د. كاظم المقدادي
اثارت عملية حرق صاحب سيارة توك– توك في الزعفرانية ردود افعال متابينة ، بين متعاطف ومتحامل ،وبين من هو جاد بطرح رأيه وبين متخاذل .. وهناك من ربط هذه الحادثة بحادثة المواطن التونسي الذيحرق نفسه ومات .. ، بعد ان تم منع عربته من الوقوف في مكان غير مخصص لبيع الخضروات .
حادثة الزعفرانية ، خطيرة ومؤذية ، تعكس حجم الفوضى في الشوارع والساحات ، والتجاوزاتالمستمرة لأصحاب التوك – توك والدراجات النارية ، وسط فوضى مرورية وزحامات عارمة لا حدود لها ،مما ولدت جدلا حاداً بين تطبيق القانون وعدم تطبيقه ، وبين عدالة الاجراءات المروية ومرونتها ، وبينتوازن تطبيقاتها .
انها ظواهر مزمنة ، أربكت الشارع العراقي ، بسبب عجز مديرية شرطة المرور من تطبيق الأوامر بصورةجدية ، وزاد الطين بلة رفع الأسواق والبسطيات ، بعد سنين من ثباتها ، وتساهل امانة بغداد حيالها ،ليأتي التطبيق متأخراً وصعباً ..لردم اسواق ثابتة حلت وسط شوارع الناس اجمعين ، وبين بسطياتمتحركة أحتلت أرصفة المواطنين ..!!
لا مجال للتبرير .. اذا قلنا ان امانة بغداد و مديرية المرور تتحملان مسؤولية ما يحدث في الشوارع منفوضى ، بعد ان تراختا كثيراً فأخلت بواجباتها حيث يكون الواجب .. ولم تختل عزيمتها في جمعالضرائب .
أقولها بأسف كبير .. لم يكن لمديرية شرطة المرور منهجاً واضحاً و عادلاً في تعاملها مع المواطنين ،فهي متنمرة قادرة على صاحب التوك – توك ، ومرنة غافلة عن صاحب الكاديلاك ، تتعامل مع من يقودالمركبة ، على اساس مكانته ومركزه ، فإن كان من اصحاب الباج ومن ربع الحاج ، فيكون على العين وفوق رأسه يوضع التاج ، حتى وإن كانت سيارته مظللة .. بلا رقم ولا سنوية ، ويخالف باليوم عشرين مرةوبصورة علنية ..!!
لا أحد يعرف اين تذهب ضرائب مديرية شرطة المرور ، ولا مشروعية الغرامات ، وماهي الجهاتالمستفيدة من فائض الاموال والهبات ..؟
كل شي يجري في مديرية شرطة المرور ، بصورة مريبة ، وبالمزاح والتقاليد والعادات .. حتى وزارةالداخلية تبدو غير معنية ، إلا بتعيين المدير العام حسب المحاصصة والتقية ..!!
هل نعرف .. لماذا لم يتم وضع عدادات لسيارات الأجرة ، ونحن في القرن الواحد والعشرين ، وسياراتالأجرة لدول الجوار تعمل جميعها بالعدادات ، وتعريف بالشركة التي يعمل فيها سائقها ، ويثبت اسمالسائق وعنوانه داخل السيارة .
في العراق .. تركت مديرية شرطة المرور الشوارع سائبة لكل من هب ، فزادت الفوضى وكثرت حوادثالسير المؤسفة ، في داخل المدن وخارجها ، لا رادارات تراقب ، ولا سيطرات تحاسب ، اللهم إلى مراقبةالمركبات الطويلة على حدود المدن والتي تقف بطوابير مثيرة ، ولايام طويلة .. وهنا يحدث الأبتزاز وعدمالأمان .. وتفرض على السائقين غرامات ما انزل الله بها من سلطان ..!!
في الشوارع ، تبدو لنا قوانين المرور بحالة مطاطية ، لا علامات مرورية ثابتة .. ولا دوريات وسيطراتمتحركة .
حركة الشارع ، وفوضى المرور تكشف التقصير الواضح لعمل مديرية شرطة المرور ، التي لا تعملبالضوابط المستحدثة المعروفة ، و إنما بالأوامر والعادات الموروثة ..!!
هناك الاف السيارات ، غير صالحة للاستخدام ، بسبب تهالك متانتها ، وقدم موديلاتها ، ولكنها تسير وتسير ، ومعها يتحرك الشر المستطير . فلا تسقيط للأرقام ، والحدود ظلت مفتوحة لدخول ألافالسيارات بلا انتظام ..!!
في شوارع بغداد ..هناك صبيان يقودون سيارات آبائهم بلا إجازة سوق ، ولا شرطي يوقفهم ، إلا في ساعةصحوة مرورية ، وهناك مجموعة اشخاص حشروا بسيارة واحدة ، يتصايحون يعربدون ، ويقذفونبزجاجات الخمرة في الشارع وتحت اقدام المارة ولا احد يعرف من اين جاؤا .. وإلى اين هم ذاهبون ..!!
اما سيارات النقل الجماعي ، من مركبات قديمة جدا ، إلى حديثة ، من زمن جمهورية الكوستر ، إلى عصر برلمان الكية ، فحدث ولا حرج ، صبيان يقودون الحافلات بسرعة جنونية ، بلا اخلاق ولا كياسة ، ولاحتى الحصول على إجازات سوق بشكل قانوني وبجدارة ..!!
يتسابقون بينهم للحصول على راكب إضافي وسط زحام السيارات ، وكثرة المنعطفات والمتاهات .. يتفوهون بسفاهة التعليقات لكل من يعترض على سلوكهم ، ولا يعيرون اهمية للركاب من رجال ونساءوأطفال وصبية وصبايا ..!!
الثابت .. ان مديرية شرطة المرور بحاجة إلى اعادة تأهيل جاد لأفرادها ، وتحديث أسلوب عملها ، لتظهرفي الشارع وامام المواطنين بهيأة مقنعة ومحترمة ، فرجل المرور هو وحده .. الذي يعكس هيبة وقوةالدولة في الشارع والمجتمع ، بقوة القانون لا بكثرة اللغو والظنون .
رجل المرور .. بحسن مظهره ، وبأحترام مهنته ، وتطبيقه الجاد لقوانين المرور ، فكل تصرف سيء ينعكسسلباً على هيبة الدولة و وزارة الداخلية وأوامرها ، ويفتح الباب واسعاً لنقد الدولة ومؤسساتها .
حادث حرق سيارة التوك – توك في الزعفرانية ، ربما هي الفرصة المهمة لمديرية شرطة المرور ،لمراجعة سلوك أفرادها ، بدوريات انضباط راجلة ومستمرة ، لمحاسبة من يكيل بمكيالين ، وان يكونالتعامل مع سائقي المركبات في الشارع حذرا ، لتطبيق القوانين على الجميع ، فقد يكون سائق التوك – توك اكثر مواطنة وإخلاصا لعائلته و وطنه .. من سائق جي كلاس وسائق التاهو .
ختم الكلام ..
التصرفات الغبية لاصحاب المركبات صغيرهم وكبيرهم .. سببه الاول والأخير ، عدم وضوح الرؤيةوالتعامل ، بين حق صاحب السيارة ، وحق الضابط في تطبيق الأوامر المرورية .. في مدينة أمستشوارعها كراجات للمركبات الصغيرة والكبيرة .. و لمن وجد لنفسه فرصة غرائبية ، ليطلب كراجية ، بكلجد وممنونية ..!!
