((اليهود …  بين تيه الماضي …. وعقدة المستقبل…))

((اليهود … بين تيه الماضي …. وعقدة المستقبل…))

      أ.د مزهر الخفاجي

ظلت عقدة تاريخ اليهود لعنة تؤرق وجودهم التاريخيفالمدونة التاريخية تذكرهمبتسميات عديدة ..

فقد وردت تسمية اليهود (بالعبرانيين )في سفر التكوين (١٣:١٤ ) حيث اطلق على النبيابراهيم عليه السلام اسم ابراهيم العبراني ، أي ابراهيم العابر للنهر ويقصد بهِ الفرات ،والعابر هنا جاءت للدلالة على التنقل من جهة الى أخرى.

لم تصمد هذه المعلومة تاريخياً إذ أن ظهور النبي ابراهيم عليه السلام يعود الى عام(١٩٥٠) قبل الميلاد ، وان كلمة عبري أطلقت على سكان فلسطين والذين كانوا يجوبونصحراء النقب كما ورد في المصادر المسمارية الرافدينية وفي المصادر الهيروغليفيةالفرعونية ، كما يذكر ذلك الباحث الاركيولوجي (Andre Robent) .

وقد ذهب المفسرون للتوراة واللاهوتيون الى، أن كلمة (عبري) قد ذكرت في سفر التكوين١٨/٤:٢٩ وكذلك في الأصحاح ١٢:٤١ وفي سفر الخروج ١٩:١ وفي سفر صموئيل الأول٦:٤ كلها كانت لها دلالة على القبائل والاقوام الغريبة على المكان ونقصد ( الجزيرة وبلادالشام ) والملاحظة الأهم ، والذي يحسم كثيراً من الدلالات التاريخية والعلمية في وجودالعبريين ، نجد أن القرأن الكريم لم يستخدم إطلاقاً لفظ( عبري ) او ( عبراني) وهذا لاناللفظ يحتوي على دلالة قومية وعرقية ليست أصيلة في المنطقة وليست اصيلة كأقوام فيالدين والجدير في الذكر ان اليهود ذهبوا الى تخريج عرقياً او نسبياً أخر فقالوا نحن(بنو اسرائيل )وهذا ماورده كذلك بعض المؤرخون العرب المسلمون استخدام تسمية (بنواسرائيل ) للدلالة على العبريين القدامى وهناك عبارات أخرى أمثال قوام (موسى ) واليهود والتسمية الاخير ونقصد اليهود ، لا تحظى بمعن ًودلالة إيجابية في القران الكريمكما هو واضح في سورة (آل عمران ) الآيه ٦٧، وسورة (البقرة ) الأيه١٢٥ ، وسورة البقرةالاية ١٤٠ .

أما تسمية ( بنو اسرائيل ) وهي التسمية التي فضلها اليهود والتي تأتي لمعالجة الخللفي التلفيق التاريخي الذي لجأ إليه أحبارهم خاصة بعد ان تلصصوا  على رواياتالمؤرخ المصري (مانيثون) ومن بعده (يوسفيوس) ، والانتحال الكبير للتاريخ السومريوالرافديني القديم .

بعد أنسداد فكرة التصديق او صمود روايتهم في تكوين أصل قومي للعبريين في جسدالمشجر التاريخي الحضاري لهذه الأمة، ففضلوا تسمية ( بنو اسرائيل ) وقد وجدَأحبارهم مايبرر وجودهم حينما ذكروها في سفر التكوين ٣١:٢٢ ، وتحديداً في قصة رؤيايعقوب عليه السلام ، والتي تغير فيها أسم يعقوب الى إسرائيل ، لأنهُ جاهد مع الله وكلمة، إسرائيل إذن تعني (المجاهد مع الله) ، وكأن الاسم أريدَ بهِ قضيتين

تاريخياً ربط نسلهم بأسحاق اخو اسماعيل بأبراهيم ، والثاني لاهوتي ، أنهم نسلالنبي وفي كلا الشبهتين غاية واضحة في تثبيت نسلهم باابراهيم عليه السلام ليرسخوافكرة ابناء عمومة اسماعيل عليه السلام ، وبالتالي سيكونون ابناء عمومة العرب ليبرروافرضية الوجود غير المتحقق تاريخياً وفرضية القِدم غير الموثق بشرياً.

ثم ظهر بعد ذلك مصطلح ( يهودي) والذي ذُكر في سفر الملوك ٦:١٦ ، والذي أستخدمللدلالة على ان بعض ملوك اليهود كانوا قد سُبوا الى بابل وهي بمعنى (هادوا) اي ( أستوطنوا) بالقوة في بابل بعد تأمرهم وتمردهم وتحريضهم على دولة بابل العظيمة .

ولم يكتفوا اليهود تيهاً في الوصول الى جادً أنهم شتات اقوام ولسوا أرومة ، فقاموابالتلفيق والانتقاء والانتخاب السردي من تاريخ وحضارات الأمم الاخرى ليؤسسواأحبارهم الأوائل نصاً تاريخياً لايمتلك اليهود منه إلا فذلكة الجمع والتلفيق التاريخي  ،فنجحوا بعد من اغتيال التاريخ واغتيال  العقل الديني  من خلال انتحال الكثير منالاساطير السومرية والبابلية ونسج تاريخي مُحبك ومُنتحل ، كان قد تناول قصصالخليقة وخلق الانسان والأساطير الاخرى والطوفان وحشرها في التوراة ولم يقفتلاعبهم عند هذا الحد بل نجد ان تناصهم (التاريخي واللاهوتي) او قل أزاحتهم للأصلالرافديني والفرعوني وللكثير من العقائد الدينية والأخلاقية على صعيد التحريم والنهيالأخلاقي مايفوق الوصف في كتابهم (التلمود ).

أن كلاً من المرجعيتين التاريخية والدينية وحتى الاسطورية اليهودية قد أصابها العطبالكبير فهذه القبائل لم نجد لها تاريخاً قومياً حقيقياً مشرفاً يتجاور في المشهدالحضاري مع الاقوام السومرية والأكدية والبابلية والأرامية والفرعونية بدأ من الألفالثاني قبل الميلاد وحتى تشكيل مملكتهم(  أسرائيل) وانقسامها بعد ذلك الى (اسرائيل)و(يهودا)، ولأنهم ليسوا نسيجاً طبيعياً في الوجود البشري والحضاري ولأنهم غرباءعلى مفهوم التواجد الطبيعي كونهم غرباء انتحلت الدين لتحول منهُ اقوماً او أروماً  فكان وجودهم كونهم شتات من أقوامٍ عدة وكان وجودهم الطارئ يفرض عليهم الأندماجمع القبائل الجزرية او الرافدينية او الفرعونية وان وجود هذا الشتات القلق قد جعلهولاء الناس يمارسون سياسياً نوعاً من التحريض بين القبائل الأرامية الجزرية الأثنىعشر نوعاً من التحريض والحث على النزاع قل نظيره ولم يكتفي شتات (اليهود) او بنوااسرائيل فيما بعد عند حدود أحداث انقسام في الممالك الشامية الى الحد أنهم كانواسبباً من الاسباب في عدم قيام دولة كبيرة فيها بل ذهبوا الى أبعد من ذلك أنهم كانوامتعددي الولاء السياسي فاليهود عُرفوا بكونهم كانوا عسساً مرة  للفراعنة المصريين ضدالعراقيين الاشوريين وتارة أخرى يحرضون الاشوريين والرافدينيين ضد الاقوام الشامية .

والظاهرةالتاريخية  الأخطر للوجود اليهودي في تاريخ حضارات العالم القديم والتاريخالمعاصر ، أن دولة بني اسرائيل او اسرائيل المعاصرةكانت تمارس دور المخبر السريللأمبراطوريات الاستعمارية الكبرى وتسهل وصولها لمنطقة الشرق الأوسط القديم ، فهمكانوا أدلاء للأخمينيين سنة (٥٣٩ق. م) وأسقطو بابل  ، بعد ذلك بلاد الشام بحدود(٥٣٨ق.م)  ثم ساهموا في إسقاط الدولة المصرية للأحتلال الفارسي سنة(٥٢٥ق.م) ،وكانوا أدلاء للحثيين للسيطرة على الشرق الادنى والتدخل في شؤون حضارة بلادالرافدين وحضارة وادي النيل وثالثة مرتزقة للجيش الأغريقي للسيطرة على مصروفلسطين ، ورابعة أدلاء للرومان لتخريب منجزهم الحضاري

وأستمرت عملية العسعسة التاريخية لليهود والتأمر والتضليل وفتح منفذ الشر علىمصراعيه لانواع الانقسامات والصراعات والأحتلالات والمشاريع التقسيمية المستمرة فيالمنطقةوشغلت فكرة الوجود القلق والطارئ على المنجز الحضاري ، فصارت نظريةالتأمر والوجود القسري والتأسيس السياسي لحلم الدولة اليهودية المفترضة  هو الشغلالشاغل في الذاكرة المشوهة لشعب الله اللامختار الذي احترنا ان نسميه عبري  أماسرائيلي أم يهودي .

(Visited 7 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *