ؟؟
(Visited 85 times, 1 visits today)