الدكتور / محمود امين شمسه
اهم معوقات العملية السياسية
لقد مرت العملية السياسية في العراق بصعوبات كثيرة أدت إلى شلل في جميع مرافق حياة المواطن العراقي على مدى العشرين سنة الماضية منذ احتلال العراق وسقوط النظام الدكتاتوري العفلقي. وكان من بين اكثر أسباب فشل العملية السياسية هي استبعاد التيار القومي العربي من الحياة السياسةوذلك بقرار أمريكي بالرغم من ان العراق يعيش بوسط محيط عربي.
أن جذورالمشكلة العراقية تكمن في ترك
الاحزاب والقوى السياسية التي أنيطت بها مهمة ادارة العملية السياسية بعد سقوط النظام، وهذه المشكلة تاريخية حيث جاءت انعكاساً لما كانت تعانيه هذه القوى عندما كانت في المعارضة حيث كانت تعاني من غياب المشروع السياسي الموحد وعدم وجود برنامج وطني واضح لما بعد نظام صدام.وبالرغم من ان هذه القوى كانت مؤتلفة في جبهة وطنية تسمى لجنة العمل المشترك التي كانت تظم معظم فسيفساء المجتمع العراقي وفق تياراته السياسية حيث كانت تضم التيار الإسلامي والتيار القومي العربي والتيار القومي الكوردي والتيار الديمقراطي اضافة إلى التيار الليبرالي وكان كل من هذه التيارات يضمّ العديد من الأثنيات والطوائف والقوميات المكونة للمجتمع العراقي. رغم ذلك لم يكن هناك برنامج موحد لهذه التيارات وهي لم تتفق على مستقبل العراق وكان الرابط الوحيد فيما بينها هو إسقاط النظام،عدا أن لكل من هذه التيارات السياسية برنامجها الخاص بها والذي لم يكن بالضرورة ينسجم مع برنامج القوى الاخرى لا بل هنالك عمل على اضعاف باقي الأطراف بدلاً من أن يكون داعما لها. لذلك ذهبوا بعد سقوط النظام متفرقين لا يمتلكون برنامج وطني لأدارة الحكم مقابل برنامج المحتل ( قوانين بريمر) والمحاصصة البغيضه وتقسيم العراق الى شيعة وسنة وأكراد وقوانين اخرى متخلفة لا ترقى إلى مستوى اعادة بناء الدولة التي أسقطها الاحتلال، بل ترمي إلى الانتقام والتباغض وعدم المسؤولية الوطنية مثل قانون حل الجيش العراقي الذي كان من المفترض تغيير عقيدته السياسية ليصبح الجيش الحارس للوطن وكذلك قانون اجتثاث البعث الذي استغل لتصفية الحسابات الشخصية والابتزاز من قبل بعض القوى لزيادة عدد المناصرين لها وعلى حساب تصفية الكوادر العلمية والمهنية التي تشكلت بعملية تراكمية على مدى خمس وثلاثين عاما مما ادى الى هروب معظم الكوادر وتصفية بعضها الاخر، في حين كان من المفترض محاسبة المجرمين والقتلة وفق القانون الجنائي وليس وفق مزاج هذا الحاكم او ذاك.
إن القوى السياسية العراقية بكل اطيافها كانت ومازالت تعاني من مشكلة (قلة الإيمان) بالعملية الديمقراطية الحقيقية وبالدور الوطني الذي يجب أن تقوم به،لذلك تجدها تتغير وفق مصالحها الشخصية او الحزبية وهذا ما يفسر موقف بعض أطراف القوى السياسية التي كانت تعتبر امريكا الشيطان الأكبر عندما كانت في المعارضة فتحولت وانقلبت بين ليلة وضحاها إلى حليف لأمريكا وتعمل جاهدة على تحقيق المشروع الاميركي بأخراج العراق من دائرة الصراع العربي الاسرائيلي وعدم السماح له بالقيام بواجباته الوطنية والقومية، وكذلك نرى قوى سياسة اخرى كانت محسوبة على التيار اليساري المعادي للإمبريالية تحولت وتحالفت مع مشروع الاحتلال الامريكي فقط من أجل تحقيق مصالحها الشخصية والحزبية.
عندما يصبح الغرض من العمل السياسي هو الحصول فقط على المكاسب الشخصية والمطامح الحزبية يصبح الوطن هو الضحية ويصاب المواطن بخيبة الامل من هذه الاحزاب التي وعدته بالعمل على اقامة نظام ديمقراطي حقيقي وليس كما هو قائم الان من حالة هجينية فاشلة فيها أسوء ما بالنظام الدكتاتوري وأسوأ ما بالنظام الديموقراطي لأن اغلب القائمين على العملية السياسية لا يؤمنون بالنظام الديموقراطي الحقيقي، وأنما يؤمنون فقط بالآليات الديمقراطية التي تؤدي بهم الى استلام السلطة وليس الى التداول السلمي للسلطة لذلك هم لا يصلحوا لقيادة البلد وبناء وطن لمجتمع عانى اهله من أبشع نظام دكتاتوري على مدى ثلاثة عقود ونصف،لكل ذلك سيبقى الفشل ملازما لهذه العملية السياسية حتما اذا لم يعاد النظر في الامور الأساسية التي أدت إلى فشلها وذلك من خلال الغاء المحاصصة الطائفية واعتماد المواطنة كمعيار حقيقي لقبول الاشخاص في جميع المجالات وفسح المجال وعدم إبعاد اي طرف من العمل السياسي في عراق وطني ديمقراطي وان يكون صندوق الاقتراع هو الفيصل وان يعاد النظر في جميع القوانين والتشريعات التي أدت إلى هروب العديد من الطاقات والكفاءات والكوادر الوطنية تحت حجج واهية.
ان مصلحة الشعب العراقي فوق الجميع والقانون هو الحاكم