«الورقة التي لم تسقط في فصل الخريف، خائنة بعيون
أخواتها، وفيّة بعيون الشجرة، متمرّدة بعيون الفصول .»
رزكار ابراهيم
سيكتب التاريخ باحرف من نور… سيكتب التاريخ عن بطولاتهم…
سيكتب التاريخ عن تخاذلهم…
نعم، فالتاريخ المروي او المكتوب او المتناقل، هو تاريخ فيه الكثير من
التزوير و الخداع و التمليس و المبالغات، وفي اعتقادي يجب التخلي
عن فكرة كتابة التاريخ بصدق لانها ببساطة مطلقة، «كل ينظر اليه
من زاويته »، كفكرة شهدائنا و قتلاهم، او كما اوردت في مقدمة هذه
الالتفاتة، عن الورقة التي تسقط من الشجرة، فالتاريخ شيء غير
ملموس نعم فيه احداث ملموسة لكن الافكار شيء غير ملموس و
التصورات ايضا، فلمجرد نقل الصورة تتدخل عوامل عديدة في تركيبها
و انشائها فالعمل هو للمؤرخ، فبدون المؤرخ لا يمكن ان يكون التاريخ،
اذن لا يوجد هناك تاريخ واضح بل هناك مؤرخون ، التاريخ كصناعة
لا التاريخ كمجموع حوادث الماضي ، و هنا يجري وصف ما يجري في
ذهن رجل يتكلم عن وقائع ماضية ، من منظور خاص به تحدده
حرفته داخل مجتمعه. سننتهي بالضرورة إلى مسائل متفرعة.
و لو سلمت الى الراي القائل ان قراءة التاريخ تعتمد على الوقائع المادية
التي حدثت عبر فترة معينة، كما اورد الكاتب احمد عباس الصالح في
كتابه «اليمين واليسار في الاسام »، اورد سؤال في منتهى الحساسية
و الخطورة في التاريخ الاسامي، مفاده: هل كان الخليفة الرابع موافق
على الفتوحات الاسامية التي امر بها الخليفه عمر بن الخطاب )رض(
ام معارض لها، فلو سلمت بهذا الامر ووافقت على ان الامام علي )ع(
اول شخص نقل مركز الخلافة من المدينة الى الكوفة، وهذا بتحليل
عباس الصالح، كان موافقا، لو سلمت لهذا الامر جدلا سيكًون عندي
رأي اخر مختلف عن الصالح بكل تأكيد اي انني اتصور واحلل ما قاله
التاريخ حتى الموثق بالوقائع المادية.
اذن انا اصبحت مؤرخ اخر، غير الذي ارخ الحدث وغير الذي نقله
وتسائل فيه، وهذا لن يجدي الى اي منفعة تذكر لاننا امام معضلة
كبيرة اسمها التأريخ.
هذا ما كان في التاريخ السياسي، التاريخ الاكثر تاثيرا بالناس، التاريخ
الذي يدرس في كل مدارس العالم، فهكذا تاريخ لا يجدر بان يدرس
وكل بلد يدرس تاريخه السياسي اولا ويؤكد عليه بانهم الابطال ومن
يذر حروف التأريخ وما الى غير ذلك.
نعم نحن امام معضلة كبيرة اسمها التاريخ لاننا يجب ان نجيب على
السوال الذي طرحناه في البداية من يكتب التأريخ؟
التاريخ الحقيقي، واعتقد جازما بان من يكتب التاريخ هم الادباء و
الفنانون و من يعمل بالحقول الثقافية، فنظرة واحدة الى تاريخ ابن
رشد تكفي للاجابة على هذا السؤال
من يكتب التاريخ؟
(Visited 8 times, 1 visits today)