مرتضى كتاب الشمري
يعرف الجهل في القانون هو أن يدعي الشخص المرتكب للفعل الجرمي عدم علمه بأن هذا الفعل معاقب عليه في القانون ، و ان القاعدة المعروفة في هذا المجال تذهب الى القول ( لا يعذر احد بجهلة بالقانون ) .
فالتشريعات والقوانين لا تكون ملزمة للأشخاص الا اذا كان العلم بها ممكناً.
ولا بد للقانون لكي يتم وجوده وتكوينه من أن يمر بعدة مراحل، يصبح بعدها نافذاً وملزماً من الوجهة الرسمية، وهذه المراحل يمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام، وهي: الاقتراح والإقرار والإصدار والنشر.
فالنشر هو المرحلة الأخيرة التي يمر بها القانون ليصبح بعدها ملزماً وواجب التطبيق على جميع المواطنين الذين تتناولهم أحكامه. والغاية من النشر؛ إعلام الناس بالقانون وإذاعته عليهم ليصبح ساري المفعول بالنسبة إليهم.
فقاعدة ( عدم جواز الاعتذار بالجهل في القانون )
تعني انه افتراض علم كافة الناس بصدور التشريع منذ نفاذه و نشره في الجريدة الرسمية للدولة ( جريدة الوقائع العراقية )
و بعدما يتم نشر القوانين والتشريعات القانونية في الصحف و الجريدة الرسمية يصبح تنفيذ القانون الزامي على الكافة و لا عذر للجهل في القانون بعد نشره و نفاذه ، حتى و ان كان على سبيل المثال احد الاشخاص يدعي عدم علمه بنشر القانون في الجريدة ، فهذا عدم علم الشخص بعدم نشر القانون في الصحف و الجريدة لا يعني انه لا يعاقب على فعله و اجرامه ، بل انه القانون يعاقب على ذلك الفعل بعد نشر القانون و نفاذه .
و حيث أن مبدأ (عدم جواز الاعتذار بجهل القانون ) يقوم على قرينة قاطعة تفترض علم الكافة بالقواعد القانونية، وهذا غير متحقق بالفعل حيث إن أغلب المخاطبين بالقانون لا يعلمون به علما يقينيا، ولكن الواقع يفيد أن العلم يفترض في حق الأفراد بمجرد نشر القانون في الجريدة الرسمية.
فمنهم من يدعي انه مريض ومنهم الأجنبي ومنهم من لم يكن قد ولد وقت صدور القانون، ومنهم من كان خارج البلاد بالإضافة إلى الكثير من الأعذار الأخرى آلتي يختلقها الاشخاص للتخلص من العقاب و الادعاء بجهل بالقانون وعدم علمهم به.
ومبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون ينطبق على كافة القواعد القانونية التي يتضمنها الدستور والقانون والقرارات كما يشمل ذلك القواعد القانونية الآمرة والملزمة للجميع والقواعد القانونية المكملة او المفسرة .
وفي ظل استحالة العلم الحقيقي للجميع
فهناك بعض (الاستثناءات )على هذا المبدأ خاصة في حالة القوة القاهرة ، و كذلك من الاستثناءات في هذا المبدأ هي للمحكمة ان تعفو عن الشخص الاجنبي الذي يرتكب جريمة داخل العراق خلال مدة لا تزيد على سبعة ايام اذا اثبت عدم علمه او جهلة بالقانون .
حيث نصت المادة (٣٧) من قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل على :
1 – ليس لاحد ان يحتج بجهله باحكام هذا القانون او اي قانون عقابي اخر ما لم يكن قد تعذر علمه بالقانون الذي يعاقب على الجريمة بسبب قوة قاهرة.
2 – للمحكمة ان تعفو من العقاب الاجنبي الذي يرتكب جريمة خلال سبعة ايام على الاكثر تمضي من تاريخ قدومه الى العراق اذا ثبت جهله بالقانون وكان قانون محل اقامته لا يعاقب عليها
كما يعتبر عدم توزيع الجريدة الرسمية أيضا أحد الاستثناءات التي تحول دون علم الكافة بالقانون حيث إن توزيع الجريدة يعتبر قرينة على علم الأفراد بالقانون.
و انه الغاية من نشر القوانين و التشريعات القانونية هو اعلام المجتمع والناس اجمع بالنصوص القانونية و عقوباتها المفروضة في حالة مخالفة القواعد القانونية التي نص عليها القانون لحماية المجتمع من ارتكاب الجرائم و عدم احداث الفوضى ، وذلك من اجل تطبيق القانون على الكافة و بشكل متساو .