يوميات الشارقة للكتاب
ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024، استمتعالحضور بأمسية شعرية جمعت اثنين من كبار الشعراء المغاربة، الأستاذة الجامعية والشاعرة وفاء العمراني، والروائي والشاعرمحمد الأشعري، فيما أدار الأمسية الشاعر مراد القادري، رئيسبيت الشعر في المغرب.
واستهل القادري الأمسية بتسليط الضوء على مكانة الشعر المغربي باعتباره جغرافيا شعرية قائمة بذاتها، وقال: “الشعر المغربي متجذر في تاريخ طويل يعود إلى القرن الخامس هجري، وتواصل بروح متجددة عبر العصور“. وأشار إلى أن متون الشعر المغربيتتفاعل مع مرجعيات متعددة، سياسية وثقافية، إذ يُبدع شعراؤهقصائد بمختلف الألسن، من العربية والأمازيغية إلى الفرنسيةوغيرها من اللغات الأجنبية، ليشكلوا بذلك فسيفساء شعرية منفتحةعلى طيف واسع من النظرية والنقد، وهو ما أتاح لرموز هذا الشعرتطوير أعمالهم بشكل مميز ومتفرد.
وفاء العمراني: حنين الوطن وعمق المشاعر
وأبدت وفاء العمراني سعادتها بالمشاركة في هذا الحدث الأدبيالبارز، وقدمت للجمهور باقة من قصائدها من دواوينها الشهيرة، مثل ديوان “تمطر غياباً” وديوان “ابن البلد“، مشيرة إلى أن قصائدهذا الديوان الأخير كُتبت بعيداً عن الوطن، مما أضفى عليها بعداً وجدانياً عميقاً. وقرأت العمراني من قصيدة “ابن البلد“، تقول فيها:
“أبداً
ما غبتُ عنك
لا ولا نأيتْ
غيَّ بني الغياب فيكَ
حتى اختفيتْ
طوّفتُ أمصار الترحال
حللتُ عقدتُ
ضفائر الانتظار
وما نسيت
ولا اشتفيت
كأني لم أغادرني
لُحيْظةً
إلا إليكَ
ازورَرْتُ كبرياءً عنك“
محمد الأشعري: نشيد المدينة وأفق الحرية
أما الشاعر والروائي محمد الأشعري، الذي يتميز شعره بالوفاء للحرية والانتصار للقيم الإنسانية، فقد كان له حضور أضاء الحفل بنبضه الإبداعي الذي يستمده من شغفه بالفنون التشكيلية والسينما والعمارة. وقدم الأشعري قصائد من ديوانه “جدران مائلة“، إضافة إلى “أحوال بيضاء“، الذي أشار إلى أنه “نشيد لمدينة الدار البيضاء” التي تأسره وتحرّره في آن واحد على حدّ قوله.
وقرأ الأشعري مقطعاً من قصيدة “تقاسيم“، حيث يصوّر فيها بحثهعن مدينة ضائعة، ليست هي المدينة التي ابتلعها البحر أو اندثرتمنذ الأزمان، بل تلك المدينة التي تشاركه الحياة وتترك أثرها فيقلبه. وفيها:
“رغبتي جامحة
في العثور على مدينة ضائعة
ليست المدينة التي ابتلعها البحر
وليست المدينة التي اندثرت
منذ عهود سحيقة
وليست مدينة المستقبل
التي يمشي فيها الناس
بأمخاخهم الحافية
بل المدينة التي كانت
تمشي معي
وكنت أُحسّ يدها دافئة في يدي
ثم فجأة تركت لي يدها
وانسحبت
ذهبت خلفها الأصوات والأشكال
وطوت قوة سحرية شوارعها
على شكل زرابيّ ملفوفة
ونزلت مآذنها من زرقة السماء“
وعاش الجمهور لحظات استثنائية مع شاعرين من رواد الشعرالمغربي المعاصر، في أجواءٍ تسامت فيها الكلمات والأحاسيس، واستحضر فيها الحضور عالماً من الجمال والوجدان، محلقين علىأجنحة الإبداع الذي يعبر حدود الزمان والمكان.