د. رقيق عبدالله
كاتب جزائري
اذا كانت الحرب في أوكرانيا فإن الرهان خارجها بناء على نتائج نظرية المخاطرة و اندماجفكر مابعد الحداثة مع هذه النظرية التي تستند الى أن الضرر لا يقارن بالخطأ الذي يتعذرغالبا إثباته في ظل مشروعية الأنشطة التي تقوم بها الدول وفقا لمعايير القانون الدولي والمسؤولية الدولية المؤسسة على المخاطرة، فإذا كانت الدولة تعتبر مسؤولة على ما تقوم بهمن نشاط شديد الخطورة، فيجب أن تتحمل المسؤولية عن المخاطر التي يخلفها هذاالنشاط. وعليه فهذه النظرية كفيلة بتخطي صعوبة إثبات الخطأ المسبب للضرر و التيبلغت في تصرفات دول الغرب مأزقاً وجودياً ومقامرة عالية المخاطر، أنه بؤس آخر للحداثةو ما بعدها. و هي الآن تلعب دورا مغايرا من أدوارها الباحث عن التفكيك لمجموع الثوابت،والتشكيك الكلي في منطلقات الوجود الإنساني. فالحداثة لم تتخلَّص من رؤيتهاالطوباوية ومنزعها القاهر و احلام الغزو ضمن خطاب زائف لمنظور الحداثة للتاريخ وانسانيته الساذجة، فكانت الأيديولوجيات الكبرى التي سيطرت على عقل الانسان لعقودليبرالية و ماركسية و لم تستطع أن تحقِق وعودها لهذا الانسان أو تاريخه بالسعادة والقيم فوق أرضه و تحت شمسه و تحولت أفكارهم كما قيمهم إلى حكايات كبرى يقودهامختصون و خبراء يتغنون بمآسي البشر و يعودون إلى فكرهم الطـــوبــــاوي و جميلتلك الأســــاطـير الـــتي أوهمتـــنا بفكرة الانتقام يجلب الانتصار، وقالت لنا إن الإنسانسائر لا محالة نحو الأفضل حين يدمر الآخر.
في حرب اوكرانيا غاب المنهج العقلاني عن الساسة و السياسة كما المثقف و المختص وارتبط الجميع غربا و شرقا بخرافات النصر و تنازعوا غنيمة الانتقام وغيبية النوايا وسقطت الحداثة و ما بعدها في تجربة فاشية نازية لنظرية المخاطرة ليحرق فيها الإنسانذاته و وجوده.
ان حكمة التنوير الحداثي ليست يقينيات علمية أو رؤى سياسية و إنما هي قيمالجماهير و تحررها الفاعل نحو نصرة الإنسان و التخلص من سرديات الانتقام الكليوالشمولي الذي زُسخ في الفكر العالمي فتغيرت المفاهيم كما مبادىء الأمم و تعاقدها علىالخير لا الشر، و وجد الإنسان نفسه يحتفي بموت أخيه و تجرد المختص، الخبير والمثقف من عقلانية منهجهم العلمي و قيم العلو الكبرى ليعبروا بذاتية أسقطتهم في تبنيقيم القهر و جمال قوة الغزو.
في حرب اوكرانيا تنكر المثقف للإنسان و رفع شعار النظرية المبهم للمخاطرة و سقط حقيقةفي لعبة الحداثة و ما بعدها و مجموع فكر الحس العام الذي فضخ بؤس الحداثة ونظرياتها.
ان حرب اوكرانيا و غزو مدنها لا يجعل الروس في حالة المنهزم و لكنهم ايضا يُسلبون صفةالنصر …..يتبع