علاء الخطيب
عرفت الثورة الايرانية عام 1979 و التي اطاحت بحكم ” الشاه“ بثورة الكاسيت ، اي اشرطة التسجيلالتي تحمل خطب وتعليمات قائد الثورة “الامام الخميني “.
اشرطة الكاسيت المنتشرة انذاك الهبت حماس الثوار و قلبت المعادلة .
وبين الامس واليوم ظل المشهد ذاته إلا ان الوسيلة تبدلت، تنازل الكاسيت عن دوره الى مواقع التواصلالاجتماعي.
هذه المواقع التي هزت عروش واسقطت دول ، اصبحت اليوم وسيلة فعالة لتحريك الشارع ، بالاتجاه الذييريده محركوه.
الفرق بين الكاسيت ومواقع التواصل هو ان الاول يحرك من الداخل ، والثاني يمكن ان يحرك من الخارج .
ان تأثير مواقع التواصل اليوم كبيرا ومؤثراً ، وفي كثير من الاحيان مرعباً، فالتكنولوجيا امست السلاحالفتاك الذي يرعب الحكومات ويقلق الدول ، وعجزت عن التعامل معه والسيطرة عليه .
ولم يعد القمع والحديد والنار هو الوسيلة المثلى لبسط سيطرت الحكومات على الشعوب ، ولم يعد الاعلامبيد الحكومة تفرض رؤيتها بالطريقة التي اريد ، فأصغر هاتف نقال يعادل كماً كبيراً من الصحفيين والمراسلين .
واصبحت الاخبار سريعة و فعالة ، فالصوت والصورة في متناول الجميع، ومؤثرة في الجميع .
مقاطع الفيديو والتغريدات التي عرضتها وسائل التواصل منحت المتظاهرين في شوارع ايران زخماًللاستمرار و نافذة للتعبير لايصال صوتهم .
ورغم ان طهران اوقفت الانترنيت ،لكن الصور و مقاطع الفيديو لا زالت تتدفق لتوصل اخبار الاحتجاجات .
تجربة الربيع العربي ومن بعدها العراق ، واليوم ايران تعطينا انطباعاً ان الثورات اكثر تطوراً منالحكومات ، في الوقت الذي تبقى الحكومات تستخدم وسائلها في التأثير بالرأي العام الداخلي والخارجي، وتصور الاحتجاجات بانها عميلة للخارج وان قوى اجنبية ورائها ، وان التعامل معها يمر عبر الدستور ،تخرج مقاطع الفيديو على الفيسبوك وتويتر وانستغرام ، لتفند ما تقوله السلطة .
بين الكاسيت و مواقع التواصل مسافة ، هي مسافة التطور والتغيير ، مسافة الانتقال من عالم الى عالممختلف.
لقد تبدلت الرسائل ، وتبدلت معها طرق التفكير ، وعلى الحكومات ان ندرك هذه الحقيقة ، وان يتعامل معهابعقلية مختلفة ، غير عقلية الكاسيت.
لقد ولى زمن الكاسيت وها هو عصر جديد أطل علينا ، واجيال جديدة تجيد التعامل مع التكنولوجيا،وتعرف مديات تأثيره .
كان الكاسيت يتداول بشكل سري ينقل التعليمات الى الثوار ويحدد لهم وسائل التعامل وموعد التظاهراتوغيرها ، لكن اليوم اصبحت التعليمات علنية عبر المواقع ، فالتظاهرات لا يحتاج الى تبليغات سرية بليكفي ان ينظم ويحدد احدهم مكان وزمان التظاهرات وهو يسكن على بعد الاف الكيلومترات.
لقد انتج الكاسيت ثورة عُدت واحدة من اهم الثورات في القرن العشرين ، فهل تنتج مواقع التواصل نسخةجديدة في القرن الواحد والعشرين ؟