علاء الخطيب
المسير نحو كربلاء ليس مسيراً نحو مدينة تضم جسد الامام الحسين عليه السلام ، وليس سيراً للوقوف على مكان الحدث واستذكاراً المعركة ، كما انه ليس كرنفالاً سنوياً على غرار كرنفالات العالم ، ربما يتضمن المسير كل ما ذكرناه ، ولكن هدفه الأسمى هو فهم منهج وفكر ثورة الـ “لا” ، وترسيخ قيم الحب والوفاء والتضحية و روح الرفض للباطل .
مشهد مهيب لتلك الجموع المليونية وهي تتوق وبشغف للقاء بالحسين الروح والمبادئ .
مشاهد عجيبة في روح الإيثار والمشاركة والبذل والعطاء ، والايمان.
كلٌ يقدم ما يستطيع ، القليل هو كثير عند الجميع ، حالة من التسامي والإيثار ونبذ الانانية.
يتساوى الجميع في خدمة الفكرة ، دون النظر إلى المسميات او الاعتبارات الاجتماعية ، تتلاشى كل الألقاب والصفات الاعتبارية وتبقى صفة واحدة وهي “عشاق الحسين “.
هذا العشق ليس عاطفياً لذوي البصائر ، بل عشق الحقيقة الثابت.
عشق الحرية وعشق الاباء ، وعشق الحياة، ليست حياة عدد السنين ، بل حياة الموقف الخالد ، حياة الكلمة وعظمتها ومسؤوليتها ، ربما يقولها البعض بكل سهولة وينعم بالحياة وعدد من السنين اطول ، لكنها حياة مغمسة بالذل والخنوع وسلب الارادة .
الفرق بين الحياتين كبير ، مقياسها الموقف والكلمة .
قل كيف عاش ولا تقل كم عاش
من جعل الحياة إلى علاه سبيلا
لا غرو ان طوت المنية ماجداً
كثرت محاسنه وعاش قليلا
كل ما نراه من مشاهد ومظاهر في طريق السائرين ليس له إلا غاية واحدة وهو إبقاء شعلة كربلاء وما تمثل من قيم مستمرة.
الحسين ليس جسداً مقطع ، واصحابه ليسوا ضحايا كما يصور البعض ، بل هم ارواح اختارت نهايتها، لتكون مثالاً انسانياً خالداً .
وهو مصداق لما قاله الامام الصادق لعمّه العباس عليه السلام ” أشهدُ أنك مضيت على بصيرة ٍ من امرك ” وهكذا هم البقية من شهداء كربلاء مضوا وهو مؤمنون بأنهم أحياء خالدون باقون ما بقي الدهر .
الحسين واصحابه فهموا الخلود بطريقة مختلفة ، الخلود عند الحسين واصحابه هو المنهج الخالد والروح الأبدية المتقدة بجذوة الحق.
وهو هو يوم الأربعين ، يجسد المنهج ويستفز عقولنا لإتباعه .
تجليات مسير الأربعين / علاء الخطيب
(Visited 18 times, 1 visits today)