عادل مقديش ..منذ ربع قرن
عمر الغدامسي
استعدت مدينة الثقافة لاحياء اربعينية الفنان عادل مقديش و بهذه المناسبة اشير الي هذا الحوار و الذي كنت قد اجريته مع الفنان بملحق الرواق الاسبوعي بجريدة الصحافة و صدر بتاريخ يوم الخميس 27 فيفري 1997 ( منذ ربع قرن ) و كان تحت عنوان فرعي.” لقاء مع عادل مقديش بمناسبة صدور كتابه الفني ” و كان العنوان الرئيسي ” ربما من الاجدي ان لا يكون لنا نقاد ” . في اول الحوار تحدث مقديش عن كتابه ذاكرا بانه حوصلة ل25 سنة من العمل ..” هذه الحوصلة ، و التي يمكنني تصفحها في كتاب لها مفعول نفسي يجعلني قادرا ان انطلق من الصفر او انجز عملا تشكيليا يكون بمثابة الحوصلة لما وصلت اليه .
اما بخصوص اختياره انذاك لحبيب صالحة لكتابة نص الكتاب ، دون غيره من الاسماء الرائجة في الكتابة عن الفن ، اجاب عادل مقديش كالاتي ” حبيب صالحة هو احد جامعيينا الذين اختصوا في الادب المغاربي ، و عندما جاءت فكرة الكتاب قلت له لو اعتبرنا الرسم كتابة ، هل يمكنك تحقيق نص ينطلق من نصوصي المرسومة ، فكان الامر كذلك . الرسم و الموسيقي او الادب او الرقص ، كلها وسائل تعبير كل واحد منها يختزل نفس الاشكاليات التي تهم وجودنا ، ثم هناك سبب خاص دفعني للالتقاء بحبيب صالحة ، فانا عشت فترة من حياتي في المغرب و تفاعلت مع ما يثيره المثقفون هناك من اسئلة و قضايا و من هنا فانا اعتبر نفسي معنيا بقضايا الثقافة المغاربية تماما مثل الحبيب صالحة “.
الجزء الاكبر من الحوار الذي اجريناه ، كان حول النقد و هو ما يبينه عنوان الحوار حيث كانت اجوبته كالاتي :
**س : في حصة تلفزية كنت انت ضيفها انكرت وجود نقاد في بلادنا ، لو توضح لنا ذلك ؟
**ج : لنا صحافيون جيدون و عارفون بما تموج به الساحة التشكيلية ، اما النقاد فذلك ما نفتقده . لنا محاولات في النقد و اذكر هنا ما تقوم به الباحثة رشيدة التريكي .
** س : كيف تحدد مفهوم النقد ؟
**ج : اول شئ يجب ان يتحقق للناقد حب الفن الذي يغامر فيه ، ثانيا القدرة علي التواجد و متابعة المعارض و هذا صعب ان يتوفر خاصة للصحفي المطالب بمتابعة بقية الانشطة الفنية ، الي جانب كل هذا فاننا لا نمتلك مجلات و دوريات مختصة قادرة علي احتواء الكتابات المبشرة بتجارب نقدية ، الناقد انسان ذواق تماما مثل الخبير في ميدان الزيوت و الذي يمكنه التجوال عبر الزياتين و تذوق ثمرتها و يحدد الرقم الصحيح لكميات الجني و نوعية الزيوت التي سيحصل عليها . الصحفي لا يمتلك الوقت لجعل عمله الصحفي مختصرا علي ميدان فني دون اخر ، و ما نشهده الان هو تقلص ملف في عدد الصحفيين المترددين علي الاروقة .
** س : حتي نفهم اكثر موقفك باكثر وضوح ، ما هي حسب رأيك اسباب غياب النقد عندنا ؟ **ج : النقد التشكيلي مرتبط بسوق الفن ، عندما تكون هناك سوق واسعة يكون هناك نقد . في مدينة مثل باريس مثلا نجد نجد الناقد التشكيلي يعيش من نصوصه و النقاد هناك هم الخبراء في تذوق ما ينتج و ما يطرح في السوق ، يقصدهم اصحاب الاروقة و تجار اللوحات لاخذ رايهم ، فهم بمثابة البورصة التي تحدد اسعار و قيمة ما يوجد من اعمال ، نحن سوقنا محلية و ضيقة بما لا يسمح بتطور النقد . ربما من الاجدي ان لا يكون لنا نقاد و اعود هنا الي باريس كمثال فهي تتوفر علي سوق عالمية ، فنجد النقاد تابعين للمتاحف و تحت سيطرة اصحاب الاروقة ، حتي اننا نجد المجلات المختصة و لاسباب تتعلق باستراتيجية السوق و قوانين العرض و الطلب يرفعون من قيمة امضاء متواضع لخدمة امضاء يمثل قيمة ثابتة ، لذلك فمن الاجدي ان نبقي هكذا دون نقاد محكومين بدهاليز السوق ..
اكتفي بهذا المقدار من نص الحوار و الذي عبر من خلاله عادل مقديش عن بعض من افكاره او مواقفه ، و ما نشرته هو مجرد تحية لروحه و اشارة الي وثيقة لا تخص الفنان في حواره فقط ، بل و تخص حياتنا الفنية و الثقافية عامة ، بما يجول في عقول و اذهان نشطائها من افكار و هواجس و امنيات و مخاوف .