د احمد عدنان الميالي
تعرض مصطلح ومفهوم الكتلة النيابية الاكثر عددا لتجاذبات واشكاليات سياسيةوقانونية ولغوية استنزفت دلالتها وجوفت معناها، ورغم ان المحكمة الاتحادية حددتبتفسيرها عام ٢٠١٠ بانها الكتلة النيابية الاكثر عددا المتشكلة داخل مجلس النواب بعداداء اليمين الدستورية، الا انها تعرضت للسجال السياسي الحي، ففي الدورات النيابيةالسابقة كان السجال لاينحصر بدائرة التفسير المفاهيمي والوظيفي (كالكتلة الابويةوالفضاء الوطني والاغلبية السياسية والوطنية والشراكة والتوافق، فهذه تسميات جديدةلبضاعة قديمة)… بقدر ما تتعرض الكتلة الاكبر لسجال تحديد الهوية وصعوبة التشكلوتوسيع مدار التدخلات والمناورات والمساومات لدعم تشكيلها.
بعد مرور اكثر من ثلاثة اشهر على الانتخابات البرلمانية في العراق وانتهاء اعادة العدوالفرز يدويا ومصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات حسم مشهد تحديد هويةالكتلة الاكبر من قبل المحكمة الاتحادية يوم الخميس ٣–٢–٢٠٢٢، بعدما كان يراوح فيمكانه ليكون من حق الكتلة النيابية الاكثر عدداً تقديم نفسها عند انتخاب رئيسالجمهورية ، حسب قرار المحكمة الاتحادية ذي العدد 7 في 3 / 2 / 2022 الذي ثبت اليةتشكيلة الكتلة النيابية الاكثر عددا بانها الكتلة التي تتشكل من الاحزاب والقوائم المختلفةوتقدم لرئاسة مجلس النواب او ستقدم لاحقاً لحين انتخاب رئيس الجمهورية . بهذا القراراصبح بامكان الكتل السياسية لحين يوم 7 / 2 / 2022 ان تجمع تحالفاتها وتقدمه الىرئاسة البرلمان لتكون هي الاكثر عدداً ، وحقيقة هذا اتجاه دستوري سليم عالج اشكالياتكثيرة في التفسير السابق .
مع ذلك وبالرغم من ان هذا القرار سيدفع القوى السياسية الدخول الى مرحلة ترتيبالاوراق وفتح قنوات الاتصال مع بعضها خاصة القوى الثلاث : الكتلة الصدرية، تحالفالسيادة، والحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن ستكون المناورات محتدمة لتشكيل نواةالكتلة الأكبر وستبرز تعقيدات في مشهد التحالفات النيابية وبالتالي تعقيد مخاضاتتشكيل الحكومة.
هنالك عدة اسباب تعطل مشهد تحديد هوية الكتلة الاكبر واهمها التصارع على منصبرئيس الحكومة اذ تتقاذفه جهتان داخل المكون الشيعي لغاية الان مما شق وحدة صف هذاالمكون سياسيا اذ يتمسك الاطار التنسيقي بانه هو الكتلة الاكبر ومن حقه تكليف رئيسمجلس الوزراء، بالمقابل تتمسك الكتلة الصدرية بذلك، رغم ان هوية مرشحا هذان المحورانغير واضحة مما يعطي انطباعا بوجود مساحة للتفاهم والتلاقي لتجاوز من هو الكتلةالاكبر او الاندماج بكتلة واحدة، رغم توقع حصول معطيات جديدة قد تطرح اسماء مغايرةلما هو معلن ومتداول مثل حيدر العبادي ومصطفى الكاظمي وعادل مهودر ومحمد توفيقعلاي وقاسم الاعرجي..، وفقا لخريطة التفاهمات مع المكونات الاخرى وايضا موائماتداخل التحالفين الشيعيين، خاصة اذ ما تعرض الاطار التنسيقي الى التشتت وعدمالتماسك كون طبيعة تحالف قوى الاطار وغير منسجمة.
ومن الأسباب والظروف الاخرى المعيقة هو التدخلات المكشوفة في شؤون العراق خاصةفي قضية تشكيل الحكومة، اذ لن تسمح ايران بتشكيل اغلبية نيابية مخالفة لمصالحهاوتكون الأساسَ في اختيار رئيس الحكومة وتركيبتها لان العراق يعد عمق اساس للامنالقومي الايراني بكل مجالاته. وكذلك تعمل الولايات المتحدة الامريكية بضمان تكليفرئيس حكومة حليف لها ويعمل على تأمين مصالحها وضمان بقاء التواجد العسكري فيالعراق، واهم تلك المصالح هو محاربة النفوذ الايراني في العراق.
ولهذا تستمر ايران في العمل على حلحلة التصدعات داخل البيت الشيعي في الأيامالمقبلة لحسم هوية الكتلة الاكبر او تجاوزها وتقريب وجهات النظر، وهذا غير مستعبد.
وقد تفرض الظروف التئام اطراف المكون الشيعي لكن هذا لا يعني ان التفاهمات والقناعاتالمتبادلة على مرشح رئيس الحكومة سيضع نهاية للمتاعب داخل هذا المكون سياسيا،خاصة حول توزيع الحقائب الوزارية والمواقع العليا في الدولة.
تاخير تحديد هوية الكتلة الاكبر وعدم الاتفاق على تسمية رئيس الحكومة بشكل مستمرفي كل دورة نبابية… يثبت بلا شك ان منهج المحاصصة أخفق في بناء الدولة في العراق،ولو كانت التحالفات قائمة على اساس البرامج الخادمة للمواطن لتقنن التكالب والصراععلى السلطة ولاعلن عن هذه التفاصيل منذ اول يوم بعد اعلان نتائج الانتخابات، لكنالتحالفات قائمة على اساس المصالح الفئوية، ولادارة هذا التصارع تلجأ وتسمح الاحزابوالقوى السياسية بتغليب التدخل الخارجي الذي يشمل عدة أطراف دولية وإقليمية ممايزيد من الإرباك والتأزم، بحيث يصبح النفوذ الاقليمي والدولي شريك في العمليةالسياسية لا متدخل فقط، ولهذا يعيش العراق على وقع أزمات حكم تعيق امكانية إعادةبناء الدولة بكل معنى الكلمة.
ووفقا لذلك يتجسد الحل بالتوجه نحو حكومة اغلبية ووجود معارضة فاعلة تراقب هذهالحكومة لتأسيس فعل سياسي جديد يغادر مشاركة الجميع في السلطة مع التشفيوالتطير ، ومن يحسم ذلك تحديد هوية الكتلة النيابية الاكبر والسماح لها اذا مااعلن عنهابالخوض في تشكيل الحكومة وتحملها المسؤولية بكل تفاصيلها ، وافضل المشاهدالمحتملة هو ان لايشارك كل الشيعة والسنة والكرد في الحكومة بل جزءً منهم ويراقب الجزءالاخر الجزء الحاكم وهذه اهم مسارات الاصلاح والبناء الحقيقي للدولة والمؤسسات.