**شمال شرق
عارف العضيلة || كاتب سعودي
لا خلاف إن الموقع الجغرافي الحيوي والمهم للعالم العربي كونه يتوسط قارات العالم. ويقع على طرق التجارة الحيوية العالمية ويربط الغرب بالشرق .. ويمتلك أهم السواحل واهم المضائق .. وكذلك القوة الشبابية المؤهلة التي ينعم بها العرب في ظل الشيخوخة التي تنتشر في أقوى إقتصاديات العالم .. وحاجتها الشديدة لليد العاملة الشابة والمؤهلة.
وأيضاً الخبرات والثروات الطبيعية التي وضعها الله تعالى في أرض العرب ..
والأهم الترابط الروحي والإنتماء الإجتماعي ووحدة اللغة والدين فيما بين العرب .. والأرث التاريخي والثقافي الذين يملكونه وكون أرض العرب هي مهبط ومقر الديانات السماوية.
كل هذه العوامل شديدة الأهمية. جعلت قوى المشرق والمغرب تتأمر ضد العرب ..
فأستحواذ العرب على كل هذه المصادر وتنميتها وتفعيلها بما يحقق مصالحهم القومية العليا .. سيظهر العرب كقوة عظمى .. منافسة جداً لقوى الشرق والغرب. لا سيما وأن العرب أسسوا في تاريخهم ثلاث دول. تصنف تاريخيا ً وسياسياً أنها من الدول العظمى (دولة الخلافة الراشدة – الدولة الأموية – الدولة العباسية) ..
ومن هذا المنطلق أستهدف الغرب بشكل مباشر العرب بالتخابر والتعاون مع الشرق في عدة مجالات والهدف هو إضعاف العرب وزرع الفتن والقلاقل في أوطانهم .. وتغذية الخلافات البسيطة وإعطاءها مساحات كبيرة. إضافة إلى تغذية الإختلافات العرقية والمذهبية فيما بين العرب.
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وظهور أمريكا كقوة عظمى في العالم .. أنتهى بشكل كبير الغزو المسلح والإحتلال المباشر للدول ..
بات الغرب يملك الكثير والكثير جداً من أدوات الضغط وتركيع الساسة والشعوب والأمم ..
أسس الغرب وسيطروا على المنظمات الدولية السياسية والصحية والإقتصادية .. ومؤسسات التنمية الدولية والإقراض .. وصناديق المنح والقروض ..
ووضعوا وشرعوا ما سموه بالإتفاقيات الدولية .. لتتحول شعوب الأرض جميعهم إلى دول مستعمرة على الطريقة الغربية الجديدة. ولم تعد تملك تحديد مصيرها بعيداً عن الغرب.
وكأدوات ضغط أمتلك الغرب أكبر وسائل الإعلام وأكبر مؤسسات توجيه الرأي العالم .. وأنفقوا بسخاء على مراكز الأبحاث التي تكشف لهم مصادر قوة وضعف الدول والشعوب والساسة ..
وبعد كل هذا أسسوا (العصا) الكبرى وهي الأحلاف العسكرية .. التي تتدخل عسكرياً إذا فشل الساسة بتنفيذ إجندات العبث السياسي حسب تسميتنا (مصالحهم القومية العليا) حسب تسميتهم ..
عبث الغرب والشرق في الواقع العربي الحديث كبير. ليس بدءاً بزرع (الكيان الصهيوني) وما تبعته من مؤامرات ودسائس أبرزها أحداث الحادي من سبتمبر والغزو الأمريكي للعراق ومؤامرات الربيع العربي وغيرها الكثير ..
رغم التداعيات الخطيرة للأزمة الكرواتية الساخنة جداً هذه الأيام على جميع أقطار العالم .. إلا أن العرب قد يكونوا أكبر المستفيدين من هذا ..
فقد صنعت الأزمة الأوكرانية مواجهة مباشرة بين الشرق والغرب .. مواجهة قوية. لم يعهدها العالم منذ عدة عقود ..
وحتماً فقد غيرت هذه الأزمة أولويات السياسي الغربي. فصرف عنه ولو موقتاً العرب .. وشرق أوسطهم الملتهب.
وأنصرف الغرب لوضع خططه وبرامجه وثقله السياسي والإقتصادي والعسكري صوب الشرق ..
وتحولت روسيا إلى عدو قوي. يحذره الغرب ويخشى يقضته الكبرى .. والتي حتماً ستغير لعبة المصالح السياسية.
الشرق يعتبر أوكرانيا سداً يجب أن يقوى لصد دسائس ومكائد الغرب.
وفي المقابل الغرب يرى أن أوكرانيا محيطاً مناسباً بالنسبة له لحماية مصالحه من الشرق.
الأهم إنه ومنذ عقود تكون الأحداث السياسية والعسكرية الكبرى بعيداً كل البعد عن العرب والعرب فقط مجرد متفرجون.