بتأدية الرئيس ال ) 46 ( للولايات المتحدة الامريكية لليمين الدستوري، يمكننا
القول ان امريكا اليوم استطاعت من تصحيح قسما من المسار الخاطيء الذي
ارتكبه الرئيس السابق دونالد ترمب في تشويه صورة الديمقراطية الامريكية
العريقة والتي ادت فيما بعد لانقسام المجتمع الامريكي، وهذا امر خطير للغاية
سوف تنتظر امريكا لردم هوته عقوداً من الزمن .
امريكا لابد لها ان تبقى القطب الاوحد القوي لادارة منظومة الحكم العالمية
لتستمر هي بقيادة العالم وهذا هو التحدي الاصعب امام الرئيس بايدن فعليه
ايجاد السبل الكفيلة لاعادة مكانة امريكا الى سابق عهدها..
يوم جديد في امريكا
لابد وازالة جميع ما علق من الخبائث في شجرة الديمقراطية الامريكية،
فاجتثاثها معناه ان ينظر المجتمع الدولي وشعوب العالم بذات النظرة من الفخر
لامريكا كأمة عظيمة.
«الديمقراطية انتصرت « .. » لنبدأ بداية جديدة ولن نفشل ابدا في امريكا ..»
«ساكون رئيسا لكل الامريكين والاختاف لايجب ان يؤدي للتفرقة « ..» لايوجد
وقت نضيعه بتعلق الامر بالازمات التي نواجهها ..»
من خال تصريحاته، نجد الرئيس بايدن قلق جدا على بلده
امريكا ومن الحدث الطاريء الذي هز اركان الديمقراطية
الامريكية اثر اقتحام انصار الرئيس السابق لمبنى الكابيتول!.
بينما نشاهد انظمة دول الشرق الاوسط تتطلع قدما نحو
العمل مع الرئيس بايدن وكلا وضع في روزنامته الدبلوماسية
منظارا خاصا لطبيعة ما سيؤسس من علاقة مع الولايات
المتحدة الامريكية، فكيف ستمسك امريكا بخيوط تلك العلاقة
وتكون هي المحرك لها مالم توصل رسالة الى العالم،
مفادها ان «امريكا لازالت عظيمة وان ديمقراطيتها راسخة .؟»
ما ترغبه دول الشرق الاوسط من بايدن
دولة مثل اسرائيل ترغب الابقاء على ذات الحماسة الامريكية
في كسب مزيد من الحلفاء العرب عبر اتفاقية «ابراهام »
للسام وهي ترغب ايضا الحفاظ على المكتسبات وهذا
يتطلب من بايدن اتباع ذات السياسة التي اتبعها سلفه
السابق حيال ايران في قيادته لحملة الضغوطات عبر اتخاذه
العقوبات القصوى لاجل عزل ايران اكثر فعسى ان تنصاع
وتتخلى عن اطماعها التوسعية والتدخل بشؤون المنطقة
يرافقها تحييد البرنامج النووي الايراني ليقتصر على الاستخدام السلمي فقط.
ايران هي الاخرى وضعت في حساباتها مشاريع عمل جديدة مع بايدن على
امل العودة للاتفاق النووي وبمعزل عن برنامجها الصاروخي وهي ترغب برفع
العقوبات وكذلك عودة العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة في موسم اقل
ما يقال عنه انه كان يعرف ب «موسم الربيع الايراني .»
هذا الموسم عاشته الجمهورية الاسامية في لحظات من الفخر بزمن الرئيس
باراك اوباما والذي سمح لها بمد مخالبها اكثر في دولة كالعراق لتسرق منه
قراره السيادي وتتحكم بعدها بمصير مستقبل ابناءه .
وبزمن اوباما، عُبِّد الطريق لها نحو سورية حتى باتت فصائلها العراقية
المدعومة من قبلها مع فصائل حزب الله اللبناني والحرس الثوري الايراني تقف
على تخوم الحدود الاسرائيلية، ويالها من اوقات رائعة حين استطاعت ايران من
اختزال لبنان الدولة ذات الطوائف المتعدد الى دولة شيعية بقبضة السيد حسن
نصر الله وتحت سطوة ساح حزبه ليحصر قرار السلم والحرب بيده فقط، ثم
ليتحكم بملف الامن الاقتصادي فيصل لبنان الى شفير الافاس وتردي اقتصادي
لم تشهده الدولة اللبنانية منذ نشأتها الاولى، وفي الربيع ذاته، تستطيع ايران
من عبور المياه الدافئة في الخليج العربي نحو اليمن لتمكن جماعة انصار الله
الحوثية الموضوعة على قائمة الارهاب باختطاف الدولة من حكومتها الشرعية
ومدها بالاسلحة المتطورة من صواريخ باليستية وطائرات مسيرة وغيرها من
الاسلحة الثقيلة والمتوسطة فيصبح انصار الله بعدها وبفضل الدعم الايراني،
مصدر خطر على خطوط امداد الطاقة ومسارات نقل النفط للاسواق العالمية
ومهدد حقيقي لامن دول الخليج العربي.
العراق يختلف هنا عن بقية الدول في اصل ما يرغبه من نوعية لعلاقة حاكمة
بينه وبين امريكا في دورة الرئيس الحالي فحكومته ليست بمقدورها اتخاذ
القرار بمعزل عن ايران لذا فادارة منظومة العلاقات التي ترسم مستقبل العلاقة
بين الدولتين ستكون هشة ان لم تكن غائبة وتكون ظاهرة فقط وفق ما
تنشأ من ارهاصات لنوعية ما ستكون عليه العلاقة بين طهران وواشنطن وما
ستؤول اليها من نتائج بغض النظر كون النتائج تلك تصب بمصلحة العراقيين
ام لا.. انه القصور الذي رافق السياسة الخارجية للمسؤولين والقادة العراقيين
طيلة السبع عشرة سنة المنصرمة، عليه هم في فشل يتلوه فشل حتى غدت
دولتهم تعرف ب «الدولة الفاشلة . !!»
امريكا ماكانت عظيمة بسبب ادارتها الداخلية فقط بل ان
عظمتها تأتت من عمق ما تجذر لدى قادتها من وعي سياسي
وما اكتسبته من خبرات من قبل الرؤساء الاساف على مدى
200 سنة ساهم في تحصين قوة امريكا بفعل قسوة وضراوة
مصدات سياستها الخارجية، اي ان سر عظمة امريكا يكمن
في نجاحها بقيادة المنظومة الدولية وادارة ملف السياسيات
الخارجية الادارة الناجحة.
العودة من جديد
العمل بروح الفريق الواحد وانفاذ القانون حتى وان كان على
حساب حصانة الرئيس السابق وفيما قدم للمحاكمة في يوم
ما ، تحد اخر يقف امام الرئيس الجديد ، فعودة القناعات
بمكانة امريكا يتطلب التضحية ومزيد من العمل الدؤوب
والجاد لادارة الحالية ونسيان الاحداث التي رافقت اقتحام
مبنى الكابتول ، وفيما يبدو ان هناك مقدمات باتت تلوح
في الافق تتضح مما خرج من تصريحات لنواب جمهوريون
اكدوا على المضي قدما بطي صفحة الماضي والعمل مع
الديمقراطيين باحترام ساعة نشوء الاختاف فيما بينهم
وحسب ما صرحوا به. تعديل المسار يتطلب من بايدن اتخاذ
اجراءات عدة نعم سيوقع مزيدا من الاوامر التنفيذية وليس اخرها ماتم توقيعه
من ارجاع امريكا لاتفاقية باريس بشأن المناخ او الرجوع مرة اخرى لانضمام
امريكا الى منظمة الصحة العالمية ثم تنفيذه امر حظر بموجبه قرار السفر على
الدول ذات الاغلبية المسلمة .
ثم لندع قرارات بايدن الداخلية بشأن اجراءات جائحة كورونا ، نقول نعم مع هذا
فان المرحلة الحالية توجب على الرئيس اتخاذ مزيدٍ من الاجراءات على مستوي
السياسية الخارجية للانخراط اكثر في عودة قوية مع حلفاء الولايات المتحدة
الامريكية التقليديون والعمل سوية وفق رؤية موحدة تعيد هيبة امريكا وتزيد
من حضورها الدولي ويقوي من اقتصادها وفق اطر التنمية المستدامة على ان
لاتنسى ادارة بايدن ، العمل بسياسة اللين مع العماق الصيني في سياسة تكون
اخف بعض الشيء مما كانت عليه من حدة وقسوة بزمن الرئيس ترمب ، ثم
ان اراد التفوق على سابقه يكون عليه اتخاذ القرارات بدراية تنم عن دراسة
مستفيضة وبمسؤولية عالية وفهم عميق للمتغيرات المستقبلية الناشئة ، على
ان تكون صاحبت ارتدادات مؤثرة بمستوى قيمة الفعل الموجه ضدها وحتى
تبقى الامة الامريكية والعالم يفخر بمقولة « امريكا العظيمة . «
حتى تبقى امريكا عظيمة
(Visited 3 times, 1 visits today)