القلب البديع ــــــــ

القلب البديع ــــــــ

هادي الحسيني
رقيق كنسمة وجميل كوردة ، دمث الأخلاق ، كريماً ، ذكياً ، محباً ، مخلصاً ومبدعاً ، هكذا وصفه الذين يعرفونه عن قرب في مدينته الناصرية التي ولد فيها منتصف الأربعينيات من القرن الماضي أنه الشاعر ( خالد الأمين ) صاحب قصيدة ( القلب البديع ) القصيدة التي تعتبر واحدة من القصائد اللامعة في الشعرية العراقية والتي نشرت عام 1968بمجلة العاملون في النفط عندما كان يشرف عليها الأديب الكبير ( جبرا ابراهيم جبرا ) . الشاعر العراقي الراحل (خالد الأمين) 1945-1972 بالرغم من صغر سنه آنذاك كانت قصائده في الغالب قصائد تلفت نظر قارئها لِما فيها من توهج وإبداع وهي قصائد تؤكد على عبقرية شاعرها وفطنته وذكائه وله العديد من القصائد التي تعد من روائع ما كتب في القصيدة الحديثة في تلك الفترة والتي تأثر بروادها في بداياته الأولى ، لكن صوته المييز وشاعريته المبهرة وثقافته العالية جعلت منه الصوت البارز الذي ذهب الى الموت عام 1972 بسبب انتمائه لليسار العراقي وهكذا تم إعدامه في أحواض التيزاب للأمن العامة بعد أن تم إلقاء القبض عليه في نادي الموظفين داخل مدينة الناصرية .
خالد الأمين شاعر صاحب إمكانيات شعرية عالية ومهمة ويعتبر رحيله المبكر وبتلك الطريقة المأساوية بمثابة خسارة كبيرة لا تعوض !. وعندما نقرأ قصيدته الجميلة ( القلب البديع ) نشعر وكأن القصيدة كتبت للتو وهي في حالة تجدد مستمر وهذا هو الشعر الحقيقي الذي يظل خالداً مهما دارت الأيام دورتها ، ولعل البناء الحداثوي داخل قصيدة القلب البديع والتي تجاوز عمرها أكثر من نصف قرن من الزمان مازال يؤكد على جمال القصيدة التي تشتعل بالصور الشعرية ومخيلة عالية الجمال متفتحة بالرغم من ان الشاعر يرثي نفسه داخل قصيدته قبل إعدامه بسنوات . في القلب البديع نقرأ الألم والفجيعة التي حلت بالشاعر وبروحه التي مازالت تحلق بقصائده في سماء الإبداع وهي تؤشر على القتلة والحاقدين على الحياة . للشاعر خالد الأمين العديد من القصائد الرائعة والمهمة والتي نشرت في بعض الصحف والمجلات في تلك الفترة وله ايضا مخطوطات شعرية لم تر النور . نقرأ في قصيدته الجميلة القلب البديع حيث يقول :
لبعض السفر أحتاجك ،
لكن ما فعل طيش الذاكرة
وأيّ زنخ يُثيره الليل بهذا النهار البتول
بل يا للصراخ الكالح المقوّس
لربما الملائكة
لولب الآونة
والسير دون رجعة ،
هو أصعب الملاحظات
بسلّة من دخان وددت لو أثقب غرفتي
لأسيل نحو الشجر، حزيناً،
وبغبرة خفيفة
إلى أيّ الغرف ذات الويل … يقودني
بعنق غيرك لاحقت أرياف الإعدام
عزلة مغطاة بأفخم الانكسارات
تجري دون توقف
ضد حافة الفضاء هي مياه الحديقة
وهي هذا المساء ذو العضلات والأكفان الزرق
بينما زجاج الفاقة
وحده الذي يصنع محطةً لعشب مثير.
أنت للسنين التي بلا براءة
وللقتلة الذين بلون الأقمار …

ــــــــــــــــــــــــــــــ
أوسلو / 2016

(Visited 10 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *