قبل ان يأتي عيد الحب بسنين خُصِصَت اغلب ايّام السنة للكراهية
والموت والحزن و تَعددت أسباب الحزن في حياتنا، ولا يكاد يمر يوم
من أيام العراقيين دون مناسبة للحزن ، ومع ذلك نقيم احتفالات
للموت بكل أريحية ونغدق فيها الأموال بشكل مبالغ فيه ،فنحن
بارعون في صناعة الأتراح ومدمنون على القهر بأمتياز ، ولعل من
المعيب ان يُرى سنك ضاحكا أو ان يَظهرُ الفرح على وجهك فسيأتيك
من يقول لك ) أمورك عدله( وهذه كناية عن الاستثناء في قاعدة
الحزن الشعبي العراقي. لقد كُتبَ علينا الحزن كما كتب على الذين
من قبلنا أياماً وسنين غير معدودة ، غناؤنا حزن ، حديثنا حزن ، بكاؤنا
حزن ، أعيادنا حزن نبتدأوها بزيارة القبور نذرف الدموع قبل ان نأكل
الحلوى ونصافح بعضنا البعض ،نشعل الشموع على القبور في ذكرى
حزينة لفقد عزيز غالٍ ، ونشعلها مرة اخرى ونطلقها في النهر سائلين
السماء عودة من فارقونا ونشفع كل ذلك بالبكاء والحسرة والألم ،
ولم يخطر على بالنا يوما ما ان نشعل شمعة للحب والمودة كي
نمسح الصدأ المتراكم على قلوبنا ، لان الشموع رمز للأمل والمحبة
والسام والنور و الحب والنور كلمات الله التامات ف ) كلمة الرب منيرة
تنير العينين ( «الكتاب المقدس »، ) والله نور السماوات والأرض ( «
قرآن كريم .»
اصطنعنا مواسم للبكاء كما اخترعنا طرق للنواح ، نخشى من الفرح
والحب حتى تصحرت أرواحنا ، تاجرنا بالدموع والأنين، وأفردنا مساحات
واسعة للأسى ، فتشنا في القواميس اللغوية عن الكلمات التي تستدر
الكآبة والكمد، الى جانب ذلك أقرَّينا عقدا اجتماعيا بعدم السماح
للحب والفرح ان يخترقا أرواحنا ، فهما من الممنوعات والمحرمات التي
يعاقب عليها القانون.
ورحم الله الشاعر كاظم الخطيب وهو يحاول قلب المعادلة فيقول :
مو عجيبة…
عدنه ناس إتجار بالله وتسمي العشك بدعه…
وإحنه للميت نوِّج إشموع عشره …..
ولليحب ما نوِّج شمعه…
مو عجيبة…
اللي يحب محبوب عمره..
مو عجيبة…
المايحب اكبر عجيبة…
كان ذلك قبل ان يأتي عيد الحب بسنين وسنين ، ودارت الايام ومرت
الايام وما بين عراك وخصام وتدمير للأحام أصبح عيد الحب حرام .
ومهما تعددت الأسباب ستبقى مفردة الحب غير مستساغة وممنوعة،
لانها تذكرنا بالحياة وتنسينا الحزن وربما تمنحنا شئ من الأمل في
عالم ملئ بالإحباط.
وتتعدد أسباب التحريم دينيا واجتماعيا زمانيا ومكانياً ويبقى الحب
غائبا وليذهب فلنتاين للجحيم.
عيد الحبُ الغائب
(Visited 7 times, 1 visits today)