لقاح الكوفيد 19 بين الحقيقة والمؤامرة

لقاح الكوفيد 19 بين الحقيقة والمؤامرة

في نيسان/ابريل 2020 وفي ذروة ازمة الكورونا كان مجرد التفكير بظهور لقاح
فعال ضد الفايروس ضربا من الخيال.
في تلك الايام كان الناس متلهفين لسماع اي خبر عن عاج ما، اية وصفة
سحرية او عقار يمنع تدهور المريض ويحفظ حياته المهددة بعدو غير
مرئي مريب.
ظهر خبراء على شاشات التلفزيونات العربية ينصحون الناس بالغرغرة بالماء
الدافئ استنادا لنظرية ان الحرارة تقتل الفايروس.
ونوه دونالد ترامب مستشاريه حول امكانية شرب مواد التنظيف الكيميائية
التي تقتل الفايروس على الاسطح، حول امكانية استخدامه كشراب للخاص
من المرض. ودخل العالم في نفق الخوف.
في قمة الازمة والاغاق الشامل واليأس من حصول معجزة للخلاص من هذا
الكابوس، كان هناك من بدأ بافكار لمشاريع لقاحات تنقذ البشرية.
منعت اللقاحات عموما بين عام 2010 – 2015 عشرة ملايين حالة وفاة وجنبت
ملايين البشر الاصابة بامراض خطيرة مثل الحصبة وشلل الاطفال والجدري.
لهذا الحديث عن ان لقاحات الكوفيد 19 على انها حديثة وصنعت بسرعة
قياسية يخفق في النظر الى تاريخ الادوية واللقاحات. تاريخ لاينقطع فيه
الحاضر عن الماضي اذ ان تقنيات صناعة اللقاحات عملية مستمرة لاتتوقف
وان توقفت الامراض. وحين بدأت مشاريع اللقاحات بالتبلور بدأت نظريات
المؤامرة تحشد الجمهور المحبط لهزيمة الامل الوحيد للخروج من هذه
الجائحة.
ومع انتشار المعلومات الخاطئة والكاذبة حول الكوفيد 19 كان للقاحات نصيب
لايستهان به. بدءا من زرع شريحة النانو الى العقم وتغيير الحامض النووي
DNA واستخدام انسجة الاجنة الميتة. حين ينحسر صوت العلم والعلماء يبرز
صوت الجهل وتزدهر نظريات المؤامرة وتتسيد الموقف.
هناك فرق بين الشك المبني على تساؤلات علمية مشروعة وبين التشكيك
بفعالية وسامة اللقاحات ورفضها المطلق.
كيف تقنع شخصا ما بأهمية اللقاح اذا ماكان لايصدق بوجود الوباء أصا
ويعتبر ان الكوفيد 19 مؤامرة سياسية من صنع مختبرات اجهزة المخابرات
وبيل غيتس.
والآن وبعد مرور عام كامل على بدء الجائحة نجح العلماء بانتاج اكثر من
لقاح رغم الشكوك ان هذا الحلم لن يتحقق الابعد امد طويل. وبدأت حملات
التطعيم ولحد هذه اللحظة تم تلقيح اكثر من 60 مليون شخصا في العالم.
مازال هناك بعض المترددين الذين ينتظرون جارهم واصدقائهم ان ياخذوا
اللقاح اولا ليتأكدوا انه لن يقتلهم أو يسبب عاهات مستديمة.
ومازال هناك من يرفض اللقاح.
ماظهر في الدراسات السريرية الصارمة والتي خضعت لشروط السامة العلمية
ان اللقاحات امينة وفعالة وهذا الذي دفع هيئات الادوية الاوروبية والبريطانية
والامريكية المعروفة بدقتها وصرامتها بالمصادقة عليها، وهذا هو مايمنحنا
الثقة بها. لدينا اذن مرجعية علمية لاتتهاون في شروط السامة.
هناك اسئلة مشروعة، مثا كم ستدوم المناعة التي يمنحها اللقاح ؟وهل
هناك اعراض جانبية قد تظهر في المستقبل؟
متابعة عمل اللقاحات وآثارها الجانبية سيستمر لسنوات طويلة وسنعرف المزيد
في المستقبل. ولكن مانعرفه الان استنادا للادلة العلمية ان لقاحات الكوفيد 19
ستكون فعالة في السيطرة على هذا الوباء المخيف وانها ساحنا الوحيد في
معركة شرسة مليئة بالمفاجآت مثل السالات المتحورة. مانعرفه انها لن تغير
الحامض النووي او تسبب العقم او انها تحتوي على انسجة اجنة ميتة.
الامل في العودة الى الحياة الطبيعية يبدأ الان مثل طفل يقف على قدميه
لأول مرة، قد يسقط مرة بعد اخرى لكنه في النهاية سيقف ثابت الخطوة
وعلى وجهه ابتسامة المنتصر.

(Visited 5 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *