حوار خاص مع الشيخ الدكتور خالد الملا

‎الشيخ الدكتور خالد عبدالوهاب الملا
‎رئيس مؤسسة جماعة علماء العراق واحد رموز الاعتدال والوسطية في العراق والعالم الاسلامي، عمل مستشاراً للرئيس جلال طالباني ، درس في كلية الامام الاعظم وحصل على البكالوريوس ثم الماجستير. من نفس الكلية ، كما حصل على شهادة الدكتوراه من معهد الدعوة الجامعة في بيروت ، أسس مؤسسة الوسطية والاعتدال، له مواقف وطنية بارزة ، عارض الطائفية ومروجيها و تحمل على اثر ذلك الكثير ، تعرض لمحاولة اغتيال اكثر من مرة ، يحتل مكانة بارزة بين ابناء شعبه ودول الجوار ، التقته المستقل واجرت معه الحوار التالي
اجرى الحوار : الصحفي ناجي سلطان الزهيري

سماحة الشيخ الملا

نعيش هذه الايام على وقع المجازر التي  يرتكبها  الاحتلال   الاسرائيلي  بحق الفلسطينيين

وبدعم دولي واضح ، ما المواقف التي يجب ان يطلع به العالم الإسلامي ؟

الجرائم التي تُقترف بحق الشعب الفلسطيني عامة وبحق أهل غزة َخاصة هي من أبشع الجرائم التييقترفها الكيان الصهيوني الغاصب وبطريقة وحشية قاسية منزوعة الأخلاق والإنسانية وتأتي هذه الجرائمالفظيعة بدعم مباشر من قبل الولايات الأمريكية المتحدة وعلى مرأى ومسمع من العالم، ضاربة جميعالدعوات الأممية عرض الحائط ، يقابله صمت عربي ،وعجز تام عن مواجهة هذه الجرائم  و حماية أهل غزةأو فك الحصار عنهم، ويشاهدون   قوات الاحتلال تستهدف الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل، بلحتى المستشفيات و دور العبادة والمدارس . هناك عوامل ساعدت على

   العنجهية و التجبر  الاسرائيلي  في مقدمتها تفرق واختلاف العرب والمسلمين ، أقصد بعض الحكاموالمسؤولين من خلال تبعيتهم للدول الداعمة لهم فهذه الشعوبُ تعتقد أن هذه الحكومات عاجزة لان تقفموقفا موحدا كما رأينا في قمة القاهرة الأخيرة كيف عجزوا عن إصدار بيان موحد لأنهم اختلفوا في تصنيفوإدانة جرائم الكيان ومن جهة أخرى في تصنيف المقاومة الإسلامية حماس ودورها الجهادي المقاوم .

العامل الثاني هو الدعم الذي تحدثت عنه من قبل امريكا والدول الغربية وتحشيد المجتمع الدولي والمؤسسةالإعلامية والكتاب والمدونيين وغيرهم لصالح الكيان الصهيوني وهذا شيء يؤسف له كثيرا أن يتحدث بعضالعرب بسوء عن المقاومة وحقهم بالدفاع عن فلسطين أكثر مما يتحدثون عن جرائم الكيان الصهيونيالغاصب بل إن بعضهم يبرر هذه الجرائم !!! .

ماهو رأيك بكلمة السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في مؤتمر القاهرة الاخير حول الحربعلى غزّة ؟

ماتحدث به السيد  محمد شياع السوداني، كان الأكثر نضوجا وشجاعة وبراعة بتوصيف مايحدث في غزةالمذبوحة حتى جعل بعض المسؤولين في حرج وإنْ لم يصرحوا ، ولكنه أعاد الأمل والثقة بهذه الأمة أن فيهارجالا اشداء على الكفار رحماء بينهم , يتحدثون حديثا صريحا ويقفون موقفا مشرفا ، موازنا فيه بينالدبلوماسية وبين مقولة الحق والتي بين فيها ظلم الكيان الصهيوني لشعب فلسطين في غزة والتي الغىفيها المجاملات وكان الحديث بوجود اطراف أجنبية وأممية وهذا ليس بعيدا عن مواقف العراق التأريخية ، إذرأى العالم كله التظاهرات المليونية للعراقيين على اختلاف مسمياتهم خرجوا وقالوا كلمتهم وعبروا عن موقفهم تجاه مايحدث في غزة، وهو موقف اصيل  عبر عن نبض الشارع العراقي .

لقد حضرت عدة مؤتمرات للتقريب في لندن ، هل هناك آثار أو نتائج ملموسة لهذه المؤتمرات ؟

مشروع التقريب والحوار بين المذاهب أو بين اتباع المذاهب الإسلامية هو مشروع قيم مفيد يحمي جدارالأمة من التصدع واستغلال الخلافات بين المسلمين وهو أضعف الايمان  أما عن الاثار الإيجابية فالحقنقول: الأثار التي تركتها هذه المؤتمرات ليست قليلة بل انعكست في مراحل خطيرة الى عوامل قوة وبقاءوصمود مجتمعي ونحن في العراق خضنا تجارب عملية حقيقية حينما كان يقتل العراقي لان اسمه علي أوعمر ! وهذا واقع لاينبغي الهروب منه ولكن حينما كنا نشارك في هذه المؤتمرات داخل العراق وخارجه كانتالكلمات تلقي بظلال التهدئة والاطمئنان في قلوب وضمائر  الناس ولكن الذي لايخفى أن الداعم للتطرفوخطاب الكراهية هو الأقوى من حيث سيطرته على الأموال والقرارات السياسية بل حتى بعض المواقعالحكومية مما يؤثر سلبا على افراد المجتمع ولذلك عاد الخطاب المتطرف بحلة جديدة خبيثة مدعومة هذهالمرة من بعض القوى السياسية المشاركة بالعمل السياسي والتي تتطلع الى حصد الأصوات الإنتخابية منجمهور هولاء لانه بالنتيجة بعض الجمهور يعشق الخطاب الهجومي الطائفي وهذا اقوله بصراحةووضوح .

هل موقف المؤسسات والمرجعيات الإسلامية  بالمستوى المطلوب اتجاه مايحدث في  العالم الاسلامي ؟

المؤسسات الدينية السنية بالعموم هي مرتبطة بحكوماتهم وهذا ليس معيبا بنظر هذه المؤسسات كمايتصور بعضهم، بالعكس فهي مكملة لبعض مواقف دولهم وهذا بخلاف بعض  المرجعيات الشيعيةفمعظمها مستقل استقلالا حقيقيا عن الحكومات والأنظمة ، أما مؤسساتنا ” أهل السنة” مواقفهم قريبةالى الحكومات بل حتى البيانات والفتوى التي تصدر منهم تطبق بذات السياق حينما نريد استنفار الناسللجهاد مثلا ، ولذلك قبل أيام قليلة أصدر العلامة الشيخ الدكتور عبدالرزاق السعدي حفظه الله فتوى الجهادوهذه فتوى محترمة ووجوب العمل بها  واجب ولكنها اصطدمت بقوانين  الدول النافذة التي تنظم حركةوعبور الأفراد والجماعات ضمن قانون الجوازات المعمول به في دولة العالم كلها وهي محاذير حقيقية ، وهذاينطبق على العراق وغيره .

وبتصوري هذا مايمنع بعض مراجع الشيعة من اصدار مثل هذه الفتوى لأنهم يأخذون بالقاعدة {اتقوا اللهمااستطعتم } وبمقولة ( إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع )ومع هذا فالمؤسسات جميعا قامت بواجبها خيرقيام بالقدر المسموح لها شرعا عقلا ومنطقا لكن مع هذا نحن نطمع بمزيد  من المواقف ونتظر مبادرة  فعليهواقعية على الأرض يقوم بها مجموعة من علماء المسلمين مع رجال دين مسيحين ويهود وبالتالي هناكمشتركات بين أتباع وعلماء الأديان هذه مبادرة لم تفعل مع الأسف ولم تأخذ بعين الإعتبار ونحن من خلال ” المستقل ” ندعو الى اجتماع سريع لزعماء الدين المسلمين والمسيح واليهود وليكن اللقاء في العراق أو الاردنأو مصر أو الجمهورية الاسلامية أو تركيا أو دولة أوربية مثل بريطانيا أو الدنمارك أو غيرها .

ماهي السبل الكفيلة بتخفيف التشنج الطائفي في العراق والمنطقة بصورة عامة ؟

التشجنات الطائفية في العالم عامة والعراق خاصة لاتنتهي وهي موجودة بوجود الناس فالعالم يعيشهامنذ فجر الإسلام والى يومنا هذا نعم تخمد ساعة وتستعر أخرى نحن  نحتاج الى المزيد من ثقافة التعايشوقبول الآخر ، بل نحتاج الى مراجعات حقيقية الى التأريخ وكتب الفقه ولابأس نمر على الموروث كله وهذاأمر ليس سهلا كما يتصور الناس ولذلك الحل بنظرنا هو احترام خصوصية الاخرين فلكل دين ومذهبخصوصية معروفة لدى الآخرين فقط عليه أنْ يتجنبها ولايؤذي غيره اضافة الى الحث على ثقافة المحبةوخطاب التعايش والإبتعاد عن المنفرات واحترام قوانين ونواميس البشر فالقانون قادر على تنظيم حياتنا .

ماهو رأيك في عمل دواوين الأوقاف في العراق ، وهل دمجها في وقف موحّد او وزارة معينة افضل من تعددها؟

نعتقد أنّ دمج الأوقاف في مثل هذه الظروف أمر مستحيل ولكن لابد أن ينظم عملهم ويتابع من الدولة متابعةحقيقة خالية من المجاملات المذهبية والسياسية  لأن الأوقاف تتعرض لعمليات فساد كبرى خطيرة جداومستمرة مع الأسف وزيادة الفساد سببه أن بعض الاطراف الحكومية تتجنب الدخول بعمق عمل وأداء  الوقف خشية أن تتهم بالطائفية ومن جهة أخرى بعض المسوولين في الوقف جاؤوا ضمن توصيات وصفقاتسياسية وتدخلات حزبية وهذا يحصل في كثير من مؤسسات الدولة فيفقد الموظف فيها احساسه الوطنيفي خدمة بلده وشعبه واليوم الاوقاف تنهشها بعض الأيادية السياسية بعنوان الحفاظ على المذهب والهويةلكن بوجود حكومة صارمة ومراقبة مستمرة من البرلمان سوف يتغلب الوقف على عمليات الفساد الممنهجةباعتبار أنه مرجعية إدارية ودينية لمكون مهم في العراق ومسؤول عن الخطاب الديني والفكري للخطباءوائمة المساجد أما إذا تُرك الأمر على ماهو عليه فسوف نحصد نتائج خطيرة جدا تُخرج الأمورَ عن سيطرةالدولة ومؤسساتها كما يخططُ له اليوم والنتائج سوف تحصد فيما بعد احتفظوا بهذا المقال سوفتحتاجون لمراجعته إذا وقعت الواقعة .

المرجعية في  النجف الأشرف تمثل الشيعة دينياً وروحياً ، من يمثل السنة في العراق ؟

الذي يمثل أهل السنة في العراق من الناحية السياسية هم المجموعات التي تدخل البرلمان وتشارك فيالحكومة وحتى المعارضون هم ممثلون لمكوننا العزيز وهذا شيء واضح وأما من الناحية الدينية فالدولة هيالمرجع لأهل السنة وهذا أمر معمول به في العالم العربي والإسلامي منذ مئات السنين والدليل عليه احوالالسنة في دولهم اليوم ومن يتبعون ،  وعلى مستوى  الاشخاص فالاتباع الى أصحاب المذاهب الأربعة هيمرجعيتنا الدينية التي نرجع اليها في القضايا الفقهية أما المستحدثة فنرجع الى كبار الفقهاء والعلماءالموثوق بعلمهم هذا بوجه عام أما بالعراق فنفس ماذكرت اضافة الى ذلك وجود الوقف السني وبقيةالمؤسسات الدينية وهي متعددة غير محصورة في جهة اللهم الا المجمع الفقهي فهذا مرتبط قانونه بالبرلمانالعراقي لانه شرع منهم ومدعوم من قبل الدولة وتبقى الدولة هي المرجع الأكبر الذي يستظل الناس جميعابظله ولو رضي أهل السنة بعد عام ٢٠٠٣ مع طرد المحتل طبعا ، كما هم اليوم راضون فرحون متنعمون بالمالوالسلطة والجاه والقصور لماحدث بالعراق ماحدث المهم قرارهم بالمشاركة الفعالة بعد دحر داعش غيّرالخريطة تماما وهذا يؤكد صحة وسلامة كلامنا منذ البداية وبعضهم أعترف امامي صراحة فقالوا لو سمعناكلامك مااضعنا الوقت والمال والدماء  .

المعروف عنك اعتدالك ووسطيتك ، شخصياً هل دفعت ثمناً اتجاه هذا الإعتدال وطرحك الوسطي المتوازنوخاصة في ظروف شديدة الحساسية ايام الشحن الطائفي ؟ داخلياً وخارجياً

الإعتدال دين ومبدأ وعقيدة وإيمان ليس هناك شي في الدنيا الا وله ثمن أنا عملت بمشروع طمر الطائفيةوالتصدي لها في وقت كان الناس يُقتلون على الهوية ويهجرون ويذبحون ومن الطرفين حتى نكون منصفينوعند قومي حسابات اخرى قالوها لي مرارا وتكرارا تارة بالترهيب واخرى بالترغيب { خطابك هذا لاينفعناوأنت تؤذينا به أمام اخواننا من العرب والمسلمين الذين يدعموننا بالمال والسلاح وانت تتعمد على تبيضصورة الشيعة  !! } ولكن مع كل هذه الضغوط لم أصمت بخطابي وبقيت على مبدئي وعانيت بسبب ذلكولازلت اعاني من الحرب المسعورة التي تشنها علينا جماعات ومؤسسات إعلامية داخلية وخارجيةوشخصيات دينية ومجتمعية مؤثرة والاخطر في هذا أن بعض المتطرفين وتحديدا بعد ٢٠١٨  أصبحوا جزءامن الدولة والبرلمان والحالة السياسية فهولاء أصبحت فرصتهم بالانتقام منا أقوى واوسع ، اليوم مع شديدالاسف نُذبح بطرق متعددة من قبل هولاء وليس هناك من يقف معنا كما نحن وقفنا معهم يوم دافعنا عن دماءشعبنا وتصدينا  الى آلة الذبح الطائفي البغيض متحدين القبيلة والعشيرة والطائفة والمجتمع الرافضلخطابنا ، لست نادما مطلقا على مواقفي كلها مع كل ماقدمته من تضحيات انا وعائلتي وزملائي العلماءوالمشايخ الكرام فالجميع يعاني اليوم ويدفع ضريبة الموقف الوطني ونحن متأكدون سوف يخرج رجاليحملون الغيرة العراقية كي يرفعوا عنا الظلم والحيف كما رفعناه يوما عن شعبنا العزيز الغيرة العراقية لنتموت .

انتشرت في منصات التواصل الإجتماعية صورة لك  تأم فيها مجموعة من المصلين أحدهم كان الشهيد ابومهدي المهندس ، ماذا تعني لك هذه الصورة ومتى كانت ؟

نعم هذه الصورة التقطت لنا في الموصل وتحديدا في الگيارة منطقة تل عبطة ذهبنا أنا ومجموعة من علماءالمؤسسة أيام التحرير لزيارة المقاتلين في الجبهات وزيارة الشهيد القائد أبو مهدي المهندس  (رحمه الله)فوجدته في المتقدم وشممت رائحة البارود في بدلته ورأيته يفترش الارض ويستريح عليها حينها كانتزيارتنا في ذلك الوقت تثمينا لموقف الحاج المهندس وابناء العراق الغيارى لتحرير المناطق التي اسقطهاداعش وأيضا لرفع معنويات المقاتلين وتخفيفا للشحن الطائفي الذي تقوده مجموعة من الاشخاصوالقنوات في وقت يقاتل هولاء وبنفس الوقت يشتمون ويتهمون بشتى الإتهامات ولايدري المشتوم يعودلأهله جنازة أم مجروحا معوقا أم سليما  مع ذلك بقي هولاء الابطال يتصدون لمفخخات الدواعش بصدورهموبصدورهم ايضا يستقبلون إتهام إخوانهم وشركائهم في البلاد والذين فيما بعد اصبحوا قادة وزعماء أماالمشتوم فقد ذاق حرارة المعركة وفراق الأهل والأحبه ، نحن أردناها كلمة حق في حق هولاء الأبطال ووجودحقيقي معهم يمسح دمعهم ويطمئن فؤادهم وهي ضمن زيارات أخرى الى ديالى والفلوجة والكرمة وبيجي  وصلاح الدين وغيرهاا .

ماهي الرسالة التي تود توجيهها  الى القادة العرب والمسلمين والشعوب المسلمة بخصوص مايحدث فيغزّة ؟

غزة وأهلها أمانة في أعناق الحكام العرب والمسلمين وشعوبهم مايحدث اليوم من جرائم لابد أن تتوقف فورا،لان حرب الابادة الجماعية جريمة لن تستمر طويلا ، بل كشفت الوجه الحقيقي للكيان الصهيوني وكشفتوجه المنظمات الدولية وكذلك أوضحت عمالة بعض الحكام الذين يهرولون لاسترضاء هذا الكيان تبقى الكلمةالفصل والاخيرة هي للشعوب الحية الحرة الابية وعاشت فلسطين حرة وقدسها سيبقى طاهراً