شكل التفوق العراقي الدائم في المحافل الثقافية العربية والدولية
روتينا مبهجا عاكسا لعلو كعب وريادة النتاج الابداعي العراقي
وتميزه عن اقرانه في المنطقة.. ونستطيع القول ان تصدر المثقف
العراقي للجوائز الثقافية العربية اصبح يشكل ظاهرة صبغت
السنوات الاخيرة خاصة بعد انعتاقه من ربقة اشتراطات الانظمة
السياسية المتعاقبة ومتبنياتها مع ما تمثله من مكبات كابحة
لحرية الفكر والابداع.. وتجلى هذا التفوق حد ان بعض الجوائز
العربية الهامة اصبحت تتكيء على اسم المبدع
العراقي وسمعته كوسيلة للحصول على الشرعية
الثقافية من خال المكانة الادبية لمن تَمنح
الجائزةُ نفسها لهم، خاصة مع الاسماء العراقية
الوازنة التي اضفت الهيبة على العديد من الجوائز
وكرست وجودها على المشهد الثقافي العربي. .
ونحن هنا مع صحية التنافس الايجابي بين
المبدعين العرب الذي وفرته هذه الجوائز
الثقافية والفائدة الاكيدة التي يتحصلها
المثقف من خال كونها مثابة جيدة لجلب
الاهتمام الاعلامي والنقدي على حد سواء،
فضا عن القيمة المادية للجائزة التي قد تكون وسيلة
جذب للعديد من الاسماء المهمة للتنافس على الفوز بها. .
وهذه القيمة المادية بالذات ، قد تكون السبب وراء تفوق دول
الخليج في انشاء ورعاية الجوائز التي تعنى بجوانب الابداع المختلفة،
وكون هذه الدول تحتضن بعضًا من بين اقدم الجوائز الثقافية،
واكثرها حضورًا وتاثيرًا، واكبرها حجمًا من حيث القيمة المادية. .
غير ان بعض هذه الجوائز الخليجية، على اهميتها الاعلامية
والمادية ، ومدى تاثيرها، لم تستطع – في الغالب الاعم من
الحالات – ان تلتزم بالمباديء الذي الزمت نفسها بها من
حيث ان قراراتها في اختيار اسماء الفائزين ، لن تتجاوز القواعد
والمعايير الفنية والنقدية الحاكمة، واصطفافها الواضح مع
المواقف والرؤى السياسية للدولة الراعية والممولة، وهذا امر
يعد تحت اخف المبررات، غير مقبول من الناحية المنهجية لعمل
اي جائزة.. وهذا ما شكل حافزا، لبعض المثقفين – بوعي او
بدونه – للتماهي مع الطروحات السياسية لهذه الدولة او تلك
طمعا بالظفر بجائزة قد تكون منطلقا له ماديا واعلاميا دون
النظر للقيمة الادبية لما يقدمه ، والاهم، المصداقية والتكاتف
الادبي مع قضايا الوطن وهمومه..وهذا تجلى بوصول اسماء
معينة الى مراتب متقدمة في المنافسات الادبية العربية دون
ان يكون لها نفس الحضور على الساحة الثقافية
العراقية وانشغالاتها النقدية، وغياب اسماء تجاوزت
الاطر المحلية والعربية نحو افاق العالمية واصبح
نتاجها وابداعها جزء من التراث الانساني العالمي. .
ولان المثقف والمبدع العراقي شكل تاريخيا دعامة
هامة في مسيرة الصيرورة الوطنية للوعي الجمعي
العراقي، وكما ان له مسؤوليات في الالتزام المبدئي
الراسخ مع الثوابت الوطنية، فان الدولة كذلك
غير معفية من محاولة العمل الدؤوب على توفير
المناخات التي تدعمه في تحقيق استقلالية رؤاه
الابداعية وتجييرها لخدمة تطلعات واحام الناس،
وقد يكون في شعار وزارة الثقافة الاخير في تكريس جائزة
الابداع العراقي وترقيتها لتكون جائزة دولة مدخا ملائما للمبدع
للتحرر من اشتراطات بعض الجوائز العربية وسياساتها وهذا ما
يدعو الدولة الى الالتفات نحو دعم المسارات المؤدية لتحقيق
هذا التوجه، خاصة بعد ان اوفت الجائزة بالكثير من وعودها،
لما سيكون له من الاثر في تنمية الجائزة من حيث القيمة
المادية والمعنوية واضافة العديد من الحقول ، والاهم بث روح
المؤسسة وتقاليدها، التي تضمن لها الاستقلال والرسوخ والتطور
والاستمرار، مع ما يشكله هذا المسار من مقدمة ضرورية لحماية
المبدع العراقي من الخضوع لاماءات السياسة واصطفافاتها
وعصبياتها الضارة باي عمل ثقافي. وقد يكون المستقبل حافا
بالعديد من المبشرات في هذا الصدد..
المثقف العراقي والجوائز العربية
(Visited 3 times, 1 visits today)