التنافس الانتخابي للقوى السنية في انتخابات مجالس المحافظات

التنافس الانتخابي للقوى السنية في انتخابات مجالس المحافظات

د.احمد الميالي

اهم المعطيات السياسية بعد تحرير الموصل والانبار وصلاح الدين والمدن الاخرى من تنظيم داعش ان ابناءهذه المدن اصبح لديهم رغبة متزايدة في المشاركة السياسية من حيث الترشيح والانتخاب مما يعكس حضريةهذه المدن ووعي ابناءها السياسي رغم ان معظمها ذات توجه قبلي محافظ، وهذه المعطيات بمثابة دروسمعتبرة مرت بها هذه المدن عبر تجاربهم السابقة مع القيادات السياسية والمشاركة الانتخابية والتمثيلالسياسي، بدءً من القطيعة وعدم المشاركة ثم المشاركة المحدودة الحذرة ثم الانقياد خلف قوى سياسية دينيةمتشددة محافظة تقليدية اوصلت اليهم داعش وحاولت تكريس الشعور ببغض الدولة رغم انهم شركاء فيحكمها وادارتها.

شهدت هذه المدن ثلاث متغيرات بعد التحرير :

اولا : اضمحلال تاثير النخب السياسية التقليدية والدينية في هذه المدن .

ثانيا: بروز قيادات سياسية مدنية معتدلة شابة لمواقع صنع القرار .

ثالثا: تصاعد مستوى الوعي السياسي لابناء هذه المدن في المشاركة والاندماج والتفاعل الايجابي معالدولة.

ولهذا من المؤكد ان التنافس الانتخابي في انتخابات مجالس المحافظات القادمة في المحافظات السنيةوالمناطق المختلطة سيكون لصالح القوى المدنية المعتدلة التي تفوقت على القوى المتشددة، وهذا اكدتهالانتخابات البرلمانية المبكرة ، والمؤشرات تدل ان التحالف السياسي والانتخابي الذي يقوده رئيس مجلسالنواب محمد الحلبوسي  يحظى بمقبولية وشعبية واسعة، نظرا للمعطيات المذكورة اعلاه، وايضا لما قدمهالحلبوسي لهذه المدن من دعم معنوي وخدمي في قضايا اعادة البناء والاعمار والمطالبات المتكررة بحقوقهذه المدن وابناءها.

ومن المؤكد عدم وجود منافس حقيقي لتحالف تقدم الوطني في الانتخابات  المحلية القادمة ، وبمجرد زيارةهذه المدن والاطلاع على التغيير الحاصل فيها من الناحية العمرانية والتحسن التدريجي في الخدماتواستباب الامن وتزايد حركة العمل والسوق تؤكد هذه الحقيقة، صحيح ان القوى التقليدية لن تختفيولازالت متمسكة بالمشاركة الانتخابية وتتحرك داخليا وخارجيا من اجل العودة ولها بعض الانصار، لكن ليسكالسابق نتيجة تحولات الوعي الذي اكده الواقع في هذه المدن.

الانتخابات القادمة في هذه المدن ستنهي  منطق هيمنة التدين السياسي والتعويل على المشاريع الخارجيةالمضادة لمصالح اهالي هذه المحافظات، فالاصطفاف السياسي في تحالف واحد للقوى الخاسرة فيالانتخابات المبكرة السابقة لن يكون حاسما ، ولا الاصطفاف الديني كذلك اذ سيضمحل في الانتخاباتالمحلية القادمة وتتراجع حظوظه.

القواعد الشعبية المناصرة لتوجه واحد في قضاء او ناحية لن يكون ايضا حاسما في الفوز ، العمليةالانتخابية ستكون اكثر تعقيدا من حيث المنافسة على المقاعد في عموم العراق وليس المدن المحررة فقط،شرعية الانجاز والاداء والحضور والوجود والتفاعل ستكون هي الفيصل في ذلك.

وفقا لمعطيات الواقع في المناطق المحررة وتحولاته وتغيير الوعي السياسي فيها  ولعدم تقديم شيء يذكرعلى مستوى الامن والخدمات والتمكين السياسي لهذه المجتمعات من قبل القوى السابقة، صادر الرصيدالشعبي والانتخابي لهذه القوى واضعف امكانية استعادة مكانتها التي كانت تتمتع بها سابقا.

في هذه الانتخابات سيتأكد تقلص وجود هذه القوى من اي طموحات سياسية  للعودة والتأثير كماسيتعزز  التمكين السياسي اكثر للتحالف الذي يقوده الحلبوسي، كما ان طبيعة وتركيبة هذه التحالف سواءداخله او  امتداداته العابرة للمناطقية، سيعمل على استعادة واسترجاع مكانة المكون السني السياسيوتغيير الصورة المختلفة المرسومة عنه خارج محيطه بسبب الفشل السياسي الذي انتجته القوى السنيةالمتشددة والمنغلقة ذات النهج والتفكير الرجعي الانتفاعي.

وهذا يؤشر ان مشروع تحالف تقدم الوطني السياسي والانتخابي لن يكون لحظوي او مرتجلا او مؤقتا اومحدودا، بل سيكون له وجود وقبول ليس فقط انتخابي بل سياسي يمهد للاجهاض على القوى التقليديةالتي تراهن على اخفاق تحالف تقدم الوطني من خلال حملات التشويه والاستهداف والتقارب مع قوىمضادة خارج حدود المحافظات السنية.

(Visited 48 times, 1 visits today)

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *