تأليف: مصطفى بو غازي
عرض.: اسمهان حطاب .
يقول( غاندي) يمكنك قتل الثوار لكن لايمكنك قتل الثورة.
سفينة ( نارفين) تسير في موجات متلاطمة في المحيط الاطلسي يوم من (ايام ١٨٧٧) ،خاضت ايام عصيبة قضتها في قلب العاصفة ليمر الوقت وتسكن الريح الهوجاء وتتراجع، وتتبدد الغيوم، لتظهر زرقة السماء من جديد،هذا مايحدث في البحر تارة يسكن وتارة يهيج،في تلك العاصفة فقد الراكب عازف الكمنجة( ريمون) ، وخيم على وجههم الحزن والتعب،حين ابتلعه البحر في جنون العاصفة الهوجاء، ولم يظهر لجسده حركة او اثر على سطح مياهه.
(ريمون) هو شاب عاش في ميتم، بعد ان توفي والده في احدى معارك ( نابليون) في ( سيدان) التي وقع فيها اسيرا مع جنوده، بقي مع والدته الشابة التي امتهنت البغاء بعد ان عجزت عن ايجاد الكسب الشريف، ثم ازهقت روحها في ظروف غامضة، اودع بعدها في ميتم وكان محبا للعزف فتعلمه، ضاقت به فرص العيش ، فالتجا للعزف بالسفن.
كانت( سوزان) وابن عمها( اريك) قدتأثرا بأختفاء وموت( ريمون) فقد بقيت معزوفاته ترن بمسامعهما، كانت ( سوزان) قد ركبت السفينة بتمويل من والدتها بحثا عن اخيها المبعد عن بلده ( سارجيو) .
تضم السفينة( نارفين) المبعدين عن بلادهم اغلبهم جزائريين،وهم المنفيين على اثر عقوبات جماعية صدرت عن محكمة قسنطينة١٨٧٣ في حق منتسبين لثورة( مقراني) ،كانت النية ابعادهم عن الرأي العام لذا توجب ترحيلهم الى( كاليدونيا) ، مهمة السفينة الترحيل الى مستعمرة عقابية وجزيرة قاسية، وارض بعيدة هي المنفى.
كان بعض الراكبين لهم صلات قرابة مع المبعدين في تلك الارض،وكان التحاق ( عائلات المبعدين) حيلة مبطنة سمح بها لتكريس الاستيطان، ولم تكن مهمة انسانية.
.
كان من المتفق نشر التبشير والديانة المسيحية على يد الاب القس ( باتريك) الذي كان يخفف من هول العواصف التي تشتد عليهم بالصلاة والدعاء،كان قدومه مجامله للقبطان ( يوجو) ليباركه ويدعو ان ترافق عناية الرب رحلتهم، يشاركن معه الراهبات، والنساء المبعدات( السجينات) .
.تتعدد الشخصيات التي يقدمها الكاتب، نجد يوسف وعمار جزائريان مبعدان عن ارضهما بدافهع الثورة، يعمل يوسف بمعالجة المصابين بالرحلة وينال استحسانهم ، ومنهم( ارون) وزوجته ( اوهانا) ، بعد ان عالج طفلاهما. فيما بعد نزولهم ارض المنفى تعرف على( تيانو) الفتاة المختطفة من والديها، حيث بيع والدها ليعمل في حقول القطن وقصب السكر، يتبادلان المودة ويقتربان من بعضهما رغم اختلاف الديانة، هي وثنية وهو مسلم، يواجه معارضة لهذا الحب عند اصحابه، وتحذيرا من الخوض فيه.
تناولت الرواية بعد التعصب الديني والعرقي ، نجد القس محاورا القبطان في محاولة لنشر التبشير( من الحكمة ان تبعد رؤوس الفتنة، ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه الوقوف في وجه مدنا الحضاري،ونشر رسالة المسيح) .
في حين نجد يوسف يعالج طفلا اوهانا رغم معرفته بدينهما وانتمائهما حيث يقول انه يقوم بالعلاج على اعتبار انسانيته بعيدا عن دينهم ومعتقدهم.
الرواية فيها اشارة بقلم غامق للحرية واللغة والمعتقد،رغم تعددهم واختلافهم، لكنهم توافقوا في رفع قيمة الانسان ، محاولين رفع الظلم عن المستضعفين في الارض، اظهرت حين يتملص الانسان من ادميته، فأن الجشع يجعله اكثر وحشية من الحيوان المفترس.
صوت مدوي يخرج من سطورها يقول( لايمكن ان تصنعوا تاريخا مشرفا بأرواح ضحايا بطشكم، وبأنيين قمعكم للمستضعفين، ستظل شمسنا متوهجة لاتخفيها غيوم اكاذيب السياسيين ونفاق المتدينين)
.