الخوفُ من القوي الأمين

الخوفُ من القوي الأمين

سوءُ طالعِ أي دولة حين يكون المسؤولون فيها صنفين ..إما
اقوياء با أمانة ، أو أمناء با قوة . فالقوي غير الأمين خطرٌ على
البشر، يمكن أنْ يفعل ما يحلو له، يذلّ من يشاء ويُعز من يشاء
، بيده رقابُ الناس وأرزاقهم، يسرق دون حساب ويقتل دون عقاب،
اذا مالَ شرقاً مالوا شرقا، واذا مالَ غربا انبطحوا معه.
والأمين المخلص الذي لاحولَ له ولاقوة هو الآخر خطرٌ أيضاً ،لأنّ
جميع مراكبِ الاقوياء ستعبرُ على ظهره المستسلم الوديع .
ولذلكَ ترى الوهمَ العراقي اليوم يتعلّق تارة بالقوي عسى أن
يكونَ عادلاً رحيما أميناً . أو يتوسم في الأمين الضعيف أنْ يفعلَ
مايقول، وأن يضربَ الاقوياء بيد من حديد من حيث لايستطيع.
ولهذا ذهبتْ الحكمةُ الالهيةُ الىالجمْعِ بين تَيْنك الصفتين
الذهبيتين )القوي( و)الأمين( كما يرد في القرآن الكريم من قوله
تعالى في سورة القصص عن إحدى ابنتي شعيب لما اقترحتْ على
أبيها أن يتخذ سيدنا موسى – عليه السام – مسؤولاَ بالأجر )يَاأَبَتِ
اسْتَأْجِرْهُ، إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الَْمِينُ(.
لاسيما حين جعل القول على لسان امراة كرمزٍ للتقييم السليم
بفطرة الانثى الباحثة عن الأمان وكقياس للشهامة لدى صاحب
الموقف الشجاع الأمين. حيث إن القوة والأمانة صفتان اذا انفصلتا
كانتا شراً على الناس واذا اجتمعتا كانتا خيراً عليهم.
متى يكون الخوف من القوي الأمين في المسؤولية والادارة؟ يكون
الخوف منه ومحاربته حين يكون وجوده حاً في بلد لايسعى
الى الحلول!. يكون الخوف منه في مجتمع يعيش على الفوضى
ويسترزق خارج القانون ويقوى خارج السلطة. فهو يحتاج واحدة
من الصفات اما قوي يتقاسم الغنائم مع الاقوياء ، أو أمين ضعيف
للفرجة ليس لأمانته تاثيرٌ في ادارة الباد.
فالقوي الأمين لايرضى بالفساد وضياع الثروة وظلم الناس لأنه
أمين ، وهو نفسه لايسمح لاي جهة أو قوة تهدّد الناس والمجتمع
لانه قوي.
القوي الأمين .. لايساوم على سلطة لانه قوي ولايقتسم غنيمة
لأنه أيضاً أمين.
القوي الأمين لايسرق لانه امين ويخشاه السراق لانه قوي في
الوقت نفسه.
عجيب، كيف اختصرتْ هذه الجملةُ مؤهات القيادة في كلمتين )إِنَّ
خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الَْمِينُ( اذا ماعرفنا مظاهر القوة الاخرى
من العلم والوعي والأهليّة واتخاذ القرار الصحيح، واشكال الامانة
من حفظ دماء الناس واموالهم وقبل كل ذلك العدل في حكمهم
وتسيير شؤونهم.
القوي الأمين … هو خلاصة النموذج الفريد الذي تحتاجه اليوم
دولة مثل العراق كل شيء فيها مادياً ومعنوياً وروحياً يحتاجُ الى
تصليح ..

(Visited 1 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *