د رقيق عبد الله
كاتب جزائري
لقد وقعت الذاكرة المركزية للثقافة العربية عبر مسار تاريخها فيما طرحه سيجموند فرويد حول منطق الحقيقة حين قال ان الاعتقاد بانفلات الحقيقة هو مصدر كل قمع ، انالانطولوجيا السلطوية التي اعتمدت وفق الانفجار النصي منذ عصر التدوين انتجتانطولوجيا عنيفة عبر المسار السياسي للتاريخ الاسلامي وربطت قيام الدين و تمكينهبضرورة قيام دولة الخلافة، و اصبح مفهوم الدولة مفهوم مقدس لا على اساس انها جهازسياسي يدير الصراعات والعلاقات بين الناس مثلا وانما امتلاك الدولة هو جزء من الدين، وحينها تصبح الدولة اداة للاكراه والالزام ويصبح النضال من اجل امتلاك هذه الدولةفريضة و واجب. ان المودودي في كتابه المصطلحات الاربعة المتأثر بابن تيمية جعل منالحاكمية وهي تعني أن الله هو الحاكم الأوحد ذو السلطة المطلقة، وهذه الحاكمية نابعةمن أنه الخالق للكون وللإنسان وأنه مستحق للعبادة والطاعة من هذه الزاوية ؛بل إنالطاعة حق ينفرد به الخالق حصريًا، ومن ثم يمنحه لمن شاء بالحدود التي يشاء، فالنبيوالحاكم والأب والزوج طاعتهم ممنوحة ومشروطة. وقد أمر الله أن يتحاكم المجتمع إلىشريعته التي تصلح لكل زمان ومكان، وهي تملك الصلاحية الكافية لتقويم وصلاح ونفعأي مجتمع بإشاعة العدل والنفع والخير والبعد عن الأهواء البشريةكما شرحها سيد قطب.ان الصاق الحاكمية لتصبح جزء من التوحيد اي اذا كنت تؤمن بالله الواحد فعليك انتؤمن بالحاكمية و ان لم تؤمن بالحاكمية فانك مشرك كان يؤسس للعنف و الاستبداد. انهذا التقاطع في البناء لفكرة الحاكمية التي اخذ بها الشيخ محمد ابن عبد الوهاب فيكتابه التوحيد الذي هو حق الله على العبيد وتأثر بها ابو اعلى المودودي و سيد قطب و شكري مصطفى حين ربط الحاكمية بالسلطة ومن ثمة التمكين الذي هو تحصيل القوةاللازمة لتقويم المجتمعات وحملها على التحاكم إلى شريعة الله . ان الحاكمية في سننالكون التي تتسم بالثبات والاستقلال نقلته حركات الاسلام السياسي الى المجالالاجتماعي والسياسي الخاضع للمقاصد و الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصاديةوالثقافية وامكانية تغير الاحكام او تعطيلها تبعا للمقصد ان جمال الدين الافغاني عبررشيد رضا وصول الى حسن البنأ بفكرته الشهيرة الاسلام الشامل الذي طرحها سيد قطبوفق مصطلح الحاكمية والتمكين و ان الخلافة شرط اساسي لقيام الدين و ان السياسةاداتها و كأنه بدون سياسة لا وجود للدين. من خلال ما سبق انه لا يمكن ان نفهم مقولاتهمالكبرى و العلاقات التي تربط فيما بينها اذا ما غابت الاشعرية ان سيد قطب كمثالللاصلاح الديني هو في الحقيقة ابن الحداثة الباحث عن حلول ولكنه كما يقول ألبيركامو في كتابه الانسان المتمرد ان الاستبداد يعاقب العصيان بالموت وشرفه العبودية .انما ميز هذه المحاولات انها اسست لفكر مرجعي لا يعتمد على الفاعلية الفكرية مرسخا الاعتقاد بانفلات الحقيقة الذي هو مصدر كل قمع واستبداد .حقيقة انه ليس هناك من شكان الجمال لا يصنع الثورات ولكنه ثمة يوم تحتاج فيه الثورة الى جمال ….يتبع