المستقل / الشارقة
في جلسة حوارية ضمن برنامج الفعاليات الثقافية في “الشارقةالدولي للكتاب“
طرحت الإعلامية ليلى محمد أسئلة جوهرية حول سعي المؤلفين لإيصال كتاباتهم الأدبية وضمان تحقيق الجماهيرية والرواج والقبول بين القرّاء، أبرزها؛ ما هو مفهوم الأدب الجماهيري؟ وما هيمميزات هذا النوع من الأدب؟ وهل يمكن للروايات تحقيق جماهيريةأكبر من الشعر والمسرح والقصة القصيرة؟ وما هي العوامل التيتقرر الجماهيرية؟ هل هي المبيعات؟ أم عدد القرّاء؟ أم التقييمات؟
جاء ذلك في جلسة حوارية بعنوان “سمات الأدب الجماهيري“، شهدت مشاركة كلٍّ من الكاتبة الكندية نيتا بروز، والدكتور الباحثوالروائي بومدين بلكبير من الجزائر، والصحفي والناشر الدكتورصالح البيضاني من اليمن، والروائي العماني محمود الرحبي، ضمن برنامج الفعاليات الثقافية خلال اليوم الثاني من الدورة الـ41 لـ“معرض الشارقة الدولي للكتاب” التي تقام في الفترة من 2 حتى13 نوفمبر الجاري في “مركز إكسبو الشارقة” تحت شعار “كلمةللعالم“.
وفي مداخلته خلال الجلسة أشار الدكتور الباحث والروائي بومدين بلكبير إلى أن الإجابة على هذه الأسئلة المهمة تتطلب إجراءمسوحات دقيقة وشاملة للمنطقة العربية، مؤكداً وجود عدة عواملجعلت من الكتابات الجماهيرية في صدارة الأعمال الأدبية، منهاالترويج الواسع والتسويق الجيد للكتب من خلال قوة صورة الغلافوألوانه وتصميماته وجمالياته، وسلطة الأرقام، حيث أن كثيراً منالناشرين يتعمدون كتابة عبارة “الأكثر مبيعاً”، “وبيعت منع ملايينالنسخ“، بالإضافة إلى كاريزما الكاتب وصورته، وفقاً لاهتمام القراءبحياة الكاتب “النجم“، فضلاً عن أهمية الترجمة، والجوائز التيتلعب دوراً أساسياً في إبراز الأعمال.
وأضاف: “في الولايات المتحدة وكندا يوجد صناعة حقيقية للكتابتسهم في نجاحه، حيث أننا نتكلم عن إنتاج ونشر وتوزيع الكتاببمعايير عالمية تسهل إبرام العقود والاتفاقات، وسهولة إجراءات نفاذالكتاب إلى الأسواق الداخلية والخارجية، وعلى الصعيد الشخصيلاقت رواياتي بعض الرواج لكن وصول آخر رواياتي (زنقة الطليان) إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العالمية أسهم بإعادة طباعتها عدةمرات، وترجمتها إلى عدة لغات، فضلاً عن التكنولوجيا ووسائلالتواصل الاجتماعي، ولا ننسى دور الإعلام التقليدي، لأن وصولالكتابات الأدبية إلى الجماهيرية لا يمر على طريق واحد، وإنماعلى عدة طرق عبر استراتيجية متكاملة لدار النشر في الترويجللكتاب وتسويقه“.
من جانبها، نوهت الكاتبة الكندية نيتا بروز، مؤلفة رواية “الخادمة” التي تُرجمت لأكثر من 35 لغة عالمية، إلى أن الترجمة تصنع فارقاً جوهرياً في تعزيز جماهيرية الكتاب، فإذا نجح الكاتب بترجمة عملهإلى لغات عالمية، سيضمن التغلب على عقبات الوصول إلى الثقافاتالمختلفة، والانتقال من الشخصي والمحلي إلى العالمي، وهو هدفيصعب تحقيقه، إذ ينبغي للكاتب ابتكار قصة وشخصيات لا تناسبثقافته الشخصية فحسب، وإنما كافة الثقافات، والتواصل معها.
وأضافت: “تمثل الترجمة بوابة إلى العالمية، وإذا لم يتوفر للكاتبفرصة ترجمة أعماله، ستُغلق هذه البوابة أمامه، وسيخسر فرصةكبيرة، سنخسر جميعنا كمؤلفين وقرّاء فرصة فهم الثقافات الأخرى، ووجهات النظر المختلفة، والانتقال من التجارب الشخصية إلىالاستفادة من الخبرات العالمية“.
بدوره، أكد الصحفي والناشر الدكتور صالح البيضاني وجودتباينات كبيرة بين سمات الأدب الجماهيري في الغرب عموماً وفيالعالم العربي، حيث يتميز الغرب بمنصات إعلامية وثقافية راسخةيمكنها رصد أهمية الكتّاب والكتب التي صدرت حديثاً، بالإضافةإلى قوائم شهرية وأسبوعية بأكثر الكتب مبيعاً، والمؤسسات التيتأخذ بيد الكاتب وتقدم له نقلة هائلة على صعيد الانتشار والترجمةإلى لغات أخرى.
وأضاف: “سمات الأدب الجماهيري في العالم العربي مختلفةتماماً، وتعتمد إلى حد كبير على العشوائية، ولا توجد معايير ثابتةيمكن من خلالها تتبع هذا النمط من الكتابات التي تحظى بشهرةواسعة، بل تعتمد على بعض الانتشار الذي يحققه الكاتب إما بشكلفردي، وإما من خلال حصوله على جائزة مثل جائزة البوكر العربيةأو جائزة الشيخ زايد، ومؤخراً استطاعت وسائل التواصلالاجتماعي أن تفرز جيلاً جديداً من الكتّاب الشباب الذيناستطاعوا اختراق الحواجز التقليدية، والوصول إلى شريحة أكبرمن القرّاء، وبشكل خاص الشعراء وكتاب القصة القصيرة“.
وأشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي استطاعت أن تحررالكتّاب من سطوة المحرر الثقافي في الوسائل التقليدية، ومنسطوة الناقد، حيث أصبح الكاتب قادراً على الحصول على آراءالقرّاء مباشرة، ولم يعد رهينة للناقد.
من جهته، قال الروائي العماني محمود الرحبي: “الكتاباتالجماهيرية هي التي تبدأ من الجمهور، وفيها نوع من التنازل علىالمستوى الفني، لكن هناك بعض الكتابات التي تمزج بين الفائدةوالمتعة، فليس من الضروري أن يكون الكاتب أديباً ليكون عملهجماهيرياً، فربما يكون شخصية مشهورة في مجال ما، سياسي أوصحفي أو محاضر، وحين يصدر كتاباً يتحول إلى كاتب مقروء، لأنالجمهور لديه فضول لمعرفة تفاصيل حياته، وهذا ما حدث في كتابغابرييل غارسيا ماركيز (عشت لأروي) الذي انتشر بشكل كبيرقياساً ببعض رواياته، ولأنه شخص معروف، كان لدى الجمهورفضول لمعرفة حوافز كتاباته ورواياته“.
وأضاف: “بالنسبة للكتابات الأدبية، من المهم أن يتوفر فيها عنصرالمتعة لأن الأدب في جوهره مبني على المتعة، فكلمة أدب اشتقاقهاالجذري من المأدبة، بمعنى الطعام والحديث والمسامرة، وأتفق معزملائي حول وسائل التواصل الاجتماعي، والجوائز وخاصة جائزةالبوكر في مجال الرواية التي تحقق قفزة حقيقية لأن الرواية ذاتصبغة عالمية“.