وطن ينقذ وطن / كافي لازم

وطن ينقذ وطن / كافي لازم

الكاتب والناقد/ كافي لازم


دائما يؤكد الفنانون العراقيون أنهم اهلا للمنافسة مع زملائهم العرب غير انهم وفي كل موسم يصابون بالخيبة نتيجة عدم استمرارهم في العمل وبالتالي يؤثر على ابداعهم وعطائهم كما يؤثر حتى على معيشتهم فإذا كان قد قبض على مبلغ بسيط الان . وماذا بعد . هل ينتظروا عاما كاملا للعمل . هذا اذا حالفه الحظ بأيجاد فرصة أخرى .قياسا للممثلين العرب الذين يتنقلون من استوديو إلى استوديو على مدى عام كامل بما فيهم الكومبارس… والعراقيون يتمسكون بالأمل ولو بالخيال …..

(الحب يفجر الثورة)

نحن أمام مسلسل اتخذ من العالم الافتراضي حلا لجميع العقد والمشاكل . قد يكون هذا مشروعا في عالم لا حل له سوى الرجل الخارق (السوبر مان، بات مان ، سبايدر مان وغيره) هذه الصور صنعها خيال القاصون لإيجاد حلول للمسائل المعقدة بعد أن يفقد المجتمع سبيلا لحلها وفقدان الأمن في الدولة. انها الطريقة التي اتخذها المؤلف والمخرج وبطل المسلسل حيث يبدأ الحدث بتفجير سيارة مع أن الأحداث قد تبعثرت في الحلقات الأولى مما حدا ببعض المشاهدين مغادرة المسلسل . كان من الممكن أن يكون البطل الذي اسمه (وطن) منذ البداية هو العنصر الأهم في العمل وليس بعد التفجير الإرهابي بالسيارة التي بدأ بها المسلسل. هذا التفجير الذي صنع من البطل (وطن)شخص آخر أراد بهذا التغيير الانتقام من قتلة حبيبته بائعة الزهور الجميلة التي توفيت أثناء التفجير وعاشت في خياله بشكل يومي بل إن موتها أنتج حالة صحوة فكرية لديه.. أن حزنه الكبير دعاه للتكلم مع ( الذات الإلهية )بشكل سلبي وأدخله في أشكال لاداعي له كما أن الدم أصبح منتشرا بشكل مقزز أضافة للإنارة البرتقالية زاد المشهد احتقانا والاطاله في اللقطات أكثر من اللازم وعمقت الجرح البليغ كما أن المشاهد الخيالية مع زوجته طويلة وممله .
في الحلقة السادسة استطاع المؤلف والمخرج لملمت خيوط المسلسل ودمجها في قضية واحدة تتصاعد تباعا . وضحت الصورة لكل من تضرر نتيجة التفجير وهم جلهم من طبقات المجتمع العراقي المختلفة تستمر الأحداث بوتيرة بطيئة وبعض المشاهد لم تكن مصنوعة بشكل جيد كمشهد الحريق . هنا تتجلى لدينا ثلاثة شخصيات محورية شخصية وطن الذي يتحول من عاشق رومانسي ولهان لحبيبته (امل) التي اجادت بأدائها (رولا عادل) الى قاتل محترف خطير حول

اليشماغ العراقي والمكوار برمزية مقبولة وهو قناع غريب الشكل لكنه بالعالم الافتراضي ممكن تسويقه وإلا كيف يتجول بسيارته الأجرة مرتديا القناع لذا اصبح امل العراقيين وحلمهم بمعنى أن الذي يواجه هؤلاء المجرمون الخطرون لابد أن يستخدم نفس طريقتهم بالقتل ولكن بالاتجاه الإيجابي لتخليص المجتمع من شرهم وبذلك قد حجم دور الداخلية التي تعاني من الاختراق والفساد .
هنا يكون حاضرا في اللحظة السحرية المطلوبة لإنقاذ الناس كسوبر مان الذي هو شخصية خيالية بالتأكيد ،
مثل هذه الشخصية الفنان (مهند ابو خمره)الذي كان ادائه متوسطا وعليه أن يشغل نفسه بالاخراج والتأليف ويستعين بممثل محترف .
في الجانب الاخر تظهر لدينا شخصية مثيرة للجدل مع أنها أقرب للواقع بتاريخه الغامض مع ابنته(ياسمين) الصحفية يظهر أنه عانى في طفولته اضطهاد قسري شخصية (جحيم)مثله الفنان العراقي والعربي الكبير (جواد الشكرجي)امتاز بأداء هكذا شخصيات ابتداءا من (ابو جحيل مرورا بأبي جهل وغيرها وانتهاءا بهذه الشخصية)التي أداها بكل اقتدار غير أن بعض المشاهد لم تكتب بشكل صحيح لاسيما مشاهد القتل الفاضح لبعض جماعته أثناء الاجتماع وفي وضح النهار أنها مشاهد مقززه ويديه مخضبه بالدماء ويستمر بالاجتماع وكأنه قد ذبح شاة وهؤلاء الامعات الجالسون لم تظهر أي ردود فعلية إزاء هكذا مشهد أنها مشاهد مصنوعة بشكل ساذج وممكن ادائها على المسرح ليس في الدراما كما أنه وقع في أشكال اخر(مع السلطة) بوجود رجل دين مع جماعة جحيم يشرع له أفعاله باختيار ايات محدده من القرآن الكريم لتبرير القتل في حين طريقة الاغتيالات التي اتبعها جحيم تسير بشكل صحيح وواقعي.
أن امثال هؤلاء فعلا تمكنوا من الحضور القوي في العملية السياسية المتاحة للجميع لكن ابنته الصحفية التي ادتها الممثلة (كادي القيسي) المدللة والرافضة لكل مايحدث من تفجيرات وقتل ودمار والتي لاتعلم أن هذا كله بأمر من والدها. أما علاقتها مع وطن تحولت إلى حب عاطفي علما أن والدها لديه فضائية كبيرة لتغطية جرائمه اليومية واستمالة بعض النواب.


ولكي يتوازن المشهد ظهر شخصية ثالثة مهمة وهو (عبد الصمد) أجاد في تمثيله الفنان المقتدر (جلال كامل)الذي تربطه خيط علاقة مع (وطن)سرعان ماتتسع ليصبح لديهم تاريخ مشترك . عبد الصمد مراقب للأحداث بشكل مفصل وسري لديه قبوا كبيرا فيه مكتبة تحكي تاريخ البلاد ومنها أصبح هذا المكان (برمزيته مقرا للعمليات التي يتم تنفيذها لاحقا من قبل (وطن)بعد أن تعرف عليه مجموعة من الشباب التواقين للعمل معه مع اني كنت اتمنى أن يكون هؤلاء الثوار (تشرينيون) تتصاعد الأحداث بعد أن تطور عملهم بجلب منظومة مراقبة مركزية لمتابعة كاميرات العاصمة بقيادة شاب ذكي ومتخصص (ايمن هكر) والذي مثله الفنان (عباس الشيباني)بحركاته الرشيقة واتوقع له أن يكون ذا شأن قادم الأيام.
أصبح المثقف عبد الصمد قائدا لهم في تنظيم محبوك نجح في توظيف وطن ليكون صدا قويا لمواجهة الأعداء برسم الخطط وتنفيذها.كذلك لديه عائلة متضررة متكونه من زوجته زهرة والتي مثلتها الفنانة المقتدرة (سناء عبد الرحمن) وبنته الصغيرة وولده المقدم حازم الذي كان حازما فعلا في أداء واجباته الذي مثله الفنان (علي عيسى).
وعند مقتل صديقه المقدم عباس في التفجير (ولااعرف لماذا تصغير اسمه اعبيس الذي قلل من قيمته ورتبته)وهذه الرتب في العموم لاتناسب أعمارهم ويحتاجون بعض التدريب على الأقل بأداء التحية العسكرية.
وتمضي الأحداث احيانا بشكل أفقي كالتركيز على يوميات وطن كما تم استخدام (الفلاش باك)مرارا من قبل ابطال العمل بطريقة أضاعت تركيز المتلقي على الأحداث كذلك الحوار الاخباري الذي يطالبنا بربط الأحداث الذي تشتت . أما مركز ابابيل عام ١٩٨٥ ممكن الغائه اساسا لأنه أراد بذلك أن يربط النظام السابق وجعله سببا للأحداث لان المجتمع بشكل عام يولد فيه الناس الاشرار والناس الاخيار وهذا صراع ابدي في ظل غياب السلطة والقانون لاسيما بعد ٢٠٠٣ ودخول أجندات مختلفة في البلاد. وفي الاخر إنهاء المسلسل بانقلاب على سلطة رئيس الوزراء في الحلقة ٣٢مع أن الحلقة الواحدة لاتتجاوز ال٤٥ دقيقة .
ساهمت القناة UTV بالاخلال بمتابعة المسلسل في بثها المانشيتات المقحمة أثناء العرض بغض النظر عن مشاعر المتلقي الذي ينتظر حدث ما بالحلقة مثال ذلك مشهد حزين ومتصاعد يخرج من تحت الشاشة مانشيتات لدعايات تفاجأ المشاهد وغيرها ولاادري لماذا لا يعترض المخرج.
اعتقد أن المواجهة والمصارحة الكبرى بين الأطراف في الحلقة ٣١ كافية لإنهاء المسلسل وهي أكثر واقعية .
كل هذا وذاك نحن مع النوايا المخلصة بهذا المسلسل بفضح حالة الفساد والمفسدين والجريمة المنظمة والكذب والدجل والنفاق من قبل بعض السياسيين.
سجلت الموسيقى التصويرية بقيادة يوسف عباس حضورا متميزا في مواكبة الاحداث بتفاصيلها كما أن استعمال صوت الإسعاف حين ظهور وطن دلالة رمزية كمخلص للناس .أبدع الفنانون في أدوارهم الفنان القدير ستار خضير ،بشرى اسماعيل،بيداء رشيد،ضياء الدين سامي،جبار الجنابي كذلك الشباب الجديد علي عيسى،مريم غريبة،محمد الخالدي،مرتضى اركان،سجى احمد،اشكي ناز،حسن كامل،علي حسن .
يحسب للعمل بأن هناك إشراقة أمل لهذا الوطن العظيم

(Visited 27 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *