العراق والفصل السابع

العراق والفصل السابع

 

د.احمد عدنان الميالي || كاتب عراقي

 

مع القرار 2621 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي الاسبوع الماضي، طوى العراق صفحة مهمة في تاريخه السياسي المضطرب، بعد ٣٢ عام من الإجراءات العقابية التي وُضعته تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، ويمهد هذا القرار البلاد الآن الطريق لإنهاء تقييد وضعه السيادي في النظام الدولي وفقا لهذا الفصل . ويغلق تقريبا قرار مجلس الأمن ، بالمعنى الحرفي والمجازي ، فصلًا مؤلماً من تاريخ العراق. وقد تحقق مبدئيا ذلك من خلال التوصل إلى تفاهم مع الكويت حول كيفية تسوية جميع القضايا العالقة التي لا تزال تضعه تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة اذ كان العراق يخضع لعدد من العقوبات ، بما في ذلك حظر الأسلحة وتجميد الأصول على الأفراد. والكيانات، ورغم تصريحات كثيرة من الساسة ومنهم وزير الخارجية فؤاد حسين عن خروج العراق من طائلة الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة بعد ان اوفى بكل التزاماته المالية، فإن الحقيقة لها جانب مختلف، فالمطلعين على أعمال لجنة التعويضات والقرار الدولي يرون أن القرار يتعلق حصراً بملف التعويضات العراقية للكويت وليس بخروج العراق من البند السابع بالكامل بالنظر لوجود بقضايا أخرى غير ملف التعويضات، مثل ملف الأسرى والمفقودين والأرشيف الكويتي، حتى رئيسيّ الجمهورية والوزراء غردا بعبارات الترحيب ” انهاء واغلاق ملف التعويضات..” ولم يشيرا الى خروج العراق من الفصل السابع ، لكن غلق ملف التعويضات سيمهد لاحقاً الطريق أمام خروج العراق من طائلة الفصل السابع بشكل كامل، خاصة اذا ان التعامل مع القضايا العالقة ستكون بموجب الفصل السادس ، أي بالوسائل السلمية.
اذ ان الفصل السابع هو الخيار الأكثر قسراً المتاح في التعامل مع التهديدات للسلام وأعمال العدوان ، ويمنح مجلس الأمن عددًا من الإمكانات التي تتراوح من فرض العقوبات إلى استخدام القوة. البلدان الخاضعة لتدابير الفصل السابع تشمل: ليبيا ، إيران ، الصومال ، إريتريا ، ليبيريا وساحل العاج وكوريا الشمالية والسودان. لا يُنظر إلى دول مثل هذه رسمياً على أنها تشكل تهديد للسلم والأمن الدوليين فحسب ؛ بل أيضا سيادتها مقيدة بشكل كبير.
إن نقل العراق من الفصل السابع إلى الفصل السادس يعني أنه سيحل القضايا القليلة المتبقية مع الكويت من خلال الوساطة وليس الإكراه. بعد ذلك ، سيتم الإفراج عن الأصول المملوكة للدولة التي تم إنشاؤها نتيجة لقرار مجلس الأمن رقم 1483. اذ استهدف هذا القرار مجموعات تخص 89 فرداً على صلة بالنظام السابق ، والأهم من ذلك ، الأصول الأجنبية لـ208 كيان مثل العديد من البنوك العراقية بما في ذلك البنك المركزي العراقي، وبعض الوزارات ، والخطوط الجوية العراقية ، و سلسلة من الشركات النشطة في قطاع الزراعة والتصنيع والصناعة والإعلام والبتروكيماويات والبناء. ومن الصعب تقدير المبلغ الإجمالي للأصول المجمدة لانها موزعة عبر 20 دولة مختلفة ، وتحتوي الحسابات على مبالغ تتراوح إلى اكثر من 45 مليار دولار. تأتي معظم هذه الأموال من برنامج “النفط مقابل الغذاء” الذي سمح للعراق ببيع النفط على الرغم من العقوبات مقابل الأدوية والغذاء والإمدادات الإنسانية الأخرى، التي تمكن النظام السابق من التحايل على قيود البرنامج من خلال الفساد والرشاوى ، والتي غالباً ما يتم تحويلها إلى حسابات مصرفية في الخارج.
بالإضافة إلى ذلك ، كان العراق خاضعاً لحظر تصنيع وشراء الأسلحة المتطورة، ومن غير المحتمل أن يؤدي خروج العراق من السابع أي تعليق للحظر او تغيير الوضع العسكري في العراق بالنظر الى مخاوف اقليمية ودولية من عدم الاستقرار السياسي في للعراق، مع أن شراء الأسلحة ليس الهدف الرئيسي للعراق ، فالحكومة العراقية مدفوعة بشكل أساسي بالمخاوف المالية والاعتبارات الرمزية والمعنوية لإخراج العراق من الفصل السابع.
صحيح انه لم يتم حل كل المسائل العالقة بين الحكومتين لكن المهم انه ستتم معالجة القضايا المتبقية – مثل مكان وجود الأرشيف الوطني الكويتي ، ومصير حوالي 270 شخصًا فُقدوا خلال حرب عام 1990 ، وعودة الممتلكات المسروقة (مثل المعدات العسكرية والمصنوعات اليدوية) – وفقا لمقتضيات الفصل السادس.
جوانب مختلفة ساعدت على تسريع وتيرة انهاء ملف التعويضات ، منها القنوات الدبلوماسية العراقية في السنوات الاخيرة ودور الرئاسات الثلاث في ذلك وخاصة رئيس محلس النواب العراقي محمد الحلبوسي التي أدت إلى بوادر ترطيب العلاقات الاجواء بين البلدين التي ترتب عليها هذه الانجاز وانتظار أن يرفع اسم العراق من طائلة البند السابع لميثاق الأمم المتحدة بشكل كامل وما يترتب على ذلك من مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية.

(Visited 19 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *